تخيم الأزمة الاقتصادية على لبنان واللبنانيين بشكل خانق مع الشح الكبير الحاصل في الدولار، وتطبيق المصارف لسياسات خانقة على المودعين الصغار، وعدم إتخاذ اي تدابير جدية أو إنقاذية بحق المودعين الكبار في هذا الإطار يكثر مفهوم الـ hair cut الذي تقوم به المصارف، فما هو؟ وما هي أنواعه؟
تعريف ال«Haircut»
وفق تعريف البنك المركزي الأوروبي، فإنّ الخصم القسري للدين/”قص الشعر” (Haircut – Décote) هو عبارة عن حسم قيمة الأصول المالية مثل سندات الخزينة. ووحدة قياسها دائماً النسبة المئوية.
إقرأ أيضاً: ما صحة امكانية لجوء المصارف الى آلية الـ «Haircut».. من تطال في حال حصولها؟
مثلاً: إذا افترضنا أنّ قيمة سند خزينة 1 مليون دولار، وتمّت عملية خصم قسري للدين بنسبة 20%، تصبح قيمة هذا السند 0.8 مليون دولار. أي أنّ صاحب هذا السند سيحصل على 0.8 مليون دولار بدل مليون دولار.
وفي بعض الأحيان، يمكن لصحاب هذا السند أن يحصل أولاً على 0.8 مليون دولار والباقي خلال عدد من السنوات.
أنواع الـ Hair Cut الحاصلة الآن
“السلطة المالية الفاسدة” في “لبنان” رفضت إعلان ما يسمى ب الكابيتال كونترول بحجة أنها تسبب الضرر بسمعة “لبنان” المالية والثقة بنظامه المصرفي . لكنها طبقته على الأرض بأقسى أشكاله بينما تكذب على الشعب المسكين بأنها لن تقوم ب “الهيركات” Haircut في الوقت الذي بدأت به فعلا ً.
اليوم هناك ٣ أنواع من الهيركات تحصل فعلياً :
١- عندما ينخفض سقف السحب بالدولار لكل حساب مصرفي من ١٥٠٠ أسبوعياً منذ بداية الأزمة ، إلى ألف (منذ شهر) ، إلى ٥٠٠ ، ثم إلى ٢٥٠ منذ يومين (هذا في أحد أكبر المصارف) ، فإن ذلك يعني أننا سنصل إلى وقت يصل فيه سقف السحب إلى ١٠٠ دولار ، ثم إلى صفر دولار .
فماذا يعني ذلك ؟
يعني أنه إن كانت المصارف تضخ ١٠٠ مليون دولار مثلاً أسبوعياً في السوق ، فإن هذا المبلغ سيتقلص إلى ١٠ ملايين , ثم إلى صفر بعد فترة قصيرة , مما يعني ان عرض الدولار في السوق سيتقلص بصورة كبيرة .
وفي نفس الوقت , ستعرض عليك المصارف أن تسحب اموالك بالليرة اللبنانية من حسابك بالدولار ، لكن على السعر الرسمي ، مما يضطرك إلى القبول بذلك مرغماً لسد إحتياجاتك المعيشية , أي أنك ستخسر حوالي ٣٣% من قيمة أموالك الموجودة في المصرف على أساس إحتساب ٢٠٠٠ ليرة للدولار . وهذه النسبة مرشحة للأزدياد مع نقصان عرض الدولار في السوق وزيادة عرض الليرة مما سيؤدي إلى أرتفاع الدولار أمام الليرة لمستويات قياسية .
اليس هذا هيركات “مقنّع” وغير معلن ؟
٢- عندما يهرع المواطنون إلى الصيارفة والسماسرة ليعطونهم شيكاً مصرفياً بقيمة ١٠ آلاف دولار ، ليحصلوا على ٨ آلاف نقداً (وهذا ما يحصل الان) , فهم يخسرون ٢٠% من قيمة مدخرات جنى حياتهم .
أليس هذا هيركات “مقنّع” وغير معلن ؟
٣- عندما لا يُسمح لك بسحب دولاراتك من حسابك لوقتٍ طويل (سيمتد حتى سنوات) مع فائدةٍ أقل من نصف الفائدة التي كنت تحصل عليها سابقا ً، أليس هذا هيركات مقنع أيضاً ؟
فما الفائدة من أمتلاكك مليون دولار في الحساب إن كنت لن تحصل عليها قبل مرور ١٠ سنوات مثلاً ؟ أليس للوقت “قيمة مالية” ؟
فهناك أناسٌ سيموتون قبل الحصول على أموالهم .
ألا يُعتبر أحتجاز الأموال بفائدةٍ متدنية تفرض على المودع ولا يحق له رفضها ، هو نوع من أنواع ال هيركات المقنع؟
لذلك ، فإن ما يحصل الآن هو ادأننا نتعرض لل هيركات بوضوح ، لكن من دون إعلان واضح . وكل ما يحكى عن إقتطاع نسبة معينة من الأموال فوق سقفٍ معيّن لن يحصل بكل بساطة ، لأن السلطة المالية في البلاد تقوم بكل ما تريد فعله الآن من دون الحاجة إلى إعلانه.
