من كسب من استقالة الحريري ومن الذي خسر؟

سعد الحريري
من هو المستفيد والخاسر من حركة الحراك في الشارع ومن استقالة الحريري؟

لم يتأخر الرئيس سعد الحريري في تقديم إستقالته، حالياً لا شيء يغري في الحكم، تِنّين الحراك ذي الرؤوس المتعددة لم يصفع السلطة فقط بل ركلها بقوة، خطوات الى الوراء و حسنا فعل رئيس الحكومة في الرحيل بعيداً عن هيكل متصدع قد حان وقت سقوطه.

في نظرة سريعة حول المستفيد والخاسر من حركة الحراك في الشارع نجد:

ربح الرئيس سعد الحريري جماهيريا، إذ قدّم نفسه للناس كمظلوم بريء وغير قادر على الاصلاح مع منظومةحاكمة، كما قدّم نفسه محايداً وغير معني في الدفاع عن العهد وواثق من نفسه انه إن قرّر العودة فسيعود اقوى بعد حراك المنتفضين.

ربح السيد سمير جعجع جماهيريا في الوسط المسيحي بعدما تضامن بسرعة مع الحراك عبر تقديم وزرائه لاستقالاتهم مغتنما اللحظة الانفعالية والساخطة للشعب علما ان “القوات” كانت تعتزم الاستقاله قبل بدء الحراك، ربح السيد سمير جعجع عبر تشويه غريمه ومنافسه المسيحي جبران باسيل، من خلال اظهاره كمستفز فاشل وكمتهاون في العلاقة مع سوريا وحزب لله.

ربح الحزب الشيوعي اللبناني في نهضته عبر اثبات حضوره الذكي والفعال بين الجيل الصاعد في الحراك وفي اماكن شبه مغلقة على باقي الاحزاب والطوائف ليحتل بجدارة مرتبة الطرف السياسي الثالث في جنوب لبنان بعد.حركة امل وحزب لله.

خسرت حركة امل من رصيدها المعنوي وليس الجماهيري بعد التعرض لقائدها ولزوجته ولبعض النواب بإتهامات صعبة كادت ان تصل الى الاغتيال السياسي كما برزت اكثر الخلافات بين ابناء الرئيس اضافة لتدخل عناصرها بالضرب لطالبات وطلاب وشبان في وسط بيروت مع هتافات طائفية من خارج نص المناسبة ومن خارج الزمان والمكان وكأن من يدير الامور فيها يتحلى بعقل امني-طائفي فقط.

خسر التيار الوطني الحرّ بعد ان انكشفت حالة الرئيس ميشال عون الصحية، ما اوحى لمؤيديه خطأً ان منصب رئاسة الجمهورية شبه شاغر وان الرئاسة دخلت عامها الرابع من دون اي اصلاح ملموس في ادارة الدولة، ومن دون اي تغيير في عقلية الحكم. كما تعرض رئيس التيار لهجمة منظمة سياسية -فنية-نفسية-اجتماعية ناجحة طالته على المستوى الشخصي واظهرته كرئيس مغامر فتنوي يسعى خلف كرسي الرئاسة ويلهث خلف من له في الامر قدرة بالاضافة لابتعاد عديله النائب شامل روكز عنه وظهور خلافات عائلية سياسية في القصر الجمهوري.

ثلاث سنوات في الحكم ولم يقدم القضاء فاسدا واحدا للقضاء!

الخاسر الاكبر مهما فعل، اتدخل مباشرة أم لم يتدخل، أصرّح ام لم يصرّح، حزب لله، كونه الهدف المعلن والمستتر، هدفا مباشرا ام خفياً لمتآمر خارجي او داخلي فليس من السهل ان تدور الاحداث في الشارع على بعد خطوات من نفوذ الحزب، كما لم يوفق الحزب في ما اقدمت عليه شرطة بلدية النبطية ضدّ مسالمين في اغلبهم مقاومين سابقين عند دوار كفررمان وعند جسر الرينغ مع طلاب حالمين دون ان ننسى ان الحزب رفع لفترة شعار الحراك، شعار مكافحة الفساد وبدى للجميع انه فشل.

مهما كانت ردات فعل الحزب صحيحة ام غير صحيحة، متزنة ام عكس ذلك، فإن السهام سترميه وسترمي حلفاءه لان السيد حسن نصرلله اخذ على عاتقه مهمةالدفاع عن العهد امام حراك يطالب بمعاقبة فاسدين وسارقين ما جعل الامور تختلط في اذهان مراهقين وطلبة ومستقلين وفوضويين وحالمين، لم يفهموا الفرق بين عهد و دولة وسلطة وحكم مستمرّ منذ زمن طويل وبين للضرورة احكام.

حماس المنتفضين كان مفرطا امام وعي صارم لحزب يراقب حركةالسفن والغواصات في البحار و حركة الطائرات المسيرة وغير المسيرة في السماء و حركة مشبوهين عند الحدود وفي الداخل ينتهزون اول فرصة للانقضاص على المقاومة وعلى سلاحها.

عرف السيد وليد جنبلاط كيف يبتعد عن الخسارة وعن الربح في بلاد تشتعل ولو انه كان مسرورا لفوزه على جبران باسيل في حلبة الملاكمة و بالنقاط و عن طريق غيره.

وحدها الناس سجلت انتصارا امام نفسها اولا وامام السلطة ثانياً، لربحها ثقتها بنفسها وبإمكانيةالتغيير في الشارع إن قدّمت خطابا وطنيا جامعا لا تقدر عليه عقول الطائفيين وان قدمت خطابا نزيها وعادلا لا تقدر عليه عصابات الفاسدين وناهبي الامول.

السابق
هكذا سقطت الجمهورية الثانية
التالي
حراك صور: مستمرون في الاعتصام