توتر في الشارع.. برّي: «لحكومة بمعزل عن إسم رئيسها»

نبيه بري

بعد التوتر الذي شهده الشارع أمس ونجاح السلطة في وضع شارع مقابل شارع من أجل إسقاط الأهداف المطلبية للثوّار، لا تزال الأجواء الحكومية ملبّدة ولا يزال التعقيد سيد الموقف لناحية التكليف والتأليف الحكومي.

في هذا الإطار، كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : “تجلّت الأزمة بأبشع صورها في الساعات الأخيرة، وقف فيها لبنان ‏على حافة تطورات غير محمودة النتائج. الصورة التي شاهدها كل ‏اللبنانيين؛ من تحرّكات اختلط فيها السياسي بالمطلبي، إلى حد لم ‏تعد تعرف وجهتها الحقيقية، وقطعٍ غير مبرر للطرقات وشعارات اظهرت ‏البعد المذهبي الكامن لكل اللبنانيين، ناهيك عن الاعتداء على ‏املاكهم وارزاقهم. تلك الصور يتربّع في اطارها سؤال برسم الطبقة ‏السياسية والحراك الشعبي في آن معاً: أيّ عبرة استخلصتمونها مما ‏حصل؟ وإذا كنتم تعانون المأزق، فلماذا تسحبون البلد واهله معكم ‏الى هذا المأزق؟

‎40 ‎ يوماً، والشعارات ذاتها، والحراك ذاته، والسلطة ذاتها، والكيد هو الحاكم بأمر ‏الجميع والمتحكّم بطرفين يقف كل منهما خلف متراسه في معركة شتم وقدح وذمّ ‏لا اكثر، استجلبت اليها زعران الشوارع والزواريب ليعيثوا في الأرض فساداً وترويعاً ‏للمواطنين. أما المواطن، فقابع في زاوية الخوف، حاضره مهدّد، وغَده مجهول، ‏ورزقه ومدخراته ابتلعها غول المصارف حتى أفلس، الى حدّ لم يعد يملك حتى ثمن ‏قوت يومه‎.

لقد اثبتت هذه التجربة المريرة التي يمرّ بها اللبنانيون، انّ الشعارات الطويلة ‏والعريضة التي تُطلق من السلطة او من تلاوين الحراك، لم تعد قادرة على ان تجد ‏سبيلاً الى إقناع المواطن بأنّ ثمة صادقاً تتملكه الحماسة للانتقال بالواقع اللبناني ‏فعلاً، الى برّ أمان صار مفقوداً، جرّاء العشوائية والمنحى الفوضوي الذي تُساق ‏فيه الأمور منذ 17 تشرين الاول. فالجميع، ومن دون استثناء، في نظر الناس، ‏متهمون الى ان يثبت العكس‎.

لقد اكّدت هذه التجربة انّ الحراك، هو مجموعة حراكات كل منها يغني موّاله. اما ‏الطاقم السياسي، فتجده نازلاً الى حلبة تصفية حسابات مع بعضهم البعض، ‏وخصوصاً بين شركاء الأمس القريب في المكاسب والمغانم والصفقات ‏والسمسرات، التي لم تكن خافية على احد لسنوات طويلة. على انّ الطامة ‏الكبرى في هذا المجال، انّ هذه المعركة التي بلغت اعلى درجات الاحتدام، ‏يصوّرها اطرافها بأنّها معركة بين ملائكة وشياطين، فيما هي على حقيقتها ‏الساطعة معركة بين مجموعة شياطين تلبس اقنعة الملائكة والقديسين‎.

هذه الصورة السوداء، بما رافقها من مواجهات بين شوارع متصادمة، تبدو انّها ‏أطلقت العدّ التنازلي السلبي لإسقاط البلد نهائياً في رمال أزمة متحرّكة توشك ان ‏تبتلعه. وأسوأ ما في هذا الواقع هو انّ اصحاب الأمر والنهي على مستوى ‏السلطة الحاكمة، ليسوا عابئين الّا بما يحصّن عروشهم فقط، بينما بيوت الناس ‏توشك ان تنهار على رؤوسهم. ويرفضون التنازل، ولو بشيء ضئيل لا يُذكر من ‏نعمهم، لإطفاء الحريق‎.

ثمة تسليم عام بأنّ الواقع المعقّد سياسياً، يتطلب صدمة لإحداث خرق ايجابي ‏فيه، وأولى الخطوات المؤدية اليها، تتجلّى في المسارعة الى تشكيل حكومة ‏تعيد لملمة اجزاء البلد التي بدأت تتناثر. لكن المشكلة الكبرى تكمن في التباينات ‏السياسية التي تبقي الحكومة الجديدة بعيداً من المتناول، وفي إصرار بعض ‏الجهات السياسية على رمي المسؤولية على “مجهول” خارجي يمنع تشكيلها‎!‎

استثمار وتعطيل‎

وبمعزل عن وجود العامل الخارجي المعطّل او عدمه، فإنّ الوقائع السياسية التي ‏تظهّرت منذ بداية الأزمة وحتى اليوم، وعلى ما يقول مشاركون في حركة ‏الاتصالات الآيلة الى توليد الحكومة، “تشي بما لا يقبل ادنى شك، بأنّ كل طرف ‏من اطرافها، يريد ان يستثمر على حراك 17 تشرين لتشكيل حكومة على مقاسه، ‏وتخوّله ادارة دفّة البلد في الاتجاه الذي يريده. العقدة كامنة هنا، يزيدها تعقيداً من ‏جهة، تعمّد بعض الجهات السياسية، محاولة رفع سعرها السياسي وسقف ‏شروطها للإفراج عن الحكومة، إن حول حكومة اختصاصيين، او حول حكومة ‏تكنوسياسية بصلاحيات استثنائية، ومن جهة ثانية، رفض جهات سياسية اخرى ‏لان يقدّم الحكومة لتلك الجهات بشيك على بياض‎”.‎

لا تقدّم‎

وبحسب المصادر المعنية مباشرة بحركة الاتصالات، فإنّ “العقدة الاساس تكمن ‏هنا، ولم تتقدّم المفاوضات حولها قيد انملة بعد، بين “الثنائي الشيعي” ورئيس ‏الحكومة المستقيل سعد الحريري، والاجتماع الاخير بين الطرفين لم يصل الى اي ‏ايجابيات، بل انّ الثنائي لا يزال ينتظر جواباً نهائياً من الحريري حول بعض الامور، الّا ‏انّ ذلك لم يحصل بعد‎”.

ولفتت المصادر، الى انّه حتى الأمس القريب، كان ثمة قرار واضح من قِبل قيادتي ‏حركة “امل” و”حزب الله” بإبقاء باب التفاوض مفتوحاً مع الحريري، ولا شك أنّه ‏قوبل من قِبل الحريري بانفتاح على التفاوض. وذلك كان نقطة ايجابية يمكن ان ‏يُؤسس عليها لتحقيق اختراق ايجابي في اي لحظة، ولكن هذا لم يحصل، وبقيت ‏المفاوضات تدور في حلقة مفرغة‎”.

وكشفت مصادر وزارية متابعة للاتصالات لـ”الجمهورية”: “انّ الامور تراوح في ‏الحلقة نفسها، فكل الاوراق صارت مكشوفة ولعبة الشروط والشروط المضادة ‏تخضع لحركة الشارع‎” .

واستبعدت المصادر حصول الاستشارات النيابية المُلزمة هذا الاسبوع “لأنّ ‏السياسة متوقفة على كباش اصبح واضحاً، خلاصته انّ الحريري يقبل بحكومة ‏تكنوسياسية شرط ان يكون جبران باسيل خارجها، والّا تكون لديه قوة تعطيلها. ‏والاخير يقول: انا رئيس اكبر تكتل نيابي واكبر تيار مسيحي واملك كامل الشرعية ‏لان اكون شريكاً اساسياً في القرارات وتحديد السياسات‎”.‎

بعبدا

على انّ اللافت في ظل هذا الانسداد، الكلام المُتداول في الساعات الاخيرة عن ‏انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصدد تحديد موعد الاستشارات النيابية ‏الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديد، خلال الاسبوع الطالع، الّا انّ هذا الكلام لم ‏تؤكّده اوساط رئيس الجمهورية، التي اكّدت انه يتابع مشاوراته على هذا الصعيد، ‏اضافة الى انّه يواكب حركة الاتصالات الجارية في مواقع اخرى (بين الثنائي ‏الشيعي والحريري)، وفور اكتمال هذه المشاورات، سيبادر رئيس الجمهورية فوراً ‏الى تحديد موعد الاستشارات، وقد يحصل ذلك في اي لحظة‎”.‎

بيت الوسط‎

والاجواء نفسها عكستها اوساط “بيت الوسط”، التي نفت علمها بتوجّه رئيس ‏الجمهورية الى تحديد موعد الاستشارات هذا الاسبوع، مؤكّدة لـ”الجمهورية” انّ ‏‏”ما يتصل بالاستشارات المُلزمة هي من اختصاص رئيس الجمهورية، ولا علم لنا ‏بما يحضّره فخامة الرئيس في هذا المجال. وعندما يحدّد الرئيس موعد ‏الاستشارات سيبنى على الشيء مقتضاه بالتأكيد‎”.

اما في خصّ المفاوضات مع “الثنائي الشيعي”، فأكّدت الاوساط ان لا جديد على ‏هذا الخط، علماً انّ موقف الرئيس الحريري معروف من البداية، وهو تفضيله تشكيل ‏حكومة اختصاصيين، وهو ثابت على هذا الموقف‎”.‎

مفاوضات صعبة‎

وحول حصيلة المفاوضات مع الحريري حتى الآن، اكتفى مرجع مسؤول متابع عن ‏كثب لتفاصيل هذه المفاوضات بالقول لـ”الجمهورية”: “كان التفاوض لا يزال قائماً، ‏على امل الوصول الى حل سياسي في نهاية المطاف، وراهنا من البداية على ‏تحقيق ايجابيات، وانتظرنا وما زلنا ننتظر ان يحسم الرئيس الحريري موقفه، وتبعاً ‏لذلك، لا نستطيع ان نقول بأننا اقتربنا من عتبة بلوغ تفاهم على الخط الحكومي. ‏فثمة اجوبة منتظرة، لكنها لم تصل بعد، وعدم وصولها حتى الآن، يدفع الى القول ‏بأنّ الاجواء رمادية وقاتمة‎”.

وعمّا اذا كانت الصعوبة في بلوغ هذا التفاهم على الخط الحكومي مردّها الى ‏عامل خارجي، قال المرجع: “نكذب على انفسنا ان استبعدنا وجود العامل ‏الخارجي، ولكن على هشاشة واقعنا اللبناني والضعف الذي يعاني منه حالياً، في ‏مقدورنا ان نستمر في الحفر في صخرة المواقف المتصلبة، حتى تلين ونصل الى ‏اتفاق داخلي، بوصفه فرصة تنتشل البلد مما هو عليه الآن من اختناق. اذ من ‏شأن هذا الاتفاق ان يفرض نفسه على كل العوامل الخارجية المعطلة، ويُخضعها ‏لإرادة اللبنانيين بإنقاذ بلدهم، الّا انّ الشرط الاساس هنا هو ان تتوفّر هذه الإرادة، ‏معززة بالشعور بالمسؤولية تجاه بلد يوشك ان يلفظ انفاسه. ألم نشهد ماذا حصل ‏بالامس على جسر الرينغ، ألا ينبغي علينا ان نأخذ العبرة مما جرى”؟‎

ورداً على سؤال عن شكل الحكومة الجديدة، قال المرجع: “حكومة اللون الواحد ‏مرفوضة شكلاً ومضموناً، سواء حكومة سياسية تأتي برئيس حكومة يدور في ‏فلك 8 آذار وحلفائها، وهذا معناه حكومة مواجهة مع شرائح واسعة من اللبنانيين، ‏وبالتالي لا توجّه نحو مثل هذه الحكومة على الاطلاق. ولا بحكومة تكنوقراط ‏بوصفها ايضاً من حكومة لون واحد، انما هو لون ضعيف لا يناسب ظروف المرحلة ‏الحالية التي تتطلب حكومة مختلطة ومحصنة سياسياً‎”.‎

عين التينة‎

هذه الأجواء القاتمة، كان لها انعكاس سلبي في عين التينة. فرئيس المجلس ‏النيابي نبيه بري يقارب الملف الحكومي وتعقيداته بانزعاج ظاهر، معتبراً انّ اسباب ‏التأخير في تشكيل الحكومة غير مبررة على الاطلاق. بما اوحى وكأن الاجتماع ‏الاخير بين الحريري والمعاون السياسي لرئيس المجلس الوزير علي حسن خليل ‏والمعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين خليل لم يخرج بنتائج ‏ايجابية‎.

وفُهم من كلام رئيس المجلس امام زواره امس، أنّ “هناك اجوبة ما زالت ‏منتظرة”. غامزاً في الوقت ذاته من انّ “هناك من لا يزال يرفض التجاوب مع الحل ‏الجاهز، وكأن صاحب هذا الموقف يتعمّد المماطلة ويريد للبنان ان يغرق اكثر في ‏ازمته الراهنة، وهو امر يثير القلق والريبة‎”.

واستغرب بري الغياب الحكومي عمّا يجري في البلد في هذه الفترة، متسائلاً، ‏اليس في البلد حكومة تصريف اعمال، وهي ما زالت قائمة، فلماذا هي غائبة وكأن ‏ليس في البلد ازمة، ولماذا لا تجتمع وتواكب ما يجري وتقوم بما هو مطلوب منها ‏واتخاذ ولو الحد الادنى من الخطوات التي تخفف من هذا التوتر؟‎
واذ اكّد بري معارضته لحكومة التكنوقراط، قال: “معالجة الازمة واسبابها تتطلب
‏حكومة تكنو- سياسية‎”.

وخلافاً للحماسة الدائمة التي كان يبديها رئيس المجلس حيال تمسّكه بالرئيس ‏سعد الحريري على رأس الحكومة الجديدة، لاحظ زواره تبدلاً في هذا الموقف، ‏حينما اكّد امامهم انّه لم يعد متمسكاً بأي اسم. بل مع من يريد ان يحمي البلد. ‏وقال: “الاسماء ليست مهمة، بل المهم الآن هو ان تتشكّل حكومة تتحمّل ‏المسؤولية وتضع الحلول اللازمة للأزمة، أيًّا يكن رئيسها‎”.‎

الموفد البريطاني‎

الموضوع الحكومي، كان محل بحث بين بري ومدير الادارة السياسية في وزارة ‏الخارجية البريطانية ريتشارد مور امس، حيث ابلغ الموفد البريطاني رئيس ‏المجلس موقفاً داعماً للبنان واستقراره، اكّد فيه انّ المجموعة الاوروبية مهتمة ‏بلبنان وتضعه في رأس اولوياتها، وهي تنظر بعين الحرص على هذا البلد، وتأمل أن ‏يتمكن من تشكيل حكومة جديدة تراعي الظروف الجديدة في لبنان وتضع الحلول ‏المطلوبة للأزمة التي يعاني منها. وكشف بري انّ الموفد البريطاني ابلغه بأنّ من ‏الطبيعي ان تتمثل الكتل النيابية في الحكومة الجديدة‎.‎

مع عون‎

وفي جانب آخر من زيارة الموفد البريطاني، فإنّه اكّد لرئيس الجمهورية العماد عون ‏استمرار بريطانيا بدعم الجيش. معتبراً انّ هذا الدعم لا يتصل بأي حكومة لبنانية ‏جديدة ولا بالأجواء السياسية، مشدداً على اهمية الإستماع الى اصوات الشباب ‏اللبناني المنتفض وتوفير الأجواء التي تضمن تلبية مطالبهم‎.

وطرح الموفد البريطاني جملة اسئلة عن الظروف التي تتحكّم بالأزمة الإقتصادية ‏والنقدية والمخارج المقترحة، معرباً عن استعداد المجتمع الدولي للمساعدة ‏للخروج من المأزق. كما سأل عن تشكيل الحكومة وما يمكن القيام به للإسراع ‏بتأليفها، مؤكّداً انّ بلاده والمجتمع الدولي لن يتدخلا في اي تفصيل مرتبط بشكلها ‏ومهمتها التي تعني اللبنانيين وحدهم. وكل ما يأملونه ان تُشكّل بالسرعة ‏القصوى لإستعادة ما فُقد من ثقة بالدولة ومؤسساتها بأسرع وقت ممكن ‏ولمخاطبة المجتمع الدولي بمؤسسات كاملة الأوصاف الدستورية‎.
وبعدما لفت رئيس الجمهورية الى حجم ازمة النازحين وانعكاساتها السلبية، ردّ ‏الموفد البريطاني مقدّراً للبنان ما قدّمه في هذا الموضوع، مبدياً استعداد بلاده ‏لتقديم المزيد من العون‎.‎

لا قطع طرقات‎

ليل الأحد – الاثنين، نام اللبنانيون على احداث واشتباكات مريبة، فجسر الرينغ كاد ‏في لحظة فوضى أن يقطع أوصال الوطن، بشارع في مواجهة شارع، ما ايقظ في ‏اذهان اللبنانيين صوراً من الماضي الكريه. اما على طريق الجنوب فتسببت فوضى ‏قطع الطرقات بسقوط شهيدين‎.

هذا الجو الفوضوي اثار موجة من الاستنكار، فيما باشرت الأجهزة القضائية والأمنية ‏تحقيقاتها في ما حصل على جسر الرينغ. ونبّه مصدر امني رفيع الى خطورة ‏المشهد الذي حصل على الرينغ وقال لـ”الجمهورية”: “سبق وحذّرنا السياسيين ‏من انّ البديل عن الدولة سيكون هؤلاء المتظاهرون، وسينزل بوجههم متظاهرون ‏آخرون يعتبرون انفسهم كذلك انّهم الدولة، ولن يكون باستطاعة الجيش والقوى ‏الامنية سوى الفصل بينهم وتشكيل خطوط تماس بين الشارعين، وهو ما يمكن ‏ان يأخذ بنا الى البلاء الاعظم لانّه بالنسبة الى العسكريين فهم كلهم لبنانيون ‏واي انحياز ستكون عواقبه وخيمة‎”.

وكشف المصدر، انّه وخلال الاجتماعات الامنية التي حصلت كان البحث في هذا ‏السيناريو يتقدّم على ما عداه، باعتباره الاخطر لانّ الاحتقان سيولّد الانفجار وقطع ‏الطرقات سينتهي بصدامات. ولفت المصدر الى “انّ التعاطي العسكري والامني ‏سيكون مغايراً في المرحلة المقبلة، وانّ سياسة الضرب بيد من حديد هي عنوان ‏المرحلة بعدما شوهد الشارع ينزلق نحو المحظور. ومن هنا فإنّ القرار قد اتُخذ ‏بشكل صارم بعدم السماح بقطع الطرقات من الآن فصاعداً، وسيكون الجيش ‏حاسماً في هذا المجال‎”.‎

بري: حذار الفتنة‎

واعتبر الرئيس بري انّ ما حصل في وسط بيروت وعلى الطريق بين العاصمة ‏والجنوب مدان بكل المقاييس، حيث تعمّدت لقمة العيش بالدم فسقط الشهيدان ‏حسين شلهوب وسناء الجندي‎.

وعبّر بري عن امتعاض شديد مما حصل على جسر الرينغ، مؤكّداً انّ الشبان ‏الغاضبين الذين نزلوا الى الرينغ ليل امس الاول تحرّكوا بطريقة عفوية وليس بقرار ‏سياسي او حزبي. منبّها الى انّ المرحلة صعبة ولا تتحمّل الغلواء، مبدياً رفضه ‏الدعوات للردّ على الاستفزازات واستخدام القوة لمنع قطع الطرقات، مؤكّداً انّ ‏الدولة، تبقى المرجعية الوحيدة لحماية الناس وحقهم في حرّية التنقل‎.

ولفت بري الى انّ هاجسه الاساس في هذه المرحلة هو تفادي الفتنة، كاشفاً انّ ‏‏”هذا الاعتبار الوطني هو الذي دفعني الى اصدار بيان ساويت فيه بين الدم البريء ‏الذي سال على طريق الجنوب وبين ما حصل على جسر الرينغ ومحيطه”. وقال: ‏‏”إن اخطر ما حصل على الأرض لم يكن ما جرى في الرينغ او على طريق الجنوب، ‏وانما هناك فتنة اشد خطورة كان يجري التحضير لها في مكان آخر، ونجحنا في ‏وأدها”. ورفض بري كشف المزيد من التفاصيل حولها “حتى لا نساهم في تأجيج ‏النار، في حين اننا نسعى جاهدين الى اطفائها‎”.‎

إشكالات‎

وليلاً، انطلقت مواكب من الدراجات النارية من محلة “الطريق الجديدة” في بيروت ‏ومن الضاحية الجنوبية لبيروت، وحصل توتر بين شبّان من المنطقتين وتخلله ‏إطلاق نار في الهواء، فتدخلت القوى الأمنية وأعادت الوضع إلى طبيعته‎.

وسريعاً، أقفلت القوى الأمنية طريق الكولا في الاتجاهين تحت الجسر وسط ‏انتشار أمني كثيف، وكذلك أقفلت مستديرة الطيونة في اتجاه ميدان سباق ‏الخيل، والطريق من أمام جامع الخاشقجي في اتجاه وسط العاصمة، وطريق ‏المدينة الرياضية نحو الكولا، ولم تسفر الإشكالات عن وقوع جرحى‎.
الى ذلك، تجمّع عدد من المتظاهرين أمام جامع الامين في ساحة الشهداء، فيما ‏أقامت قوة مكافحة الشغب حواجز حديد في المحلة‎.‎

اضراب‎

في قرار جاء بعد فترة من التردّد، حسمت الهيئات الاقتصادية أمرها، وقرّرت الاضراب ‏العام أيام الخميس، الجمعة والسبت. يأتي هذا القرار في اعقاب محاولات سابقة ‏جرت لاعلان الاضراب، لكنها تأجّلت في حينه، بسبب اعتراض بعض الاعضاء، على ‏اعتبار انّ الامر قد يُفسّر على غير حقيقته، ويمكن أن يتمّ تصنيفه في خانة التدخّل ‏في التجاذبات السياسية لمصلحة طرف على آخر‎.

لكن يبدو انّ التحفظات سقطت اليوم، بعد بلوغ الوضع مرحلة خطيرة، وصفها أمين ‏عام الهيئات الاقتصادية نقولا شماس، بأنّها مرحلة “يأس وغضب” واكّد ‏لـ”الجمهورية”، أنّ هناك إجماعاً ضمن الاعضاء كافة على الاضراب والاقفال، لأنّ ‏المنحى أصبح انحدارياً “وهناك خطورة مطلقة لأننا خرجنا من الأزمة العابرة ومن ‏الأزمة الهيكلية وأصبحنا في الأزمة الوجودية‎”.

وأشار شماس “الى انّ 50 في المئة من المؤسسات والشركات لا يمكن ان ‏تستمرّ وتصمد 6 أشهر. وستقوم غالبية المؤسسات بصرف العمال اواخر الشهر ‏الحالي وخفض رواتب موظفيها أو عدم دفعها بالكامل. وبالتالي لا يمكن للهيئات ‏الاقتصادية ان تبقى صامتة تجاه هذا الواقع‎”.

وفي السياق، سيؤدي اعلان اضراب الهيئات لثلاثة ايام، والذي يشمل القطاع ‏المصرفي، الى مزيد من الضغط على المصارف اليوم وغداً. ومن الملفت انّ الاضراب ‏يأتي متزامناً مع قرب نهاية الشهر، موعد دفع الرواتب في القطاعين العام ‏والخاص.

مجلس الأمن‎

الى ذلك، دعا مجلس الأمن الدولي في بيان امس، الى “الحفاظ على “الطابع ‏السلمي للاحتجاجات في لبنان‎”.

وقال البيان الذي وافق عليه المجلس بالاجماع خلال اجتماع عادي حول لبنان، “انّ ‏الدول الاعضاء تطلب من جميع الأطراف الفاعلة إجراء حوار وطني مكثف والحفاظ ‏على الطابع السلمي للتظاهرات عن طريق تجنّب العنف واحترام الحق في ‏الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي”. وأضاف، أنّ دول المجلس “تشيد بدور ‏القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من المؤسسات الامنية في الدولة للدفاع عن ‏هذا الحق‎”.

كما أكّد مجلس الأمن “أهمية ان تُشكّل في وقت سريع حكومة جديدة قادرة على ‏الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني واستعادة استقرار البلاد ضمن الإطار ‏الدستوري‎”.

السابق
بعد سرقة هاتفها.. الـ «LBC» تستبعد ديما صادق والأخيرة تستقيل!
التالي
الدولار يحطم رقماً قياسياً.. وصل الى الـ2020!