مقتل سليماني: هل تحقق إيران «مكاسب» داخلية وخارجية من اغتيال قائد فيلق القدس؟

قاسم سليماني

لا تزال صحف عربية تعلق على تبعات مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في ضربة جوية أمريكية في بغداد. وقد هاجمت إيران قاعدتين توجد بهما قوات أمريكية في العراق في ليل الثلاثاء ردًا على مقتل سليماني.

ويتوقع عدد من الكتاب أن الرد الإيراني على مقتل سليماني لن يخرج عن إطار الرد “المحدود والمدروس”، و أن تستغل طهران التصعيد القائم حاليا لتحقيق مصالح داخلية وخارجية.

“طهران في ورطة”

ونقلت صحيفة السبق السعودية تصريحات لرئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية محمد السلمي اعتبر فيها “الضربة الإيرانية للقواعد الأمريكية بالعراق متوقعة وبنسبة كبيرة معلومة، لذا تم تأجيل مراسم دفن قاسم سليماني”.

وأضاف السلمي:”الأخطر على إيران الآن ليس ضرب القاعدة العسكرية الأمريكية؛ بل الشكوك حول إسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية بالخطأ، واعتقاد أنها صاروخ أمريكي..[و زير الخارجية الإيراني محمد جواد] ظريف يوم أمس تحدث عن الانتقام لإسقاط طائرة إيرانية قبل عقود تحمل عشرات الركاب. الأعداد في كل الأحوال متقاربة. إذا ثبت ذلك فطهران في ورطة”.

وقد تحطمت طائرة ركاب أوكرانية من طراز بوينغ-737 في إيران، وعلى متنها أكثر من 170 بعد إقلاعها بقليل من مطار الإمام الخميني في العاصمة طهران.

اقرأ أيضاً: لماذا لم تصدر إدانة من الصين وروسيا لعملية اغتيال سليماني؟

“أزمات مفيدة”

يقول جلبير الأشقر في جريدة القدس العربي اللندنية إن “ترامب قدم هدية سياسية ثمينة لنظام الملالي الإيراني بأمره اغتيال قاسم سليماني الأسطوري، هدية تفوق أهميتها فداحة الخسارة التي مُني بها النظام”.

ويتابع الكاتب: “حاولت طهران توظيف الفاجعة في تعويم نظامها في الداخل ونفوذها في الخارج بعد أن واجها نقمة شعبية متعاظمة في الأشهر الأخيرة، فأجرت جنازة لسليماني فاقت تلك التي أجريت للخميني في عام 1989، إذ انتقلت داخل إيران من مدينة إلى أخرى بغية تحقيق الحد الأقصى من التعبئة القومية”.

ويتساءل الأشقر: “هل تستطيع الخدمة الجليّة التي قدمها ترامب لطهران أن تقضي على النقمة الشعبية داخل إيران وعلى الحراك العراقي ضد وصايتها وتسلط أتباعها؟”.

ويجيب: “يوحي مجرى الأحداث بأن الحراك العراقي على الأقل سوف يتواصل، وقد زاد ما حصل من إرادة لدى غالبية العراقيين، إلى أية طائفة انتموا، في وضع حد لاستباحة أراضيهم للاقتتال بين قوتين تبغي كلتاهما فرض السيطرة عليهم”.

وتحت عنوان “أزمات مفيدة: كيف يمكن لإيران أن توظف مقتل سليماني؟”، يرى مدى الفاتح في الجريدة نفسها أن “المتابع للتاريخ السياسي الإيراني منذ الثورة الخمينية، يمكنه أن يدرك أن النظام الإيراني، ولّد مهارات فريدة في التعامل مع الأزمات، وتحويل كل محنة، مهما كانت قاسية، إلى منحة، بل كثيرا ما تتسبب المحن في إكسابه قوة وسندًا شعبيين”.

ويضيف الفاتح: “قد لا تكون التضحية بقاسم سليماني مقصودة، فعلاقة الرجل الوطيدة بالمرشد علي خامنئي كانت ظاهرة في نعي الأخير له، ونشره رسمًا للحسين بن علي – عليه السلام- وهو يستقبله في الجنة، لكن لا شك أن التصعيد مع الولايات المتحدة بشكل يجبرها على الرد كان مقصودًا”.

ويتابع: “فهو من ناحية يغطي على أجواء الاحتجاجات والسخط الشعبي الداخلية والخارجية، ومن ناحية أخرى يظهر النظام الإيراني بمظهر المستهدف من قبل الإمبريالية … إذا ما غلبت رغبة بعض الجهات الأمريكية في احتواء الموقف واتقاء الدخول في معارك انتقامية شاملة عقب مقتل قاسم سليماني، فإن ذلك قد يستخدم من قبل إيران كورقة جديدة رابحة في خضم مساوماتها الهادفة لإلغاء العقوبات الدولية وإحياء الاتفاق النووي”.

“آفاق جديدة” و “ردّ مدروس”

أما خليل حسين، فيقول في جريدة الخليج الإماراتية: “إنْ تم ضبط التصعيد بضربات محددة النتائج ومقبولة لدى الطرفين، فإن هذا يعني أن مجمل عملية الاغتيال ستؤدي إلى فتح آفاق جديدة لمراحل تسوية في المنطقة، وبذلك تكون بمثابة انتقال من وضع إلى وضع آخر”.

ويتابع: “وإمّا أن تكون الردود العسكرية المتبادلة من النوع المفتوح والتي يمكن أن تصل إلى حرب إقليمية واسعة وعندها ستكون النتائج كارثية إقليميًا وستمتد بطبيعة الأمر دوليًا بحكم التحالفات القائمة أو ما يمكن أن ينتج عنه تحالفات مستقبلية”.

ويضيف الكاتب: “ثمة رد لن يكون عاديًا ويتناسب مع حجم الاغتيال، إلا أنه لن يكون في المستوى الذي يستفز الطرف الآخر، إلا إذا تمكنت إسرائيل من الدخول إلى قلب صنع القرار بإعلان الحرب وهو ما حاولت مرارًا وتكرارًا القيام به سابقًا…”.

السابق
اسهم الحريري ترتفع.. فهل يعتذر دياب؟
التالي
المحور الإيراني بين الإحباط وانتظار المعجزة