محاباة أميركية لحكومة «حزب الله» لا تنسحب على مناورات الإلتفاف على العقوبات !

الحكومة اللبنانية
يغرق اللبنانيون تاريخياً في تحليل المواقف الأميركية اتجاه لبنان، وعلاقة الولايات المتحدة بالأطراف السياسية، وكذلك لم يسلم الحراك من إلصاق به تهمة "حراك السفارات".

في موازاة ما يحكى عن ضغوط أميركية على لبنان للتضيق على “حزب الله” وتجفيف مصادر تمويله من خلال العقوبات التي تفرض عليه، وتتحفظ الخزانة الأميركية على مدى إلتزام الحكومة والقطاع المصرفي به،  تأتي جولة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل على المسؤولين اللبنانيين، للاطلاع على مواقف المسؤولين من الأوضاع القائمة، وتأكيد موقف الولايات المتحدة المتطابق مع مجموعة الدول الداعمة للبنان وما قرّره “مؤتمر سيدر” بشأن اجراء الإصلاحات الضرورية التي على لبنان القيام بها لتقديم العون له. لم يصدر عن المسؤول الأميركي ما يشير الى استياء او ارتياح لانكفاء الرئيس سعد الحريري عن تولي رئاسة الحكومة، ولا تأييد أو اعتراض على تكليف الرئيس حسان دياب، إنما أرسل إشارات “حيادية مفرطة” و تحديداً من بعبدا و بيت الوسط إذ قال”: ليس للولايات المتحدة أي دور او كلمة او قرار حيال من يترأس الحكومة او أعضائها وهذا لا يمكن، الا لقادة لبنان الذين انتخبهم الشعب اللبناني بان يقوموا به”.

هيل عون
هيل في بعبدا

“سيدر” هو المعيار

ثمة يرنامج اقتصادي ومالي وافق عليه لبنان في مؤتمر “سيدر” هو المعيار الذي تتعامل واشنطن من خلاله في مقاربتها للأزمة القائمة، وبالاضافة الى ذلك كرر ما قاله اكثر من مسؤول من مواقف تقليدية تتصل بحماية التظاهرات السلمية، الى جانب الاستجابة الى مطالب المحتجين. ولم يصدر أي موقف عن بحث اجراه هيل حول ملف الغاز في البحر والخلاف الحدودي مع إسرائيل، فيما الثابت هو أن تسمية دياب رئيسا للحكومة لن يكتمل الموقف منها في معزل عن التشكيلة الحكومية وبرنامجها الذي ستنفذه.  

إقرأ أيضاً: تكليف دياب يُعبد طريق القضاء على الحريرية!

يعرف المسؤولون اللبنانيون أن الملف الإقليمي المتصل بالعلاقة الأميركية-الإيرانية، هو أكبر من أن يتجرأ المسؤولون اللبنانيون على مقاربته في لقاءاتهم مع المسؤول الأميركي ديفيد هيل “الموفد من قبل وزير الخارجية مارك بومبيو”. فهيل الى كونه مساعد بومبيو، هو دبلوماسي عريق يعرف لبنان، ويتسم بنبرة هادئة ويصفه بعض الممانعين على انه “الأقل سوء من بقية المسؤولين والدبلوماسيين الاميركيين”. وهو يدرك ان المسؤولين اللبنانيين ليسو مؤهلين لبحث ملفات تتصل بما يدرج ضمن المصالح الإيرانية لاسيما تلك الملفات المتصلة بحزب الله ودوره في سوريا أو سلاحه الاستراتيجي في لبنان.  

هيل ينأى بنفسه عن الرئيس المكلف

كرر هيل اثر لقاءاته الرسمية مع الرؤساء الثلاثة “انا هنا لأحث القادة السياسيين في لبنان على إجراء إصلاحات هادفة ومستدامة يمكنها أن تقود إلى لبنان مستقر ومزدهر وآمن.  لقد حان الوقت لترك المصالح الحزبية جانباً، والعمل من أجل المصلحة الوطنية، ودفع عجلة الإصلاحات، وتشكيل حكومة تلتزم بإجراء تلك الإصلاحات وتستطيع القيام بها.  ليس لدينا أي دور في قول من الذي ينبغي أن يتولى رئاسة الحكومة وتشكيلها، او بالأحرى أي حكومة”.

ديفيد هيل
ديفيد هيل

ما يمكن استخلاصه من زيارة هيل هو أن واشنطن التي تراقب مسار الازمة في لبنان، تركز على البعد الاقتصادي والاصلاحي، مدركة أن ثمة جوانب استراتيجية مرتبط بنفق العلاقة الأميركية الإيرانية، علما أن واشنطن فرضت في سلة عقوباتها على حزب الله ما يمكن ان نصفه عقوبات على القطاع المصرفي، من خلال فرض تشدد في الإجراءات بما يحول دون تسرب مليارات الدولارات نحو حسابات مشبوهة بحسب المعايير الأميركية، وأشارت المصادر الى ان هذه القيود كان لها تأثير كبير على النظام النقدي السوري الذي شهد تدهورا على صعيد سعر صرف الليرة السورية.

الإمتعاض الأميركي من القطاع المصرفي

غير أن ما لم يُثره الموفد الأميركي مع المسؤولين اللبنانيين، أقله علناً، هو بحسب مصادر متابعة ل “جنوبية” هو  الإمتعاض الأميركي من الإلتفاف اللبناني الرسمي المصرفي على العقوبات على عدد كبير من الحسابات المصرفية في عدد من البنوك لأسماء يشتبه بتعاملها أو إرتباطها ب “حزب الله”، و ذلك منذ بداية فرض العقوبات والتحايل عليها ، عبر إيهام الخزانة الأميركية انها جمدت هذه الحسابات وأتلفت أصولها، وتصل قيمتها إلى مئات ملايين الدولارات،  ولكنها اكتشفت لاحقاً انه في حقيقة الأمر، عمد حزب الله بالتعاون مع بعض المصارف، إلى فتح مئات الحسابات التي تعود إلى أشخاص يثق بهم الحزب و أودعوها فيها لقاء نسبة مرتفعة تعود لهذه المصارف”.

سقوط الخط الأحمر عن المصارف

وكشفت ان المسؤولين الأميركيين تراجعوا عن الضمانات التي كانوا يعطوها للبنان بأن القطاع المصرفي “خطاً أحمراً”، بعد التحذيرات القاسية والكثيرة من التمادي عمليات تهريب الأموال، والتي تكررت مرات عدة عبر مصارف مختلفة، الأمر الذي دفع للمطالبة بإصلاحات مصرفية وفي مقدمها التشجيع على دمج المصارف من جهة ، التي يعتبر عددها يقارب الخمسين مصرفاً، في وقت ان لبنان بحسب عدد سكانها لا يحتاج إلى أكثر من خمسة، ومن جهة أخرى يسهم في ضبط العمليات المالية المشبوهة، ما يقوي من فاعلية العقوبات وقدرتها فعليا على تحقيق مصادر تمويل “حزب الله”، خصوصا وان إيداعات المصارف تؤمن تمويلاُ يعد الأكبر نسبة إلى كل العمليات التي تضبط في دولة من العالم”.

حزب الله مصرف
حزب الله والمصارف

وخلصت إلى ان الموقف الأميركي اليوم، هو فعلياً يضع الحكومة التي شكلها “حزب الله”، ولو تجنب قولها جهاراً، تحت المجهر الأميركي المالي والمصرفي، بإنتظار قرار الحكومة العتيدة  الإقلاع عن هذه الممارسات أو المزيد من التمادي بها، كي يجري إتخاذ الإجراءات المالية المناسبة تخفيفاً أو تصعيداً، طبعاُ إلى جانب الأداء السياسي”.

السابق
كفررمان تستذكر حكمت الأمين.. وبطاقة بريدية تحيةً لروحه
التالي
50 ألف دولار بين فكّي فأر.. إدخرها مواطن ليجدها ممزقة!