أسعد حيدر مع الخميني: زمن الذكريات الإيرانيّة «الرسمية».. الجميلة

غلاف كتاب

مُقرَّب من الإمام الخميني

الحياة المهنيّة للكاتب اللبنانيّ والمحلِّل السياسي في الشؤون العربية والإيرانية والدولية أسعد حيدر، مكَّنتْهُ، وفي سياق أحد مفاصلها الأساسيّة، من أن يكون مُقرَّباً جداً من الإمام الخميني، ومعظم قادة الثورة الإسلامية في إيران، إذْ قُدِّر لحيدر أن يتعرّف إلى الإمام الخميني، منذ ما قُبيل قيام الإمام بثورته.

اقرأ أيضاً: في ذكرى «انتصار» ثورة إيران.. فشل ذريع من المحيط إلى الخليج!

ولقد أجرى حيدر، لقاءات حواريّة عدة، مع الإمام الخميني، وقادة آخرين للثورة الإيرانيّة، دارت كلها حول الوضع في إيران بعد قيام الثورة. ووقائع هذه اللقاءات، إلى جانب فحوى ذكرياته الإيرانية (المتعلّقة بالشخصيات الإيرانية التي عرفها وربطته بها علاقة وطيدة ومديدة، هذه الذكريات، المتعلّقة، أيضاً، وفي جانب منها، بالشخصيات غير الإيرانية، التي عرفها أيضاً، وربطته بها علاقة مماثلة، وكان لها دور بارز، في الشأن السياسي الإيراني ما بعد الثورة، كالسيد هاني فحص مثلاً)، أصدرها حيدر في كتاب يحمل عنوان: “أيام مع الإمام الخميني وبدايات الثورة”، (من منشورات “دار الفارابي” في بيروت، الطبعة الأولى 2020). وعليه، فلقد جاءت محتويات هذا الكتاب موزَّعة على ثلاثة أُطُر: إطار (كقسمٍ أوّل) يضمّ 19 محوراً، يليه إطاران جاءا في قسمين: الأول يحمل عنوان: “المقابلات”؛ والثاني موسوم بـ”شخصيات عرفُتُها”.

كتابي هذا يجمع ذكريات ومقابلات مع شخصيات رسمت معالم كثيرة لإيران

محتوى الكتاب

ويضم مجمل الكتاب أكثر من ستّين محوراً، كلها محاور رئيسية، شكّلت كامل متنْ الكتاب. ومما يقوله المؤلِّف في مقدمة الكتاب: عرفت الثورة الإسلامية في إيران منذ أيامها الأولى، وتعرّفتُ على مُطلِقها ومعظم قادتها عن قرب. وها أنا اليوم أستعيد ذكرياتها وأعيد رسم شخصياتها وأنتقي بعضاً من أبرز المقابلات التي أجريتها في طهران التي كانت تغلي بالآمال ويغلي معها العالم لمعرفة مآلات هذا التحول الكبير في المشهد الإيراني. لذلك فإن كتابي هذا ليس بحثاً معمّقاً عن الثورة.

هذه المهمة تولاها كثيرون غيري ممن عرفوا أو لم يعرفوا الكثير عنها، وإنما هو انتقاء اختياري لذكريات ومقابلات مع شخصيات رسمت معالم كثيرة لإيران قبل أن تطرح في يومنا هذا أسئلة كثيرة حول إرث هذه الثورة وما بقي منها.اتهمني العديد، ومنهم أصدقاء وزملاء، بالانحراف عن خط الثورة. تقتضي الأمانة أن أقول، وهو ما اوضحته في القسم الأول، إني لم أنحرف لأنني لم ألتزم أساساً. أعجبت بالثورة، صحيح، وعاصرتها وعشت الكثير من تفاصيلها، لكني بقيت على إيماني بعروبتي وأمتي العربية وأيقنت ضرورة قيام تحالف عميق وقوي مع إيران، لمواجهة إسرائيل بقوة.أعتقد أن الإمام الخميني الذي اقتربت منه كثيراً، أدرك منذ لقائنا الأول نزوعي العروبي، والتقط انتمائي بسرعة وعمق فقال عني “إنه قومي عربي متعصب ولكن صادق”.وما هذا إلا لأنني لم أحاول ادعاء ما ليس فيّ وليس عندي، فأنا كنت إلى جانب الإمام الخميني في “نوفل لو شاتو” (مقرّه الفرنسي) يوم كان العدد قليلاً من حوله. لم أحاول ادعاء ما ليس فيَّ، فأنا لم أصلِّ خلفه كما لم أقل أو أكتب يوماً أنه “قائدي”.

لا شرقية ولا غربية

لعلّي أُعجبت بالشعارات الأولى التي أطلقها وتبنيّتها وكتبت عنها، وأبرزها: “لا شرقية ولا غربية” و”لا سنية ولا شيعية”….تعلّقتُ بالثورة الناشئة، كما الكثير غيري على امتداد الوطن العربي ومحيطه، بفضل الأمل الواسع الذي أنعشته بداية، بقيام تحالف عميق وصلب بين إيران والعرب أو حتى بعضهم. كان وجود شخصيات مؤثرة مثل آية الله حسين منتظري وابنه محمد ومحمد صالح الحسيني وغيرهم يشجّع على هذا الأمل… لكن اندلاع حرب العراق – إيران شكلت فعلاً تحولاً مفصلياً، وكانت حرباً خاسرة للطرفين ولكل إمكانية لقيام تحالف عربي – إيراني خصوصاً.صار يقيني أكثر تجذراً بأنه كلما تقدم مشروع الدولة – الخامنئية خطوة إلى الأمام، تراجع المشروع الذي حلمنا وآمنا به بقيام تحالف عربي – إيراني خطوتين إلى الوراء.خلال سنوات الحروب الطويلة، تهاوى أولاً الشعاران الكبيران: “لا شرقية ولا غربية” و”سنية ولا شيعية” وتحول شعار تصدير الثورة إلى حروب مباشرة جرى خلالها استقدام ميليشيات أفغانية وباكستانية وأخرى عراقية إلى مناطق الحروب خارج إيران، وأقحم حزب الله فيها ليخسر الآلاف من أفضل مقاتليه…

كنت إلى جانب الإمام الخميني في مقرّه الفرنسي بين قليلين كانوا حوله

قراءة موضوعية

إن أي قراءة موضوعية تؤكد أن كل خطوة للدولة الجديدة في هذا المشروع غرقت أكثر فأكثر من مستنقع الصدام مع محيطها العربي والإسلامي.مهما قيل عن الأسباب التي دفعت الدولة الإيرانية للتدخل في سوريا لمصلحة الرئيس بشار الأسد، فإن النتيجة واحدة وهي تعميق الخلاف الشيعي – السني وتعميده بالدماء المهدورة في مقتل نصف مليون سوري وتدمير أجزاء كبيرة من سوريا، لا يعرف أحد كيف سيعاد بناؤها وبأموال من؟ أيضاً وهو الأخطر أن شعار “تصدير الثورة” الذي فهمناه تصديراً فكرياً وسياسياً، تحول إلى مشروع عسكري رأس حربته “الحرس الثوري” الذي أنشئ لحماية الثورة لكنه بعد أربعة عقود أصبح ممسكاً بالاقتصاد وبالدولة وبقرار الحرب والسلام مباشرة أو طريقة غير مباشرة.

اقرأ أيضاً: سرديّة الجُرح الفلسطيني تُحاكي ممارسات الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي

لا أخفي أبداً رغم كل ما حصل تعلقي بإيران وبأن يعود الحلم إلى الواقع. ذلك أن “زهرَتيْ” حياتي شيرين ونادر نصفهما من ناحية والدتهما إيراني ونصفهما الآخر لبناني وفرنسي. ثم إني أمضيت أربعين عاماً ألاحق الأحداث الإيرانية يومياً، غير آبه بما يقال عني من قبل بعض الأطراف بأني ضد إيران، أو من أطراف اخرى بأني عميل لها، فمن اجتمع ضده الاتهامان يُدرك أنه في الطريق القويم المستند إلى ضميره قبل كل شيء. أحببت وما زلت أحب إيران لكني ما زلت راسخاً وأكثر من أي وقت مضى في انتمائي العروبي وفي حرية قلمي ودقته…

السابق
«حزب الله» يبيع أبناء بيئته.. من «كيسهم»!
التالي
بالفيديو: إنطلاق مسيرة «لن ندفع الثمن» ضد الحكومة..إدفعوا «اليوروبوند» من جيوبكم!