سرديّة الجُرح الفلسطيني تُحاكي ممارسات الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي

غلاف كتاب

من خلال نظرته الخاصّة، إلى الجراح الجسديّة، الناتجة بطبيعتها عن الحروب، فإنّ الطبيب الفلسطيني الدكتور غسّان أبو ستّة، أوحت له خبرته التأمليّة الطويلة في جراح من عالجهم من جرحى الحروب، باكتشاف ما يسمّيه “سرديّة الجرح الناتج عن الحرب”، إذ إنّ أبو ستّة، استشفّ – ومن خلال كونه طبيباً في حقل النزاعات – هذه السرديّة، التي تتصدرها سرديّة الجرح الفلسطيني، هذا الجرح الذي لما يزل ينزف بغزارة، منذ العام 1948 إلى اليوم، وبما أنه جرح ناتج عن مقاومة الاحتلال، لذا كان له سرديّته الخاصة والطويلة.

اقرأ أيضاً: تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى: هكذا أنهت الديبلوماسية الفرنسية «عناقيد الغضب»!

سرديّة تحليليّة

وهي السردية التي ارتأى أبو ستّة أن يضعها قيد التّداول، إذ عمد إلى طرحها على بساط البحث كسرديّة تحليليّة لما يسمّيه “السياسة الحيويّة الإسرائيلية”. وذلك في الكتاب الصادر حديثاً لغسّان أبو ستّة وميشال نوفل عن “دار رياض الرّيسّ” في بيروت، تحت عنوان: “سرديّة الجرح الفلسطيني (تحليل للسياسة الحيويّة الإسرائيليّة”، (وفي طبعة أولى 2020).

مؤلِّف الكتاب هو طبيب معنيّ بسرديّة الجسد الفلسطيني الجريح على مدى سنوات احتلال فلسطين

شخصيته عالمية رائدة

وأبو ستّة الذي – وكما تفيد مقدّمة الكتاب – صار شخصيّة عالميّة بسبب ريادته وفاعليّته في حقل طبّ النزاعات، هو دائم الإنشغال في عمليات جراحيّة مثلما هو دائم التّرحال في مبادرات ميدانيّة، سواء في فلسطين وجوارها العربي، أو على الصعيد العالمي.

محتويات الكتاب

وهذا الكتاب، مستهلٌّ بتمهيدٍ نظريّ للموضوع، وجاء متنُهُ في خمسة فصول، تسبقها مقدِّمة، وتليها خاتمة.يبدأ هذا الكتاب برواية سيرة الدكتور غسان أبو ستّة بوصفه طبيباً معنياً بسردية الجسد الفلسطيني الجريح، منذ حرب النكبة (1948) حتى حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة.ويتقصى الكتاب في الفصل الأول، الأعمال الميدانية للطبيب الأنتروبولوجي الملتزم وأبحاثه النظرية التي تجعله رائداً في مجال طبّ النزاعات، إضافة إلى تطبيقات السياسة الحيوية التي تنزع إلى إدارة صحة المجتمع الفلسطيني للتحكيم بمفاتيح حياة أفراده، وذلك للتوصل إلى فهم أفضل لأبعاد السلطة الحيوية التي يمارسها الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.

وينقلنا الكتاب بصورة طبيعية إلى الفصل الثاني المتعلق بحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة، وذلك لكون محنة القطاع تندرج في سياقات النكبة.

ويعرض الفصل الثاني وقائع تبين أنه خلال حرب 2008 تعمّدت إسرائيل ضرب القطاع بمليون ونصف مليون كلغ من المتفجرات، لكن هذه الحرب تميزت بأن الجيش الإسرائيلي استخدم فيها نوعاً جديداً من الفوسفور يُقذف من الجوّ أو البرّ ويسبّب تشوّهات كبيرة نتيجة لقوّة الاحتراق.

ويتناول الفصل الثالث “الجرح وقيمته المعنوية”، الفرضية القائلة إنه في لحظة تلقي الإصابة يزرع السلاح في الجسم رواية تلازم جرحى الحرب طوال حياتهم، فتحمل رواية الجرح في داخلها رواية الحرب نفسها.

ويحاول الكتاب تحليل أزمة النظام السياسي الفلسطيني وعجزه أمام توحّش الاحتلال

ويُبيِّن هذا الفصل كيف ان النخبة السياسية الحاكمة، تُحدد القيمة السياسية لإصابات الحرب استناداً إلى درجة توافق السردية السياسية للجرح مع مشروعها السياسي أو ابتعادها عنه، وهو الأمر الذي يجعل القيمة السياسية للجرح تختلف طوال حياة الجريح، حسب تغيّر مآل المشاريع السياسية، والنخبة التي تقود تلك المشاريع، وبالتالي تتحوّل هذه القيمة السياسية إلى المعيار الرئيسي الذي يُحدّد توافر الرعاية الصحية للمريض أو حجبها.

اقرأ أيضاً: قصائد «شاعر الأحزان» إلى الرسول وآله.. و«حبيبته» بنت جبيل!

أما الفصل الرابع، فإنه يحاول تحليل أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وهو موضوع سجالي بامتياز، إذ تراوح الأزمة السياسية الراهنة في فلسطين، بين العجز أمام توحّش الاستيطان الصهيوني الآخذ في ابتلاع الأرض المحتلة، وتكريس دولة الأبارتهايد، وسط الانقسام والتباعد بين السلطتين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

أما الإضافة التي يأتي بها الفصل الخامس الذي يعرض لتداعي النظام الصحي العربي وإدارة إسرائيل للسياسة الحيوية، فهي الدفع نحو تطوير الأبحاث في حقل الأنتروبولوجيا الطبية العربية، ونحو فهم أفضل للتطبيقات الإسرائيلية في مجال السياسة الحيوية والتحكّم بصحة الشعب الفلسطيني وحياته.

السابق
تعليمات «فاضحة» لمواجهة الثوار.. «الدفاع الأعلى» يدعو الأجهزة الأمنية لاستباق الأحداث التخريبية!
التالي
يارا تنفي شائعة زواجها «المدني» من رجل الأعمال فيليب زيادة!