حزب الله ينتهج سياسة إنكار «الحراك» لا المؤامرة

الحراك
منذ اندلاع الاحتجاجات في لبنان في 17 تشرين أول الماضي، وحزب الله يحاول بشتى الوسائل التقليل من شأنها و شان مطالبها المحقة التي بحسب زعمه لا تستوجب نزول الناس إلى الشارع وقطع الطرقات، وأن ما يحصل هو مؤامرة أميركية تستهدفه وسلاحه وحلفاءه.

الغريب في الأمر أن حزب الله الذي واكب التظاهرات في الأسبوع الأول بصحبة اليسار والحزب الشيوعي وغيرهم من حلفائه، عاد وانكفأ فجأة في الأسابيع التالية بعد خطاب أمينه العام السيد حسن نصر الله الذي اعتبر فيه أن التحديات التي تواجهها المنطقة تستوجب بقاء حكومة سعد الحريري وكذلك بقاء عهد الرئيس ميشال عون، وإلا عدّ ذلك استجابة لمطالب الخصوم والأعداء.

استقالة الحريري في 29/10/2019 أربكت حزب الله الذي لم يتوقع سرعة استجابة رئيس الحكومة لمطالب المنتفضين وأصبح همّ الحزب هو المحافظة على المكاسب ، بوصفها الحكومة التي تشكلت بعد انتخابات العام الماضي 2018 والتي كسب فيها الحزب وحلفاؤه الغالبية النيابية بعد تنازل الحريري عن القانون الأكثري لصالح النسبي، فكان تشكيل الحكومة العتيدة انعكاساً لتفوق معسكر 8 آذار المستجد، واستضعافاً لحلف 14 آذار الذي حاز على الأقلية النيابية لأول مرة منذ العام 2005.

اقرأ أيضاً: عندما ينقل «حزب الله» بندقية المقاومة إلى «كتف» السلطة!

لم يرض حزب الله بالسيطرة فقط على الأغلبية في حكومة ما بعد انتخابات 2018 التي ترأسها الحريري، ولكنه عمد أيضاً إلى تقوية حلفائه من باقي الطوائف وخصوصاً الحليف العوني المسيحي، وهو يعد أن رفد التيار الوطني الحر بنواب دعمهم على لوائحه في الجنوب والبقاع وبعبدا، عاد وزاد نوابا الى الكتلة التي يرأسها الوزير جبران باسيل لتصبح أكبر كتلة نيابية “مصطنعة”، بـ27 نائباً.

لهذا فإن مشهد “ثورة 17 تشرين أول“، كان كابوساً حقيقياً على الحليفين (حزب الله والعونيين) وأنصارهما المهددة مشاريعهم ومصالحهم وأطماعهم التي لا يحدها حدود.
فالأول حزب الله أصبح يقدم لبنان بوصفه قاعدته العسكرية التي شرعها بنواب ووزارء ال “أكثرية”، وفي المرحلة اللاحقة وبعد محاصرة خصومه الداخليين وترهيبهم بعملية بدأت مبكراً مع حادث قبرشمون وتهديد زعيم الجبل وليد جنبلاط، وإجراءات عزل “القوات اللبنانية” الخصم الشرس الذي لا يساوم على مبادئه المعادية لطموحات الحزب، فإن المرحلة اللاحقة ستكون انخراط لبنان رسمياً بمحور الممانعة الذي تتزعمه إيران، وذلك بعد تطبيع العلاقات مع نظام الأسد في سوريا.

اقرأ أيضاً: «حزب الله» و«زراعة» الرعب.. من المقاومة إلى «الفلاحة»!

أما جبران باسيل صهر الرئيس ووريثه المزعوم، فهو لديه طموح واضح وجلي لا لبس فيه وهو “الخلافة” في رئاسة الجمهورية، وهو سلف حزب الله الغطاء المسيحي في سبيل تحقيق هذا الهدف وإعانته على خصومه في كل مناسبة.

ولكن في النهاية يبقى السؤال: ماذا سيفعل حزب الله الذي انخرط في العمل الوزاري والنيابي وذاق طعم السلطة وناله فسادها؟ هل يستطيع التهرّب من مسؤولية عن طريق الادعاء أن “الثورة” ومطالب الشعب اللبناني بدولة خالية من الفساد هي مطالب مزيّفة تقف خلفها أميركا وإسرائيل؟
فإلى متى ستستمر سياسة حزب الله الفجّة بإنكار حقوق الشعب اللبناني وإفقاره واضعاف الدول التي أصبحت هيتها أثراً بعد عين؟

السابق
أصحاب الأفران يصرون على تخفيض وزن ربطة الخبز: اي محضر ضبط سنعلن الاضراب فوراً!
التالي
بالفيديو.. الأغنيات العشر أكثر استماعاً في عام 2019 عبر اليوتيوب