محمد علي مقلد لـ«جنوبية»: الثورة تستعيد قوة اليسار.. والعهد القوي بإحترام الدستور

مسيرة صور
كاتب وناقد، وناشط يساري، وله مؤلفات وترجمات عديدة أبرزها: الأصوليات، ودراسة في معوّقات النهوض العربي، واليسار بين الإنقاذ والأنقاض، وأزمة اليسار اللبناني، واغتيال الدولة، والشيعية السياسية. ويشارك في العديد من الأنشطة الفكرية والثقافية والسياسية.

في وصفه لحال اليسار اللبناني ما بعد 17 تشرين الأول 2019، يرى الدكتور محمد علي مقلد أن “اليسار استعاد في هذه الثورة موقعه، وإن كانت إستعادة جزئية، كطرف أساسي من أطراف قوى التغيير التقدمي، اذا صح التعبير، لكن هذه الاستعادة، ليست نهائية ولا جذرية، بل هي محاولة وبداية الطريق نحو الاستعادة الكليّة لهذا الموقع”. 

استعادة لدور اليسار

ويلفت إلى أنه “إذا استمر اليسار عموما والحزب الشيوعي بشكل خاص في الجنوب في هذه المواقف الداعمة للإنتفاضة وللحراك في تحركاتها بشكل خاص في منطقة الجنوب سيظهر دور اليسار واضحا لأنه هو الوحيد القادر على التعبير عن حالة الإعتراض في الجنوب في ظل غياب القوى السياسية الحزبية الأخرى، ذلك أن الذين يشاركون في الثورة في المناطق متاحة لهم ظروف التحرك أكثر من الحزب الشيوعي كمناطق الجبل المسيحي والدرزي، والمنطقة التي يوجد فيها الكتائب والقوات أو في المناطق التي توجد فيها الأحزاب الأخرى كتيار المستقبل”. 

اقرأ أيضاً: مَرْحَب حميّة لـ«جنوبية»: صامدون في ساحة المطران رغم الظروف القاسية

البرنامج الوحيد المستمر: تشكيل حكومة من مستقلين، وقانون جديد للانتخابات وانتخابات مبكرة ومحاسبة الفاسدين واللصوص

ويوضح “طبعا الكلام عن الجمهور العريض غير المتحزّب هو صحيح، وربما له دور كبير في  استنهاض وضع اليسار”. ومن ناحية أخرى “يحاول اليسار اليوم أن ينظّم صفوفه من جديد حيث أعلن البارحة عن تنظيمين أو تجمعين، الأول في فرن الشباك والثاني في مسرح المدينة، وفي الإجتماعين العنصر الأساسي هم من خريجيّ اليسار والحزب الشيوعي أو على الأقل الأول الذي في فرن الشباك هو من خريجي الحزب، والثاني عُقد بإدارة ووجود مباشر للحزب وبقياداته العليا كالأمين العام حنا غريب”.

تنازلات قدّمها الحزب الشيوعي

وقد ساعد برأيه على هذه الاستعادة “موقف القوى الرجعية المناهضة للثورة التي إعتدت على الشيوعيين في أكثر من مكان، رغم كل ما بذله الحزب الشيوعي لممالأة القوى الرجعية قوى الثورة بالقول الدائم أن الحزب الشيوعي يناصر المقاومة، وأن دعوة إسقاط الحكومة هي دعوة لأجل تشكيل حكومة تستجيب لمطالب الثوار وتدعم المقاومة. هذه التنازلات التي قدّمها الحزب الشيوعي رغم كل ذلك حصلت الإعتداءات عليهم في ساحات صور والنبطية وفي وسط البلد”.

دور اليسار الرائد في قيادة التحرك

ويشدد مقلد أنه “إذا استمر موقف اليسار على هذه الحال يستطيع الحزب الشيوعي لملمة صفوفه، وأن يستعيد دوره الرائد في قيادة التحرك أو على الأقل في الإنخراط في هذه الثورة، ولكن الشرط الوحيد المتبقيّ بالسياسة هو اعتقاده الراسخ بأن هذه الثورة ليست ثورة طبقيّة بالمعنى القديم للكلمة، أيّ أنها ليست ثورة الفقراء ضد الأغنياء، بل هي ثورة الشعب اللبناني ضد الفاسدين والمفسدين، وثورة الشعب اللبناني من أجل قيام دولة القانون والمؤسسات”.

الفصل الأول من الثورة انتهى بانجازات كبيرة جدا

وعن عدم محاسبة الثورة للمسؤولين في السلطة عن الفساد حتى اليوم، يلفت الدكتور مقلد بالقول “الثورة انطلقت في 17 تشرين الأول، ولم تصل بعد إلى نهايتها رغم مظاهرالهدوء الظاهر على سطح الأحداث حيث تراجع حجم التحركات الشعبية، إن الثورة لم تنته بعد ولا تزال في بداية طريقها، وهي مطالبة باعادة تنظيم صفوفها من جديد للدخول في المرحلة الثانية، وقد اسميتها في أحد مقالاتي “أنهت الفصل الأول وها هي الآن تبدأ الفصل الثاني من مهماتها”. 

لم ترفع الثورة أيّ علم فئوي أو حزبي

ويردف قائلا “الفصل الأول انتهى بانجازات كبيرة جدا الأبرز فيها هو اسقاط الحكومة وهو الظاهر، لكن الإنجازات الكبرى كانت منها هذه الوحدة الوطنية التي عبّر عنها جماهير الشعب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، رفضا لما عمّمته السلطة السياسية على اللبنانيين، ورفع علم واحد  ولم يُرفع أيّ علم فئوي أو حزبي، وكان هناك داخل كل حزب تمّرد على الصيغ القديمة للتحركات بهذا الشكل الواضح”.

محمد علي مقلد
الدكتور محمد علي مقلد

أسقطت الثورة قداسة السلطة 

فضلا عن ذلك “مستوى الوعي السياسي للأجيال الجديدة حيث شكّل الضمانة للثورة للإستمرار في تحقيق غاياتها. والوضوح بالبرنامج، فحتى الآن لم يخرج أيّ واحد رغم تعددية الحراك والشعارات والمطالب الكبيرة جدا بدءً من المطالب الشخصية كالحصول على لقمة العيش والمسكن والعلاج وغيرها، وهي مطالب متعددة لكن تحت اطار برنامج واحد هو محاكمة المفسدين والمسؤولين والعودة الى حكم الدستور والقانون ومحاكمة من انتهك القانون، إضافة إلى تجرؤ الناس على السياسيين، والذي كان محرّما قوله، بوسائل الإعلام أو غيرها كان إذا إنتقد أحد المواطنين أحد المسؤولين كانت تبادر السلطة إلى اعتقاله، باعتبارهم محاطة بنوع من القداسة”.

مطلوب من كل النقابات ان يشكّلوا صيغة من التنظيم تجمع صفوفهم لمساعدة الثورة والدفاع عن الحريات

ويشرح مقلد أن “البرنامج الوحيد المستمر المتفق عليه، والذي استمرت الثورة تناضل تحت رايته هو بعناوين واضحة كتشكيل حكومة من مستقلين، وقانون جديد للانتخابات، وانتخابات مبكرة، ومحاسبة الفاسدين واللصوص وناهبي المال العام، والعمل من أجل تعزيز استقلالية القضاء. 

إنجاز قضائي

ولكن إلى اليوم لم  يحاسب أحد “فالمعركة كما لاحظنا مجلس القضاء الأعلى استطاع أن يمنع الحكومة من التدخل بشؤونه على الأقل ما نراه حتى اليوم، من تصريحات المسؤولين حيث شكى المجلس من تدّخل المحامين حيث نجح المجلس بإقصاء الحكومة والسياسيين من التدخل بشؤونه فهل سيسمح للمحامين بالتدخل بشؤونه؟”. 

تأسيس السلطة على أسس جديدة

ويلفت إلى أن “هذا انجاز كبير، لكنه غير كاف، وهو مرحليّ، وأعتقد أن الثورة ستستمر بالضغط على الحكومة، كونه مسار طويل، لن يتوقف إلا حين يحقق انجازه الأكبر من خلال إحداث تعديلات على مستوى السلطة دون أن نتوهم أن هذا الحراك سيقوم بايصال مسؤولي الحراك إلى السلطة أو أنه سيوصل الفاسدين إلى السجن، ربما سيضحي السارقون الكبار ببعض الأزلام وسيدفعونهم الثمن، ولكن سيُعاد تأسيس السلطة على أسس جديدة، لكن ليس في القريب العاجل”.

اقرأ أيضاً: حسن صبرا لـ«جنوبية»: الثورة عرّت مسؤولين تسببوا بإنهيار أخلاقي ومالي    

لإعلاء صوت المثقفين للدفاع عن الحريات العامة

وعن انحدار مستوى الحريات في هذا العهد الذي سمى نفسه (قويا) يوضح مقلد بالقول “اكتفي بالقول بالتضامن مع الإعلاميين والناشطين بكل المجالات على وسائل التواصل وفي الساحات أو في المظاهرات، ومن يعبر عن رأيه، ونحن بصدد اعلان عن رابطة للأدباء والكتّاب وأحد مهامها وهدفها والحافز لتشكيلها هو اعلاء صوت الأدباء والمفكرين والمثقفين للدفاع عن الحريات العامة والحريات الإعلامية بشكل خاص، وهذا يتطلب من كل النقابات ولاسيما نقابتا الصحافة والمحررين، واتحاد الكتاب اللبنانيين، ونقابات الفنانين، والمهن الحرة عليهم أن يشكّلوا صيغة من التنظيم تجمع صفوفهم لمساعدة الثورة والانخراط بها أكثر وللتضامن أكثر والدفاع عن الحريات عموما”.وختم بالقول “أما عن العهد القوي فليس لديّ ما اضيفه عن العهد القوي أو الجمهورية القوية أو المجلس النيابي القويّ. ويكون العهد قويا بمقداراحترام القانون والدستور، ومن ينتهك القانون والدستور فهذا يعبّر عن ضعفه وليس قوته”.

السابق
«المركزي» ملتزم دعم استيراد الضروريات رغم استنزاف احتياطاته بالدولار
التالي
بالفيديو: توتر داخل أحد المصارف.. وقوى الأمن تتدخل!