في ذكرى «انتصار» ثورة إيران.. فشل ذريع من المحيط إلى الخليج!

الثورة الاسلامية الايرانية
يحتفل الشعب الإيراني والدولة الإيرانية في هذه الأيام بالذكرى الواحدة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية التي فجَّر بركانها آية الله السيد روح الله الموسوي المصطفوي الخميني في وجه حكومة وسلطة شاه إيران محمد رضى بهلوي والأسرة البهلوية، هذه الثورة التي غيرت وجه المنطقة بنسبة كبيرة، لتعيش بعدها إيران وشعبها مخاضاً عسيراً ما زال الإيرانيون وشعوب المنطقة يدفعون ثمنه حتى يومنا هذا .

فقد اختارت إيران بعد الثورة المواجهة مع الغرب – وبالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية – بعدما كانت قبل الثورة شرطياً للخليج في الحسابات الأمريكية والغربية، مع العلم ان اميركا والدول الغربية كانوا أول المحتفلين بانتصار الثورة وعودة الامام الخميني الى طهران، في حين ان الشاه الذي غادر بلاده مهزوما، اتهم أميركا بالخذلان والخيانه لصالح من وصفه الاعلام الفرنسي برجل الدين المنقذ، وان انتصاره، اي انتصار الخميني على الشاه هو انتصار الروح على المادة.

وما يعنينا في ذكرى انتصار الثورة الخمينية على الشاهنشاهية هو الحديث عما هدرته الدولة الإيرانية بعد انتصار الثورة من مقدرات الأمة بسبب أخطاء وفشل سياساتها الخارجية في دول المنطقة…

اقرأ أيضاً: واشنطن تسحب «وكالة» الملف السوري من موسكو

المشهد الفلسطيني

ففي المشهد الفلسطيني بدأت الثورة بدعم المنظمات المسلحة الفلسطينية مادياً ومعنوياً، ولكن نتيجة هذا الدعم كانت مزيداً من الخلافات والانقسامات بين هذه المنظمات على القضايا الاستراتيجية والمصيرية، ومزيداً من الصراعات الدموية والتقاتل الداخلي، ومزيداً من الاختلاف على وسائل التعاطي السياسي  والدبلوماسي والإستراتيجي، فكانت الاتفاقات المنفردة بين الفلسطينيين وإسرائيل التي دامت لثلاثة عقود من الزمن، لتعود هذه الاتفاقات وتحتضر في هذه الأيام نتيجة استنزاف الشعب الفلسطيني بها لفرض خيار السلام غير العادل وغير الشامل عليه بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وضم أراضي الضفة الغربية للدولة العبرية والقضاء على حق العودة بالنسبة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات!

فشل السياسات الخارجية الإيرانية وخطئها بالنسبة للقضية المحورية التي تبنتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ انطلاق فجر الثورة الإسلامية

 فكانت هذه هي النتيجة الأولى التي تظهر فشل السياسات الخارجية الإيرانية وخطئها بالنسبة للقضية المحورية التي تبنتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ انطلاق فجر الثورة الإسلامية بالرغم من استمرار الدعم الإيراني المالي والتسليحي لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين في قطاع غزة في فلسطين المحتلة، حيث لم تتمكن المنظمتان من تحقيق انتصار على المشروع التوسعي الصهيوني يمكن أن يعتبر نصراً حاسماً رغم كل التمويل والتسليح والدعم المادي والمعنوي الإيراني.

المشهد اللبناني

وفي المشهد اللبناني تمثل فشل السياسة الخارجية بما أحدثته هذه السياسة من انقسامات داخل كيان الطائفة الشيعية عبر إيجاد حزب الله كمنظمة جهادية توالي إيران بالمطلق وتدعو إلى إقامة جمهورية إسلامية في لبنان، وتحمل العلم الإيراني بدلاً من العلم اللبناني، وترفع شعار الثورة الإسلامية في لبنان، وقد أثبتت السياسة الخارجية الإيرانية عدم قدرتها على استيعاب تنظيم حركة أمل الشيعي وقيادته مما انتهى في المحصلة إلى الحرب الدموية بين الشيعة التي استمرت لثلاث سنين وسقط فيها أكثر من ثلاثة آلآف قتيل وعشرة آلآف جريح!، عدا البيوت التي هدِّمت والأملاك التي تم تخريبها، وما زال علماء الدين الشيعة اللبنانيون يعانون من نتائج هذه الحرب الدموية، فهناك كراهية متبادلة وتراجع في معدلات احترام علماء الشيعة من قبل أبناء الطائفة الشيعية بسبب تأثيرات هذه الحرب، وما زالت تداعيات هذه الحرب الدموية متجذرة في النفوس وتُلهب الجماهير بين الفترة والأخرى رغم كل محاولات تضميد الجراح التي قامت وتقوم بها فعاليات شيعية في الوسط الشيعي!

المشهد البحريني

وفي المشهد البحريني عمدت السفارة الإيرانية هناك على تحريض الشيعة للقيام بالثورة، حيث كانت سفارة إيران في مملكة البحرين غرفة عمليات لتحريك الجماهير نحو قلب النظام بالرغم من العروضات المرضية التي طرحها النظام على الشيعة للمشاركة في الحكم، على الرغم انه كانت للشيعة حصة وازنة من المناصب السياسية والتمثيل البرلماني قبل ثورة 14 فبراير، ولكن المطامع الإيرانية في التمدد باتجاه البحرين التي كانت وما تزال تعتبرها جزءاً من الأرض الإيرانية دفع إيران لإدخال شيعة البحرين في عنق الزجاجة، ولم تتمكن السياسة الخارجية الإيرانية من صنع شيء لمئات الآلآف من الشيعة المحاصرين في داخل البحرين والذين يعانون من أقصى وأشد عمليات التنكيل والاضطهاد بعد سجن القيادات ونفي أخرى خارج البلاد وقتل الناشطين وإعدام الكثيرين على مرأى ومسمع من القيادة الإيرانية التي تقف موقف المتفرج ، بل قليلاً ما تسلط الضوء في الإعلام الإيراني والعالمي على واقع المعاناة هناك لئلا تفضح فشلها الذريع في إدارة الملف البحريني!

أثبتت السياسة الخارجية الإيرانية عدم قدرتها على استيعاب تنظيم حركة أمل الشيعي وقيادته مما انتهى في المحصلة إلى الحرب الدموية بين الشيعة التي استمرت لثلاث سنين

المشهد العراقي

وفي المشهد العراقي ورغم كل الدعم الذي قدمته إيران لفصائل عراقية ساهمت السياسة الخارجية الإيرانية في مزيد من الانقسامات في البيت العراقي بحيث أصبح من الصعب اتخاذ قرارات موحدة في الشارع العراقي، وما زال الاختلاف سيد الموقف في العراق حيال القضايا الكبرى، سيما الوجود الأمريكي رغم تصويت البرلمان على خروج القوات الأجنبية، فكردستان العراق تتصدر مشهد المعارضة للسلطة المركزية العراقية!

اقرأ أيضاً: «نشرة» المطالب الشعبية المزمنة!

وأخيراً في المشهد اليمني، فقد انتهى الدعم الإيراني للبلاد إلى دمار اليمن على رؤوس أبناء الشعب اليمني في الوقت الذي تسعى إيران إلى فتح نافذة لترميم علاقاتها بالسعودية الدولة التي تدير محور المعارضة للتدخل الإيراني في النظام اليمني!

وليس الوضع بأشفى حالاً في تدخلات إيران في دول أخرى ، فهلَّا قامت الخارجية الإيرانية بتبديل وتغيير سياساتها للحد من هذه الإخفاقات المتكررة والمميتة التي انتهت إلى محاصرة إيران دبلوماسياً واقتصادياً ؟

السابق
«المستقبل» يحجب الثقة.. الحجار: حكومة بالوكالة وليس بالأصالة!
التالي
ولعت بين أسود ومعوض «تويتريا»: «السفيه قادر على ارتكاب كل شي»!