المشروعان الأميركي والإيراني يْطيحان.. بثالثهما!

ترامب وايران
أشار أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير يوم الأحد الفائت إلى وجود مشروعين في المنطقة، المشروع الأميركي والمشروع الإيراني، وبالتالي أعلن انحيازه التام إلى المشروع الإيراني.

كان نصر الله صادقاً في وصفه للوضع في المنطقة والإشارة إلى النزاع الذي يدور بين المشروعين اللذين أعلن عنهما وهو نزاع يدور فوق أراض تشكل كيانات عربية مستقلة. وهما مشروعان تقود كل منهما قوة غير عربية وتتنازع على النفوذ في المنطقة العربية.

المشروع الأميركي

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وفشل النخب العربية في بناء دولة وطنية ديموقراطية في كل كيان من الكيانات التي أقيمت بعد الحرب العالمية الأولى، وخلال سعي واشنطن لفرض نفسها قوة أحادية مسيطرة على العالم، وبسبب وجود ثروات طبيعية كبيرة في المنطقة، طرحت الإدارة الأميركية مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى الاستفادة من النزاعات الداخلية في كل كيان والدفع باتجاه حروب أهلية تعيد الكيان إلى مكوناته الأثرية الأولى وتجعل من الكيان الواحد ساحة لنزاع شبه دائم تسيطر فيه المجموعات المتناحرة، تلتقي وتختلف من دون الوصول إلى بناء وطن جامع لكل المقيمين على أرض الكيان.

يسعى المشروع الإيراني إلى هدفين محددين: الأول ملء الفراغ في المنطقة العربية إثر فشل بناء الدول الوطنية، والثاني إيجاد موقع نفوذ إقليمي في وجه التمدد التركي والنفوذ السعودي.

اقرأ أيضاً: ما بعد بعد سليماني.. أميركا تُعبد طريق التفاوض أمام إيران

التجربة اللبنانية

في لبنان كان المبرر حاضراً، ضرورة التخلص من سلاح المقاومة الفلسطينية من خلال الانقسام اللبناني العامودي واستخدام سلاح خوف كل طائفة من الأخرى، تم القضاء على السلاح الفلسطيني، ونجح الاحتلال الإسرائيلي في إجراء عمليات جراحية في النسيج اللبناني أدى إلى ما نحن عليه وسط شهية مفتوحة لدى زعامة كل طائفة للمحاولة الهيمنة على البلد أو على أكبر حصة في نظام المحاصصة. وتحول لبنان إلى مجموعة كيانات واقعية مناطقية تتنازع فيما بينها.

التجربة العراقية

أما في العراق وتحت حجة واهية كاذبة حول الأسلحة الكيميائية جرى احتلال العراق من قبل قوات التحالف  وعلى رأسه واشنطن وأول خطوة كانت حل الجيش العراقي الذي كان المؤسسة الوحيدة الموحدة خلال فترة النظام السابق وجاء الدستور العراقي برعاية أميركية كي يحول العراق إلى ثلاثة كيانات واقعية، كيان للكرد وكيان للسنة العرب وكيان للشيعة العرب في عملية نسخ للتجربة اللبنانية.

التجربة السورية

وفي سورية وبسبب الانتفاضة السورية التي طالبت بالإصلاح عام 2011 جرى عسكرتها وتحول الكيان السوري إلى ساحة حرب بين مجموعات محلية وإقليمية ودولية وتحول الكيان السوري إلى مناطق نفوذ بين قوى مختلفة، تلعب واشنطن وموسكو الطرفان المقرران له. ومن يتابع موضوع اقتراحات الدستور الجديد يجد الكثير حول تحويل الكيان السوري الموحد إلى اتحاد فيدرالي بين مجموعات إثنية ودينية مختلفة.
هذا هو جوهر الشمروع الأميركي الذي يرمي إلى تفتيت المنطقة وجعلها منطقة ملتهبة ومتنازعة بشكل دائم.

المشروع الإيراني

في مواجهة المشروع الأميركي، وفي غياب المشروع العربي الديموقراطي البديل، برز المشروع الإيراني الذي يسعى إلى هدفين محددين: الأول ملء الفراغ في المنطقة العربية إثر فشل بناء الدول الوطنية، والثاني إيجاد موقع نفوذ إقليمي في وجه التمدد التركي والنفوذ السعودي. حتى لو كان تحت السقف الأميركي.
للوصول إلى هذين الهدفين لم تجد إيران سوى شد العصب المذهبي لاستخدام الأقلية الشيعية في كل كيان من كيانات المنطقة لأجل الهيمنة على كل منها ولو على حساب وحدة الكيان الواقعية، والتعاون حتى مع الاحتلال الأميركي في العراق للسيطرة على جنوبه. هذه السياسة أدت أيضاً إلى حروب أهلية داخلية في كل كيان ما يمنع هذا المشروع من النجاح على المدى القريب والبعيد.

اقرأ أيضاً: هل يؤسس إغتيال سليماني لـ«حرب باردة» بين أميركا وإيران؟

هذا المشروعان يتكاملان في نبذ ورفض الوحدة الفعلية للشعب في كل كيان من الكيانات. وبالتالي يبقى على الانقسام العامودي في كل منها، ويساعدهما في ذلك تخلف البنى الاجتماعية في كل كيان منها.
وحده مشروع الدولة الديموقراطية هو الغائب عن المنطقة، إلا أنه البديل الوحيد القادر على إعادة توحيد المجتمع والكيان وبناء وطن في كل منها. انتفاضة 17 تشرين الأول أعطت علامات وأضاءت مدخل طريق طويل للوصول إلى هذا المشروع.

السابق
«حزب الله» إلى العمل السرّي؟
التالي
بالفيديو: أحلام وراغب علامة.. «عرسان» في دبي!!