نجوم السماء «تُطيح» بنجوم الكتف!

ولد

مرّ الطفل محمود ذو العشر سنوات  برفيق له يدعى محمد يبلغ من العمر أحد عشر عاماً فوجده حزيناً مستنداً على عامود كهرباء نخره الصدأ عند زاوية شارع تملؤها القمامة فسأله عن حزنه فأعلمه أن والدته أخذته إلى طبيب نفسي يأتي إلى مستوصف في الجوار لأنه جبان ولا يعرف أن يدافع عن نفسه، وأن رفاقه يستخفون به ويسخرون منه…

غضب محمود المغرور والواثق بنفسه ونهره سائلاً إياه ومعاتباً لأنه لم يشكو له همّه ولم يخبره عن مشكلته سابقاً.
نظر إليه محمود بعينين ثاقبتين وقال:

إسمع يا حمودي، ستنفذ ما اطلبه منك، بما أن معظم رفاقك لا يعرفون أين تسكن ولا من هم أهلك قستقول أن والدك عميد بالجيش وستؤكد على كلامي دائماً، هل إتفقنا؟
وافقه محمد الخجول والمسالم ومشى خلف محمود المزهو بنفسه باتجاه زاروب شبه مغلق حيث يتكاثر الأطفال من عمرهما، يلعبون كرة القدم في الشارع و بين السيارات، يرسمون المرمى بالطبشور و إذا تعذر، يضعون حجرين على مسافة مترين…
ما أن اختلطا برفاقهم حتى طلب محمود من الأطفال أن يكون محمد معه في فريقه وهمس لمن حوله قائلاً:
حمودي والده عميد بالجيش لا أقدر أن أغضبه…

فوجىء الأطفال بالخبر وتملكتهم الحيرة وإذ بأحدهم يسأل محمود بصوت خافت:
لكنه ضعيف وجبان ولا يهجم ضد أحد؟
هزّ محمود رأسه متأففاً ومتكبراً واقترب من أذنه وتمتم:
أيها الأحمق، والده يصطحبه إلى التدريب يومياً وقد علّموه أن لا يعتدي على أحد، لأنه واثق من ضربته إنها مؤذية وقاتلة، أنظر إلى الجرح عند معصمه، إنه أثر جرح لا يؤلمه أصيب به عندما طلبوا منه أن يكسر صفاً من الحجارة بقبضته…
هاب الأطفال محمداً، تحلقوا حوله يطلبون رضاه…

رجع محمود نحو حمودي وطلب منه أن يتقدم نحو خالد الطفل الذي يبلغ الحادية عشر من عمره والمعروف من باقي الأطفال أنه عدواني ومفرط بالحركة، طلب من حمودي أن يتقدم نحوه وأن يصفعه على وجهه وأن يصرخ به أن يتوقف عن مهاجمة رفاقه…
لم يتردد حمودي فقد وعد محمود أن ينفذ أوامره، اقترب من خالد وصفعه على وجهه وهدده أنه لن يسمح له من الآن وصاعداً أن يعتدي على أطفال الحيّ وما إن أنهى حمودي صراخه حتى قفز محمود ليقف بينهما قبل أن يعي خالد ما حصل له وقبل أن يردّ خالد الصفعة بقبضة يده القوية فتنفضح شجاعة حمودي أمام الجميع، وقف بينهما وبدأ يرجو حمودي أن لا يخبر الجيش وأن لا ينفذ ما علموه من خطط دفاعية في العراك وثم التفت إلى خالد وقال:
يا خالد، إعتذر من حمودي، إكسر الشرّ، أعرف ما لا تعرفه.
وبالفعل قدّم خالد المنبهر من عنصر المفاجأة والخائف من تصريحات محمود عن مكانة حمودي، قدم الاعتذار وترك الزاروب ومضى بحال سبيله…

اقرأ أيضاً: أين يُصنع القرار الحزبي في لبنان؟

دقائق قليلة وتحول حمودي إلى طفل نشيط واثق من نفسه، ماهر في لعب كرة القدم، جريء بكلامه وبتصرفاته مع رفاقه، لا يصدق ما يحصل…

عندما حان وقت إنتهاء اللعب، مشى محمود وبقربه حمودي باتجاه منزلهما ليقول محمود له:

لا تذهب مع أمك للطبيب النفسي مرة أخرى فقد أصبحت أقوى من خالد وهزمته، أجاب حمودي:

لكن أبي بائع حلويات وليس عميداً بالجيش وأنا لم أجرح معصم يدي بتكسير الحجارة.

إبتسم محمود وأجابه:
إشتري بضعة نجوم من المكتبة وعندما تصل إلى البيت ثبّتهم على كتفيّ والدك وقل له إني رفعت رتبته من بائع حلويات إلى عميد بالجيش، لا يفهم الأطباء لغة الشارع.

السابق
الدولار بين الصعود والهبوط.. ما هو السبب؟
التالي
ميزانية سوريا 2020: عجز للنصف وتجاهل خسائر الكهرباء