اغتيال سليماني يخلط أوراق تشكيل الحكومة في لبنان

حسان دياب
ضبابية مسار الحكومة العتيدة باتت مرتبطة بضبابية الموقف الإيراني نفسه الذي لم يستفق بعد من مفاجأة اغتيال أحد أهم رجالات نظام طهران.

قالت مصادر برلمانية لبنانية إن اغتيال قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني قلب أمور تأليف الحكومة في لبنان رأسا على عقب، وأن ما استجد، خصوصا بعد المواقف التي أطلقها أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، يطرح أسئلة حول ما إذا كان إعلان الحكومة الجديدة بات مؤجلا.

ورأت المصادر أن الآراء تتراوح بين نقيضين. الأول هو الإسراع في تشكيل الحكومة، بسبب حاجة حزب الله العاجلة إلى حكومة يستند عليها وتعطيه مشروعية من داخل الدولة اللبنانية لمواجهة الاستحقاقات المتعلقة بآفاق التصعيد الأميركي الإيراني.

والنقيض الثاني أن حزب الله بات يحتاج إلى حكومة سياسية تستطيع التعامل مع الضغوط الأميركية والدولية التي قد تتنامى ضد طهران وميليشياتها التابعة في المنطقة (وهذا يحتاج وقتا)، وأن الدور الذي سيلعبه الحزب وزعيمه في مرحلة ما بعد مقتل سليماني يتطلب الإمساك بحكومة بيروت على نحو لا لبس فيه، بما ينسف مبدأ حكومة الاختصاصيين المستقلين التي يدافع عنها الرئيس المكلف حسان دياب.

ويرى مراقبون أن ضبابية مسار الحكومة العتيدة باتت مرتبطة بضبابية الموقف الإيراني نفسه الذي لم يستفق بعد من مفاجأة اغتيال أحد أهم رجالات نظام طهران. وقال هؤلاء إنه بغض النظر عن ترسانة التصريحات النارية التي صدرت عن طهران وأذرعها في المنطقة، وهو أمر تفرضه ضرورات الحدث، فإن إيران ما زالت تستجمع قواها لاختيار التموضع الجديد، سواء باتجاه الصدام الكبير مع الولايات المتحدة أو التوجه إلى طاولة المفاوضات معها، وأن الركون إلى أحد الخيارات سيحدد موقف طهران من تسهيل أو تأجيل ولادة حكومة دياب في بيروت.

حزب الله بات يحتاج إلى حكومة سياسية تستطيع التعامل مع الضغوط الأميركية التي قد تتصاعد ضد إيران وأذرعها

في المقابل أكد مطلعون على مداولات تشكيل الحكومة أن التشكيلة باتت جاهزة وأن التأخير متعلق بالاتفاق على تفاصيل مرتبطة ببعض الأسماء بعد أن تم الاتفاق على الشكل العام للحكومة وحصص الطوائف داخلها، وأنه ما زال هناك نقاش حول قبول بعض الجهات بتولي حقائب معينة أو رفضها.

وتؤكد مصادر قريبة من رئيس الجمهورية ميشال عون أنه يستعجل تشكيل الحكومة وليست لديه أي أجواء عرقلة متعلقة بحدث اغتيال سليماني، وأن الرئيس لم يتلق أي إشارات من حزب الله تعاكس أجواءه السابقة لتسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف.

بيد أن مصادر دبلوماسية لمّحت إلى أن عواصم دولية كبرى تراقب عن كثب ما يتسرب من مداولات بشأن حكومة دياب، وأنها أبلغت من يهمه الأمر بأنها ستنظر بعين القلق إلى تولي التيار الوطني الحر إحدى الحقائب الأساسية في الحكومة المقبلة، الدفاع والداخلية والخارجية.

وتعتبر هذه العواصم أن التيار يمثل سياسة حزب الله وأجندته، وأن مروحة المساعدات المالية الدولية ستتأثر سلبا بهوية الوزراء الذين سيتحكمون بحقائب بهذا المستوى.

ورأت مصادر أن وزارة الداخلية المتفق أن تبقى من حصة الطائفة السنية باتت مهمة بالنسبة لتقييم المجتمع الدولي لما لهذه الوزارة من دور في التعامل مع الحراك الشعبي في لبنان، وفي تنسيق المعلومات مع أجهزة المخابرات في العالم.

اقرأ أيضاً: الرجل الثاني بعد خامنئي.. من هو قاسم سليماني؟

وكشفت المصادر أن زعيم التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لم يضع أي فيتو لاستبعاد الوزير الأسبق دميانوس قطار عن وزارة الخارجية، بل إن الأمر متعلق بموافقة حزب الله على الأمر، واعتبرت المصادر أن الأمر يكشف للمجتمع الدولي أن الحكومة المقبلة مخترقة ولن تستطيع التحرك باستقلالية عن قرار الحزب وإيران.

وتلفت مصادر سياسية إلى أن حزب الله، الذي وعد أمينه العام بإخراج القوات الأميركية من كل المنطقة، لا يستطيع إلا أن يكون قويا داخل حكومة بيروت، ولا يستطيع إلا أن يؤكد لواشنطن والعواصم الحليفة أن ورقة لبنان بيد إيران على منوال ما أكده البرلمان العراقي، من خلال تصويته، الأحد، لإخراج القوات الأجنبية من البلاد، من أن العراق بيد إيران.

ومع ذلك فإن مداولات الساعات المقبلة قد تكشف مصير حكومة دياب، وأنه إذا ارتأى حزب الله والميليشيات العراقية التابعة لإيران قلب الطاولة في بيروت وبغداد، فإن ذلك يعني الذهاب في العاصمتين نحو حكومات سياسية واضحة الولاء لطهران بما سيدفع رئيس الحكومة المكلف في لبنان إلى الاعتذار عن القيام بمهتمه.

وتستبعد بعض المراجع حدوث فوضى في المنطقة وأن صخب الساعات الحالية سيتبدد باتجاه إعادة ترتيب المنطقة وفق ما تتطلب مصالح الدول المعنية، الإقليمية والدولية. وتضيف أن الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين تعمل على مخارج محددة لنزع فتيل الانفجار أو ضبط قوته، بما يعني أن جلاء الأمور لن يأخذ وقتا طويلا، وبالتالي فإن حالة التعثر الحالية لولادة الحكومة الجديدة قد لا تستغرق وقتاً طويلاً.

السابق
مات قاسم سليماني… شيِّعوا الخمينية
التالي
الثورة في صيدا مستمرة.. الى أمام شركة الكهرباء!