«التوتاليتارية» اللبنانية.. لا ترحب بكم!

الحكومة اللبنانية

قد لا يكون مبالغة القول أن لبنان ينزلق بسرعة نحو نظام توتاليتاري، فالأسبوع الماضي شهد ثلاث محطات على هذه الطريق تمثلت الأولى بنصب تمثال لقائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني الذي قتل كما هو معروف في هجوم أميركي بالعراق، في بلدة مارون الراس الجنوبية قبالة الحدود مع العدو الصهيوني دون أي تصريح أو حتى علم وخبر للدولة اللبنانية ولو بالشكل، هذا التصرف الأحادي من قبل فريق الدويلة بكل ما يمثله من  عنجهية وإستكبار على الشعب اللبناني ومؤسساته، إنما هو تعبير صارخ عن نهج شمولي ينتهجه هذا العهد برعاية عرابه ومرشده السياسي.

اقرأ أيضاً: «الثنائية الشيعية».. «رياضيات سياسية» خارج «الروح الرياضية»!

هذه المحطات تؤكد هذا النهج الشمولي هو مناسبة ذكرى ميلاد رئيس العهد الذي لم يسبق لنا في لبنان حتى في أسوأ عهوده الرئاسية أن إنتبه أحد منا لميلاد رئيس البلاد

نظام كيم جونغ

ثاني هذه المحطات التي تؤكد هذا النهج الشمولي هو مناسبة ذكرى ميلاد رئيس العهد الذي لم يسبق لنا في لبنان حتى في أسوأ عهوده الرئاسية أن إنتبه أحد منا لميلاد رئيس البلاد، فضلا عن الإحتفال به في المدارس الأمر الذي شهدناه في هذا العهد الذي بات يذكرنا بالأنظمة التوتاليتارية الأبشع في العالم كنظام كيم جونغ أون في كوريا الشمالية، وغيره من الأنظمة في منطقتنا والعالم بل تخطينا هذه الأنظمة لنصل حد تغيير كلمات النشيد الوطني ليحل محله ويتحول إلى نشيد للحاكم وهو ما يمثل المحطة الثالثة التي شهدناها في أسبوع واحد في الوقت الذي ينشغل المواطن بكيفية تأمين لقمة عيشه في ظل وضع سياسي وإقتصادي وإجتماعي منهار وسط التضخم وغلاء الأسعار وبداية نقصان في بعض السلع جراء التضاؤل في إحتياطي العملة الأميركية في البلد.

تصرفات فردية

قد يقول قائل بأن هذه المحطات الثلاث كانت عبارة عن تصرفات فردية وموضعية من قبل الأحزاب الموالية والداعمة ولم تكن تصرفات دولة وعلى مستوى وطني عام ، لذلك يجب عدم إعتمادها كمؤشر سياسي وطني ، الرد على هذا المنطق يقتضي الإشارة إلى أن الأمر لا يقتصر على هذه المحطات الثلاث، وتكفي الإشارة إلى تصريحات القيادات والكوادر والمناصرين للتيار الوطني الحر “الحاكم” وممارساتهم حتى يتبين بأن هذه التصرفات باتت تمثل نهجا وطريقة حكم خاصة في ظل التنمر الحاصل على الناشطين والثوار الذين يستدعون تباعا إلى القضاء بسبب إبداء رأي على وسائل التواصل الإجتماعي أو تصرف صدر عنهم إبان ألأحداث التي ترافق الثورة، وما إستدعاء الناشطة ملك علوية إلى المحكمة العسكرية لمساءلتها عن الدفاع عن نفسها أمام بلطجة وتشبيح حراس ومرافقي الوزير أكرم شهيب في بدايات الثورة، إلا دليلا إضافيا على سلوك هذا النهج البوليسي والأمني المتبع مع أحداث البلد وتطوراتها في غياب أي معالجة سياسية جدية لكل هذه المشاكل التي جعلت الناس تخرج في 17 تشرين الأول ولا تزال في الشارع دون أي إحساس بالمسؤولية من قبل هذه السلطة وداعميها.

حالة الإنهيار والإفلاس التي نعيشها اليوم والتي إن إستمرت ستودي بنا وببلدنا إلى النهاية

“مرقلي تمرقلك”

تجري كل هذه الممارسات البوليسية ضد الثوار خاصة، في الوقت الذي لم نرَ أي تحرك بالمقابل لإستدعاء اي من البلطجية والشبيحة الذين إعتدوا على الثوار والناس في الساحات وبعضهم معروفون بالإسم والصورة الأمر الذي يؤكد بأننا بتنا أو على وشك أن نكون في نظام شمولي أمني يعتمد عبادة الشخصية ويختصر كل مؤسسات البلد في شخص أو شخصين في نظام تحاصصي تبادلي على قاعدة “مرقلي تمرقلك” عبر تسليم سيادة البلد وسياسته الخارجية لحزب الله أحد طرفي التفاهم الذي أضحى نظاما حاكما، مقابل إطلاق يد العهد وتياره في حكم البلد عبر المحسوبيات والنفخ في الذات العونية ومن بعدها الباسيلية على حساب المصلحة الوطنية المتمثلة بإحترام الدستور وحقوق باقي المكونات الأخرى في البلد وإحترام تمايزها عن العهد وسياساته وهي تمثل شرائح عدة من الشعب اللبناني الذي هو وحده مصدر السلطات كما نص الدستور.

اقرأ أيضاً: حسن صبرا لـ«جنوبية»: الثورة عرّت مسؤولين تسببوا بإنهيار أخلاقي ومالي

إن هذه الممارسات والتصرفات البعيدة كل البعد عن ثقافة وحياة الشعب اللبناني، والتي تنم عن فاشية سياسية مدعومة ومغطاة من سلاح يمثل محورا في المنطقة تتناقض مصالحه مع مصالح غالبية الشعب اللبناني، إنما هي ممارسات لن تؤدي إلا إلى تصاعد التوتر السياسي والإجتماعي والأمني في البلد وهو ما لم يعد يتحمله مجتمعنا الذي أوصلته مثل هذه الممارسات الممتدة أقله منذ العام 2008 بعد  إتفاق الدوحة وتطبيقاته الخاطئة، إلى حالة الإنهيار والإفلاس التي نعيشها اليوم والتي إن إستمرت ستودي بنا وببلدنا إلى النهاية التي سيتحمل مسؤوليتها أمام الناس والتاريخ هذا التيار وهذا العهد وداعميه والمطبلون له لغايات في أنفسهم ليس بينها بالتأكيد مصلحة لبنان واللبنانيين.

السابق
بالفيديو.. مسيرات «ستدفعون الثمن» انطلقت: الفقر والجوع أسوأ من «كورونا»!
التالي
بالفيديو: هذه هي مزايا الكمامة n 95 للوقاية من «كورونا»!