«رحلة» البحث عن رئيس الحكومة!

الحكومة اللبنانية
أعلن القصر الجمهوري مساء أمس عن تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس الوزراء الجديد للأسبوع القادم. يبدو هذا التأجيل مؤشرا لعمق أزمة الحكم المستمرة منذ 45 يوماً بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري.

استقالة الحريري لم تكن رداً على الانتفاضة الشعبية، التي كانت سبباً مباشراً لها بقدر ما كانت زيادة رسم الواتساب سببا مباشراً للانتفاضة، انما جاءت بعد فترة طويلة من النزاع بين أطراف السلطة حول أحجام المحاصصة وسعي بعضها إلى محاولة التوسع والحصول على حصة أكبر من حصص أطراف الأخرى.
حاول التيار العوني التمدد على جانبين: الأول تحويل تياره إلى الممثل الوحيد للمسيحية السياسية على حساب الأطراف الأخرى وهذا ما جعله في مواجهة مباشرة مع حزب القوات اللبنانية.

اقرأ أيضاً: السياسة أمام الحراك.. والحكومة مقابل الغذاء!

والثاني، توسيع نطاق حصته في السلطة على حساب أطراف آخرين وأهمها السنية السياسية وذلك تحت شعار استعادة حقوق المسيحيين وهو أي التيار يعني الامتيازات لزعماء المسيحيين وكان النزاع بارزا بين الحريري وباسيل الذي كان يستند في نزاع إلى تحالف مع حزب الله.
استقالة الحريري لم تكن بسبب مطالب أهل الانتفاضة كما يحاول الإيحاء كغيره من القوى السلطوية فقد تقدم بورقة أسماها إصلاحية أثنى عليها الرئيس ميشال عون وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وهي ورقة تحمل المواطنين نتائج السياسات المالية والاقتصادية لأهل النظام. بعدها استقال  وطالب بحكومة تكنوقراط أي حكومة لا مكون سياسي فيها سوى نفسه في حين سعى لإخراج منافسه باسيل منها. وبذلك نقل النزاع بين أطراف السلطة إلى أداة الحكم ليعيد القوة إلى موقعه بعد تقديمه التنازلات المتكررة في مجالات مختلفة.

التيار العوني رد برفض هذا الطرح وإصرار على وجوده السياسي في الحكومة في محاولة لتثبيت ما استطاع تحصيله في نطاق السلطة على حساب السنية السياسية وأكد على ضرورة بقاء الحريري رئيسا شرط التزامه بالتوازن السلطوي الجديد. أي يريد التيار العوني رئيسا للوزراء يوقع على ورقة بيضاء أسوة بما فعله باسيل مع وزراء التيار.
أما حزب الله فقد أعلن على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله أنه ليس مكونا أساسيا في السلطة بل هو الحامي الأساسي لهذه السلطة القائمة على المحاصصة الطائفية ورفض أي مس بها أو أي استقالة. وما يهم حزب الله أن تبقى الساحة اللبنانية مستقرة وآمنة بما يخدم دوره الإقليمي بغض النظر عن السياسات المتبعة في الداخل واصراره على بقاء الحريري وتأكيد تحالفه مع التيار العوني مؤشر لإقامة مناطق حماية له إقليمية ودولية في ظل الهجوم الدولي على دوره الإقليمي.

اقرأ أيضاً: الحكومة ورئيسها.. أولاً

هذا الواقع يجعل من الأزمة الحكومية مديدة ما يعرض الكيان اللبناني للفوضى والخطر.
اقتراح الحريري بتأليف حكومة تكنوقراط غير قابل للتحقيق بسبب رفض أطراف السلطة الآخرين له. وشروط تلك الأطراف على أي رئيس محتمل للحكومة غير ممكن بسبب موقف السنية السياسية من هذه الشروط والتي يجدون فيها انقلابا على الطائف. لا حلول تبدو في الأفق أما مطالب الشعب اللبناني فهي آخر ما يفكر به أطراف السلطة مجتمعين. 

السابق
كي لا تُغتال الثورة
التالي
في هولندا.. غاز «الضحك» ممنوع أيضاً!!