من «محاسن» الثورة..

رياض الصلح
من محاسن الثورة انها "مخلوقة" شعبية، مجهولة الأب والأم.. لكنها ليست مقطوعة من شجرة الناس. وما محاولات نبش أصلها وفصلها وحسبها ونسبها، إلا ضرباً من ضروب "ضرب" هذه الثورة المجيدة من "بيت أبيها"، فور ظهور فحوص ال DNA السياسية و المناطقية والطائفية والمذهبية.

من محاسن الثورة أيضاُ في المقابل، ان الجميع يفاخر بالإنتماء إلى وجدانها، وأنه شريك فعلي بها بمجرد أن هتف قلبه لها، قبل ان تستدرجه إلى النزول إلى ساحاتها القريبة والبعيدة، ويهتف لإسقاط كل ما يعتمل على قلبه من نظام وساسة.
من محاسن الثورة انها “الدولة العميقة” بالمفهوم الإيجابي المعاكس والمشهور بسلبيته لتعريفها. فهذه الثورة هي عبارة عن كيان متجذر وعميق نبت كدولة “هلامية” تسكن في “فقاعة” دولة تجور على مواطنيها في دويلات أبرزها دويلة “حزب الله”. إذ ان هذه الثورة تاريخياً كانت كياناً خابتاً تتجهز جيوشه الجماهيرية، للإعلان عن البلاغ رقم ١ للحفاظ على ما تبقى من وطن ودولة.
من محاسن الثورة، أنها خلقت بين ثوارها قيمة وطنية مضافة، تواردت أفكارهم عليها منذ أن انتشرت شرارتها الأولى كالهشيم في “الدولة الفاسدة” على إمتداد البلاد.
من محاسن الثورة انها أحدثت شرخاً عميقاً تراكميأ بين “ذوي الحاجات” الطائفية والمذهبية والثوار العابرين الطوائف والمذاهب، الذين هزوا عروشهم الوهمية وجعلوها آيلة للسقوط عاجلاً أم آجلاً.
من محاسن الثورة انها أطلقت العنان لألسنتها وأبتكرت شعاراتها البسيطة المعبرة و أدبياتها المقطوفة من أفواه جماهيرها وكظم غيظها المزمن، وأشهرها “كلن يعني كلن”، مشفوعة لكل من يحاول التذاكي بانه غير معني بها ولا تطاول “قدس فساده” بأنه “واحد منهم” لتُسقط شخوصاً عنجهية لبست لبوس المذهبية والتفرقة و زعمت الوطنية زوراً وبهتاناً.

إقرأ أيضاً: الحراك يرفع الصوت: حذار من قانون «يعفو» عن إختلاسات السلطة
من محاسن الثورة أنها وصلت ما انقطع من ساحات لبنان، من جراء “البعبع” الممذهب والمتطيف وسياسات الترغيب والترهيب والتخويف والتخوين، لكن نداء الثورة أقوى حيث كسر الحواجز وإجتاحت جحافل الثوار بلهفة وحب المناطق، وأعادوا تموضعهم الطبيعي على مساحات وساحات البلاد.
من محاسن الثورة أنها سحبت تلامذتها وطلابها من على مقاعدهم المدرسية والجامعية وأخرجتهم عن طورهم ومناهجهم، ويحولون الشوارع إلى مدرسة وجامعة إذا أعددتها “أعددت شعباُ طيب الأعراق”!، يفجرون فيها وعياً نضراً وطازحاُ يصدح حقاً و تطلعاً لوطن يليق بهم يحتضنهم ولا يسيبهم خارجه.
من محاسن الثورة أنها حدثت بالفعل، وصلت متأخرة لكنها خير من ألا تصل، لم تلتحق بكل الثورات العربية و”ربيعها” قبل أوانها خشية أن تُعاقب بحرمانها. أنها ثورة لا تشبه إلا ذاتها. 

السابق
Nasrallah: Supporters in hand are better than activists in the bush
التالي
أرودغان: سأبلغ ترامب أن واشنطن لم تنفِّذ الاتفاق!