الإنتفاضة تنهي شهرها الثالث: الفساد باقٍ.. والأزمة تتفاقم!

لبنان ينتفض
في مساء 17 تشرين الأول 2019 انطلقت التظاهرات المعارضة للحكومة اللبنانية بعد الاعلان عن ضرائب جديدة، منها ضريبة على تطبيق "واتساب"، واشتدت الاحتجاجات وتوسّعت في جميع أنحاء المناطق اللبنانية، ثم ليتحوّل غضب المحتجين ضد النظام السياسي الذي يرتكز على مبدأ المحاصصة الطائفية.

قالت “هيومن رايتس ووتش أمس ” في تقريرها العالمي 2020 إن السلطات اللبنانية تتقاعس عن معالجة الأزمة الاقتصادية والسياسية الخطيرة في البلاد والتي تهدد حصول المواطنين على الخدمات الحيوية، من ضمنها الرعاية الصحية. كما تقاعست القوى الأمنية أحيانا عن حماية المتظاهرين من الهجمات العنيفة للمتظاهرين المناوئين لهم.

وعلى الرغم من انطلاق المظاهرات الاحتجاجية في 17 تشرين اول قبل ثلاثة شهور ضدّ الفساد السياسي والاقتصادي، قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش : “لم يفعل السياسيون اللبنانيون ما يُذكَر لوقف تدهور الأوضاع المعيشية ولم يستجيبوا لمخاوف المحتجين بشأن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. تقصيرهم يهدد بتفاقم صعوبة الحصول على الرعاية الصحية وتوافر الإمدادات الطبية بشكل كارثي”.

تقاسم جبنة الحكومة

بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، اثبتت الاستشارات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف حسان دياب، أن هناك عودة الى منطق المحاصصة في تشكيل الحكومة وفي تقاسم مغانم السلطة، وهو ما يشكل استمرارا لنهج يتواصل منذ سنوات طويلة، مع ان ذلك ادى الى انهيارات على كل المستويات، وبالتالي الى بقاء حرّاس الفساد في مواقعهم.

من ناحية ثانية صرّح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أيام انه غير معني بانهيار سعر العملة وانه لا سلطة لديه على الصرافين، في حين ساهم قراره بوجوب دفع التحويلات من الخارج بالعملة الصعبة التي ترد فيها الحوالة بانخفاض سعر صرف الدولار وإراحة السوق، ليصل الى 2200 ليرة للدولار الواحد بعد ان وصل الى 2500 قبل يومين.

الأزمة الإقتصادية تتفاقم

تفاقم الأزمة الاقتصادية يدعمه ما ورد من معلومات من داخل ادارات الدولة عن مصادر في وزارة العمل، وفيها ان أكثر من 50 بالمئة من المؤسسات الخاصة التي تعمل في مجالات التجارة وقطاعات الفنادق والمطاعم استغنت عن عمالها، وان حوالي 30 بالمئة من عمال القطاعات الانتاجية الاخرى في مجالات الصناعة والخدمات صرفوا من عملهم، وهو ما ينذر بأزمة بطالة حادة سوف تبدأ أثارها السلبية بالبروز الشهر القادم.

أما من ناحية ايرادات خزينة الدولة فقد تراجعت بنسبة 60 بالمئة، وهذا تراجع خطير جدا بحسب مراقبين، يرجع سببه الخبراء الى عدم قدرة المكلفين على دفع الضرائب نتيجة الضائقة المالية من جهة، ومن جهة ثانية بسبب الركود العقاري وتراجع عمليات البيع والشراء وتسجيل الممتلكات التي كانت تؤمن للخزينة موارد بآلاف المليارات اللبنانية سنويا.

الانهيار العام سيكون هو المصير الحتمي للبنان بغض النظر عن تشكيل الحكومة والعتيدة وطبيعتها أما مصير الناس والطبقة السياسية التي تحكمهم فيحددها عمق القعر الذي سوف يصل اليه هذا الانهيار.

وكذلك يعاني القطاع المصرفي الذي كان يوصف بأنه مفخرة الاقتصاد اللبناني من أزمة مزدوجة، أولها نقص في السيولة بفعل السياسة المالية منذ عقود القائمة على اقراض الدولة ووصول هذه السياسة الى طريق مسدود، وأزمة القطاع المصرفي الثانية هي فقدان الثقة وضغط العملاء المودعين الذين يريدون بسحب أموالهم، مع العلم ان أكثر البنوك قنّنت عمليات السحب، بين 200 و300 دولار لكل مودع في الأسبوع، وفي جديد المعلومات بحسب مصرفيين، فإن التقنين الذي امتدّ للعملة اللبنانية سوف يعمد لتحديد الدفعات للزبائن بمقدار “مليون ونصف” ليرة لبنانية اسبوعيا فقط.

وفيما يجمع الخبراء ان الحلّ للأزمة الاقتصادية مرتبط بتغيير العقلية السياسية القائمة على المحاصصة، فإنه وفي ظل عجز الحراك حتى الآن عن القيام بعملية التغيير هذه، فان الانحدار السياسي الاقتصادي مستمر، والانهيار العام سيكون هو المصير الحتمي للبنان بغض النظر عن تشكيل الحكومة والعتيدة وطبيعتها، أما مصير الناس والطبقة السياسية التي تحكمهم فيحددها عمق القعر الذي سوف يصل اليه هذا الانهيار.

السابق
العقوبات «تكوي» حزب الله.. وخياراته أحلاها مُرّ!
التالي
تحذير نسائي من صور.. محاسبة «سماسرة الدولار»!