الثقافة كالدفاع كالحراك كالثورة ليست اختصاصًا

حسنًا فعلت السلطة السياسيّة بدمجها بين وزارتَي الثقافة والزراعة.

هكذا، بات مضمونًا في الحكومة الاختصاصيّة المستقلّة الجديدة، أنّ للثقافة بيتًا يؤويها، وإنْ تكن تتقاسم هذا البيت مع وزارةٍ أخرى.

حسنًا فعلت هذه السلطة.

ينبغي لي أنْ أشكرها على ذلك، من صميم فؤادي، بل من صماصيم قلبي، بصرف النظر عن شخص الوزير المعنيّ بحقيبة الثقافة.

هذا، على كلّ حال، ليس شأنًا مهمًّا في بلدٍ كلبنان، هذه هي فلسفته الثقافيّة. وهذه هي طبقته السياسيّة، وهؤلاء هم حكّامه، رؤساؤه، نوّابه، ووزراؤه. وهلمّ.

اقرأ أيضاً: سلطة بلا دولة

كان في إمكان “الرعاة” الذين انشغلوا بتركيبة هذه الحكومة، أنْ يُلحِقوا الثقافة بوزارة الطاقة. أو بوزارة الاتصالات. ولِمَ لا بوزارة المال. أو أيضًا بوزارة الدفاع. ولن أنسى أنْ أذكر وزارة الداخليّة. لِمَ لا، يا سيّدات ويا سادة؟! لِمَ لا؟!

لكنْ، أعياني الفهم حقًّا، حين لم أتمكّن من تفكيك سرّ عدم إلحاق حقيبة الثقافة بوزارة التربية مثلًا. كان ذلك ليكون طبيعيًّا ومنطقيًّا، أو، في أقلّ القليل، “أشطف زومًا”. لكنّي تدراكتُ الأمر، وإنْ بعد حين، فقلتُ في نفسي ربّما، أو لا بدّ من، أنّ الوزير الذي أُسنِدت إليه التربية، لم يقبل بأنْ يكون وزيرًا لوزارة ليست من اختصاصه.مَن يدري!

وها أنا أقول: والله أعلم!

محض افتراضٍ فحسب. أو تخييل. أو استنتاج. قبّح الله الافتراضات والتخييلات والاستنتاجات. ولعن سوء النيّة!

ثمّ قرأتُ، هذا الفجر،على أحد المواقع الإخباريّة، مقالًا توثيقيًّا مدعّمًا بالبراهين والوثائق، مفاده أنّ ثمّة في حكومتنا العتيدة عشر وزارات أسنِدتْ إلى وزراء “مختصّين” بأمورٍ أخرى، ولا يفقهون شيئًا يُذكَر في المسؤوليّات الجسام التي ألقيت على عواتقهم، ليس لسببٍ إلّا لسبب تقاسم الحصص والحقائب بين القوى والأحزاب والطوائف والمذاهب والتيّارات، كلٌّ بحسب “اختصاصه” و”استقلاليّته” و… حجمه.

أيضًا، لعن الله سوء النيّة.

أعجبتني، والحقّ يُقال، سرعة البديهة عند رئيس الحكومة، الآتي إلى السرايا بسبب ميزتَي الاختصاص والاستقلال اللتين يتّصف بهما؛ اختصاص هندسة الكومبيوتر، والاستقلال عن القوى السياسيّة – التي هي سمّته وجاءت به وقالت هذا هو ابني الحبيب الذي به سررتُ. وخصوصًا منها التحالف المالك سعيدًا. عجبًا! -، عندما قال ردًّا على سؤال: وهل هناك اختصاصٌ في وزارة الدفاع؟!

كما أعجبتني جرأته – بل التجرّؤ في قوله الفصيح الحاسم الذي لا رادّ له، ولا التباس فيه: أنا أمثّل الحراك في الحكومة!

أيضًا، لِمَ لا؟!      

لكنْ، ما لي ولهذه التداعيات. ولأعدْ حصرًا إلى موضوع هذا المقال: الثقافة.

اللؤم النقيّ عندي، النازف من جرح المواطَنة الغائر في وجداني، يحملني على أنْ أعرب عن سعادتي القصوى – نعم سعادتي القصوى – بل تلذّذي وتلمّظي، بسبب احتقار أولي الأمر في السلطة السياسيّة، للمسألة الثقافيّة، واستخفافهم بها، واعتبارهمإيّاها شأنًاثانويًّا،نافلًا، عرضيًّا، سخيفًا، غير ذي أهمية. ولِمَ لا مَرَضيًّا!

كم كنتُ أتمنّى أنْ يعترض أحد الوزراء، من الذكور والإناث، على هذا الاستخفاف بالثقافة، فيرفض المشاركة في الحكومة… على هذا الأساس.

طبعًا، هذا حصرمٌ رأيتُهُ في حلب!

تصوّروا أنّ بلدًا يحترم مثقّفيه، ومفكّريه، وفلاسفته، وأدباءه، وشعراءه، وروائيّيه، ومسرحيّيه، وسينمائيّيه، وفنّانيه، ورسّاميه، ونحّاتيه، وهلمّ، “يجرؤ” أنْ يرتكب “جرمًا” كجرم الدمج بين وزارة الزراعة والثقافة، وإسناد الحقيبتين إلى وزير “مختصّ، و”مستقلّ”، بصرف النظر طبعًا عن اسمه وشخصه وهوّيته. والسلام!

السابق
نانسي عجرم ترفع إشارة النصر.. وقاضي التحقيق يفرج عن زوجها!
التالي
بالفيديو.. باسيل في وضع حرج في دافوس.. هكذا وفت غامبل بوعدها للبنانيين!