بين من يهلل للدولة وآخر لـ7 أيّار.. إنذارٌ بالفتنة!

الرينغ

أثار الاعتداء على المتظاهرين غضب الشارع اللبناني الثائر ضد الفساد والقهر والجوع، خاصةً وأن الاعتداءات المتكررة أنذرت بشكلٍ أو بآخر بصدام بين أبناء البلد الواحد، ولو كان الطرف المعتدي لا يعترف بالدولة بل بالدويلة ويُهلل لـ 7 أيار جديد.

إقرأ أيضاً: توتر في الشارع.. برّي: «لحكومة بمعزل عن إسم رئيسها»

في هذا الإطار كتبت صحيفة “النهار” تقول: “لم تردع الضجة الكبيرة التي أثارتها الإعتداءات الترهيبية التي شنّها أنصار للثنائي الشيعي “أمل” و”حزب الله” ليل الأحد على المتظاهرين عند جسر “الرينغ” والتي استمرت حتى فجر أمس، هؤلاء المناصرين ولا قادتهم أو المسؤولين عنهم عن تكرار الممارسات الاستفزازية نفسها ولو باتت تهدّد بإثارة فتنة على خلفية إطلاق شعارات وتبريرات تحمل طابعا مذهبياً فاقعاً لهذه الاعتداءات.

ولعل أكثر ما أثار الشكوك والمخاوف مع انكشاف مشهد الأضرار التي خلفتها المواجهات العنيفة التي افتعلتها الجماعات المعتدية على المتظاهرين مع المتظاهرين والقوى الأمنية أن أي ردّ فعل رسمي أو سياسي أو قيادي لم يصدر على ما جرى، بل ان محاولات أخذ التداعيات في اتجاه حادث السير المفجع في الجيه الذي ذهب ضحيته المواطن حسين شلهوب وشقيقة زوجته سناء الجندي وإدراجه في إطار توظيف التعبئة ضد الانتفاضة الشعبية لم يشكل مؤشراً مريحاً لوجود رغبات جادة في منع أي انزلاقات نحو اهتزازات أمنية أو فوضوية.

كما أن تكرار الاستفزازات مساء أمس من خلال عودة انصار “أمل” و”حزب الله” الى تحدي المتظاهرين والقوى الأمنية وتنظيم مواكب استفزازية جالت في وسط بيروت ومحيط ساحات الاحتجاج أوحى بمخطط ثابت أو قرار سياسي كبير لدى القيادتين الحزبيتين بإطلاق أيدي جماعات المناصرين في هذا النوع من التحركات سعياً الى ترسيخ معادلة “توازن الردع” في مواجهة المتظاهرين واتهامهم بتعطيل حرية التنقل من خلال قطع الطرق والتسبب بمقتل شلهوب والجندي. وهو أمر برز بوضوح مع تنظيم أنصار الثنائي مواكب من مئات الدراجات النارية التي جالت ليلا في وسط بيروت ومحيطها والكثير من أحيائها حيث اتخذت القوات الأمنية والعسكرية مزيداً من الإجراءات تحسباً لأي خلل أمني. كما برز ذلك من خلال اطلاق شعار مستنكر واستفزازي في احتفال حاشد أقيم مساءً في المشرفية تضامنا مع ضحيتي حادث الجية ردده الألوف وهو “الشعب يريد 7 أيار جديد” في إشارة الى العملية المسلحة التي نفّذها “حزب الله” ضد “تيار المستقبل” في بيروت عام 2008.

وانتقل التوتّر ليل أمس الى منطقة قصقص حيث وصلت مواكب من الدراجات النارية لأنصار الثنائي الشيعي وحصل تراشق بالحجارة ثم تطوّر الأمر الى اطلاق نار، الأمر الذي دفع الجيش الى الانتشار بكثافة واقفال الطريق عند نقطة الطيونة. كما أن مواكب الدراجات وصلت الى أطراف عين الرمانة من دون دخول أحيائها حيث حصل “استنفار” أهلي واستتبع بانتشار للجيش.

وتكرر المشهد في ساحة مدينة صور هذه المرة حيث هاجمت مجموعات حزبية المحتجين المعتصمين وقام الجيش بالفصل بين الفريقين. وأصدر “تيار المستقبل” بياناً طلب فيه من جميع مناصريه ومحازبيه “عدم المشاركة في أي تحركات احتجاجية والانسحاب من أي تجمعات شعبية، والامتناع عن تنظيم المواكب الدراجة والسيارة وكل ما يمكن أن يخالف موجبات السلم الأهلي وتطبيق القانون”. وقال إنه “بإزاء خطورة ما نشهده من تحركات في الشارع يهيب بكل مناصريه ومحازبيه في العاصمة بيروت والمناطق اللبنانية، التزام توجيهات الرئيس سعد الحريري بالابتعاد عن أي عراضات وتجنب الانجرار وراء أي استفزاز يراد منه إشعال الفتن، والتعاون مع الجيش والقوى الأمنية لتكريس التهدئة وضبط الأمن وتنفيس كل احتقان”.

وليلاً تجولت مجموعات أخرى في الكولا مطلقة النار في الهواء بكثافة وشهدت المنطقة توتراً واسعاً.

مجلس الامن

في أي حال، بدأ هاجس الاهتزازات والمواجهات الفوضوية يطغى على المشهد أسوة بالمخاوف المتعاظمة من انهيار مالي واقتصادي تتنامى مؤشراته بسرعة من غير أن يتضح أفق أي حل سياسي وشيك لأزمة الاستحقاق الحكومي باعتبار أن بداية اطلاق المسار الدستوري لتأليف الحكومة تشكل وحدها الرادع المحتمل للانهيار أو المفرمل له على الأقل. وشكل تزاوج الخطرين الأمني والمالي مؤشراً متقدماً للخطورة الاستثنائية التي باتت تحكم واقع لبنان وسط انعدام أفق الحل السياسي والتريّث الخيالي المتمادي في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة علماً أن تبادل رمي كرة المسؤولية في هذه الازمة الطاحنة لم يعد يستر واقع الانكشاف التام للفشل والعجز في احتواء أخطر أزمة عرفها لبنان في تاريخه الحديث. ولم يكن أدل على بلوغ الوضع ذروة متقدمة من الخطورة من البيان الذي أصدره مجلس الأمن مساء أمس عن الوضع في لبنان بما عكس تنامي قلق الامم المتحدة من هذا الوضع. فقد دعا المجلس الى الحفاظ على “الطابع السلمي للاحتجاجات” في لبنان بعد هجمات لأنصار “حزب الله” وحركة “أمل” ليل الاحد.

وجاء في البيان الذي وافق عليه المجلس بالاجماع خلال جلسة عادية حول لبنان أن الدول الاعضاء “تطلب من جميع الأطراف الفاعلين إجراء حوار وطني مكثف والحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات من طريق تجنب العنف واحترام الحق في الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي”.

وأضاف أن دول المجلس “تشيد بدور القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من المؤسسات الأمنية في الدولة للدفاع عن هذا الحق”.

وأكد مجلس الأمن “أهمية ان تشكل في وقت سريع حكومة جديدة قادرة على الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني واستعادة استقرار البلاد ضمن الإطار الدستوري”.

وتزامن صدور البيان مع موقف لممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش من التطورات الأخيرة إذ غرد على صفحته عبر “تويتر”: ” الهجمات التي شنّها مجدداً الليلة الماضية مناصرون لحركة “أمل” و”حزب الله” تظهر مدى خطر أعمال ناشطين سياسيين ومدى سهولة اطلاق مواجهة حتى طائفية ومدى التحدي الذي تشكله للقوى الأمنية من أجل احترام القانون والنظام. أدعو جميع القوى السياسية الى السيطرة على مناصريهما من أجل تفادي استخدام التظاهرات الوطنية لاجنداتهم السياسية”.

كما كان للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقف قبيل افتتاح أعمال مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك في القاهرة، اذ قال: “ندين معكم ما حصل ليل أمس من اعتداء ليس في مكانه ولم يطاول الشباب السلمي وانما كان للجيش وللقوى الأمنية نصيبهما منه. نحن نشجب هذا النوع من التعاطي في قضية مقدسة لأن الشباب والصبايا يطالبون بما هو خير للبنان وشعبه ومؤسساته والاعتداء عليهم هو إعتداء على لبنان وعلى القضية المقدسة. ندين التعدي على الأملاك العامة والخاصة من سيارات ومحلات ونناشد في الوقت نفسه الشباب والصبايا ضبط أنفسهم والتحلي بالروح الحضارية والتجاوب مع القوى الأمنية والجيش في ما يتعلق بالخير العام”.

الشلل

وفيما استمر الشلل السياسي على حاله نقل عن مصادر متابعة لتحرك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الموضوع الحكومي أن “الخيارات أصبحت ضيقة”، لافتة الى أن “هناك طلبا ان تكون هناك أجوبة حاسمة في الساعات الـ 24 المقبلة ولا سيما من الرئيس سعد الحريري”. وقالت المصادر: “نحن في اتجاه جدي لتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة وما كنا نتخوف منه في الشارع قد حصل في الرينغ أمس”. وأوضحت أن الرئيس عون سيتجه الى الاستشارات النيابية. غير أن معلومات أخرى أشارت الى أن الاتصالات المستمرة، لم تحقّق أي اختراق بعد. وتعززت الأجواء المتشائمة بما بدأ يظهر لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري من تخليه عن التمسّك بالرئيس الحريري لرئاسة الحكومة العتيدة اذ نقل عن بري أن الأسماء المرشحة لم تعد تهمه وأنه مع الإسراع في تأليف حكومة من دون التوقّف هذه المرة عند اسم رئيسها.

وتكراراً لموقف يبدو أن “التيار الوطني الحر” برئاسة الوزير جبران باسيل بات يردّده أخيراً كانعكاس لـ”الطلاق” الحاصل بينه وبين الرئيس الحريري تحدّث وزير الدفاع الياس بو صعب أمس عن “وجود عمل جدّي لكي نتمكن من تأمين الحد الأدنى من الأصوات في المجلس النيابي وهناك جهد لتكليف رئيس يتمكن من التشكيل ونيل الثقة، وربما في الساعات القادمة نصل الى نتيجة فنكون أمام تكليف قريب”، مشيراً الى “أنه بحسب المعطيات فإن الحريري بات مقتنعاً أنه يمكن تكليف سواه تشكيل حكومة”.

السابق
الدولار يحطم رقماً قياسياً.. وصل الى الـ2020!
التالي
لبنان على طاولة مجلس الأمن.. اليكم التفاصيل