شيعة.. «بين شاقوفين»!

حزب الله لبنان

ما أصعب أن تكون شيعيا عروبيا حرا في هذا الشرق
أن تكون شيعيا عروبيا حرا في هذا الشرق يعني أنت متهم دينيا ومذهبيا وسياسيا.

دينيا متهم من بعض ” أهل السنة والجماعة ” بأنك رافضي وخارج عن الملة وإنك عميل إيراني حتى تثبت ” براءتك ” بشتم الآخر ، وأن تعلن يومياً أنك شيعي عروبي تجمعك بالغالبية رابطة القومية العربية والمصير المشترك .
مذهبيا متهم بأنك مارق وخارج عن المذهب ، وتصبح شبه منبوذ وغريب في بيئتك ، حتى التواصل معك عبر وسائل التواصل الإجتماعي يصبح محسوبا ، يخاف البعض من الإعجاب بمنشور من منشوراتك خشية ” الشبهة ” كي لا يتعرض للتنمر والإنتقاد والإحراج من محيطه .
سياسيا، من جهة أنت متهم بأنك عميل وشيعة سفارات ومعادٍ للمقاومة التي حررت الأرض ، ومن الجانب الآخر أنت شيعي تتقن  ” التقية ” ومشكوك بأمرك مهما إتخذت من مواقف تعتبر قوية إتجاه بيئتك المذهبية والسياسية مع ما تجره عليك هذه المواقف من سلبيات .

يُقتل بن لادن والبغدادي فلا تهتم ولا تعلق إلا بالسياسة بعيدا عن العواطف الشخصية ، ومن منطلق أن لا شماتة في الموت وأن الشتم يؤذي الحي ولا يمس الميت كما نقل عن سيدنا رسول الله ، فيتهمك السني بأنك مغتبط لأنك لم تندد بأميركا ، ويتهمك الشيعي بأنك ممتعض لقتله لأنك لم تهلل لموته .
يُقتل سليماني ، هناك من يلطم ويريدك أن تلطم معه ، وهناك من يشمت ويريدك أن تشمت معه ، هناك من يقدس الأشخاص ويريدك أن تجاريه ، وهناك من يشيطنهم ويريدك أن تماشيه ، بينما أنت ترى أن الأمور السياسية ومصالح البلاد والعباد لا تقاس بالمسائل الشخصية والحقد الأعمى .
تنتقد إيران على سياستها في المنطقة العربية كعربي ، فيشيد بك السني على إعتبار أنك مواطن شيعي صالح وليس كمواطن عربي وطني .

إقرأ أيضاً: لماذا لم تصدر إدانة من الصين وروسيا لعملية اغتيال سليماني؟

تنتقد السعودية على بعض ممارساتها في اليمن وبعض التجاوزات في الداخل ، فيشيد بك الشيعي على انك شيعي ” تائب ” وليس كمواطن عربي يهمه مصلحة السعودية كما اليمن.
تقول أن المشروع الإيراني في المنطقة هو مشروع سياسي إمبراطوري صفوي فارسي كذلك المشروع التركي هو عثماني ، فينتفض الشيعي ويتهمك بخيانة المذهب وآل بيت الرسول عليهم السلام ، ويشكك بك السني ويتهمك بالنفاق وبأنك تحاول التغطية على مشروع مذهبك الشيعي ضد المكون السني .
إنها ضريبة أن تكون حراً ، حر الرأي والفكر والضمير ، ضريبة عدم الإنتماء إلا للوطن ومصالحه  ، وللأمة ومستقبلها كما تراه على الأقل دون التقوقع في أيديولوجية جامدة سياسية كانت أم دينية ، فالحياة ومشاكلها وأسرارها أعقد وأشمل من أن تعزلها في قالب جامد غير متحرك بإسم السلف الصالح تارة والحفاظ على الموروث من التقاليد والعادات تارة أخرى .

الكل يريدك على شاكلته إلا من رحم ربي من الذين يمرون بنفس ظروفك ، لا يفهم البعض بأن لكل رأيه ورؤيته للأمور ، وأن الخلاف لا يجب أن أن يفسد للود قضية ، وأن تلاقح الأفكار وتبادلها برقي بعيدا عن الإتهامات والتخوين والتكفير والتنمر والشتائم  ، يمكن أن يغني النقاش وأن لا أحد في الكون يملك الحقيقة كاملة ، وبأن رأيي قد يكون صوابا يحتمل الخطأ ، وقد يكون خطأ  يحتمل الصواب ، وأن إحترام بعضنا يولد المحبة ويعمقها ، بينما التناحر يأخذنا إلى أماكن أخرى بعيدة عن المودة .

علينا أن نقتنع ونعرف أن نفرق بين النقد والحقد ، فالنقد يمكن أن يوصل للإصلاح والبناء ، بينما الحقد يوصل إلى الخراب والدمار ، فهل نحلم بيوم نصبح فيه مواطنين متساوين في أمة حرة تقدس الحرية كقيمة بدل تقديس الأشخاص ، لا رعايا في دول طائفية أو مذهبية أو إيديولوجية توتاليتارية تحرم الإنسان أغلى قيمة في حياته وهي الحرية ، وتحبسه في قالب جامد حيث لا تقدم ولا إبداع ولا حياة حقيقية ، هل ترانا فعلاً
” نحلم ” ؟

السابق
الأخطر من كلام حسن نصرالله
التالي
بالصورة والفيديو.. بعد المطار قاسم سليماني في الجامعة اللبنانية: «اهلا بكم بالجمهورية الايرانية»!