أردوغان والأسد.. حرب الكلام لا الصِدام

اسد
من يُتابع السياسة السورية التركية خلال العقد الفائت يدرك أنها تحولت بشكل دراماتيكي من أقصى الصداقة إلى أقصى العداء.

عام 2009 رؤوساء الحكومتين التركية والسورية يُزيلان الحدود الفاصلة بين البلدين في احتفالٍ بهيج، أردوغان يُكرّم بدرع في حفل افتتاح ستاد حلب الدولي، ويحضر مع زوجته فعاليات دمشق عاصمة الثقافة إلى جانب الأسد وزوجته.

عام 2019 العداء بين الزعيمين لا ينتهي في تصريحات يشنها نظام الأسد ممثلاً ببشار والناطقين عن الحكومة ضد أردوغان.

سوريا
العائلتان الرئاسيتان السورية والتركية

وبين الأعوام العشر، ثورة شعب توغلت فيها تركيا بالدعم اللفظي مرة والعسكري عشرات المرات حتى دفعتها التحولات السياسية إلى مهادنة حلفاء الأسد روسيا وإيران.

دخلت تركيا كضامن في محادثات سوتشي قبل عامين والتي سحبت الغطاء من تحت الولايات المتحدة الأميركية ظاهرياً، لتتقاسم تركيا مع روسيا وإيران الكعكة السورية.

إقرأ أيضاً: اردوغان: ايام بشار الاسد في السلطة معدودة

وبعد تدخل تركيا الفعلي في سوريا منذ عام 2015 عبر ثلاثة عمليات عسكرية كان آخرها “نبع السلام” بحجة عدم تقبلها وجود إرهابيين على حدودها الجنوبية مع سوريا قائلاً: “تصريحاتي ضد أردوغان تصريحات مستمرة.. قلت لص، وهو بدأ من الأيام الأولى بسرقة كل ما يتعلق بسوريا فهو لص، أنا لم أشتمه، أنا أصفه. هي صفة وهذا الوصف حقيقي. من يسرق مصانع ومحاصيل ومؤخرا أراض ماذا أسميه، فاعل خير؟! لا توجد تسمية أخرى”.

وتابع الأسد: “وقبلها في خطابي في مجلس الشعب قلت إنه أزعر سياسي، هو يمارس هذه الزعرنة السياسية على أوسع نطاق، يكذب على الجميع ويبتز الجميع، وينافق، وعلنا. نحن لا نخترع صفة. هو يعلن نفسه بصفاته الحقيقية فأنا قمت بعملية توصيف”.

هذا وتشهد مدينة عين عيسى في شمال شرق سوريا صدامات بين الجيش التركي وقوات النظام السوري، رغم توقيع اتفاق روسي تركي حول الشمال السوري أجبرت من خلاله قوات “قسد” على التراجع عن الشريط الحدودي مقابل تسيير دوريات روسية مشتركة على طول منطقة شمال شرق الفرات.

بالمقابل، أعلنت تركيا استعدادها لحضور قمة رباعية تركية ألمانية فرنسية بريطانية، ستعقد في لندن، على هامش اجتماعات قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) يومي 3 و4 كانون الأول، وتوافق على ذلك في اجتماع تحضيري انعقد في مدينة إسطنبول والتقى إثره المتحدث باسم الرئاسة التركية مع المبعوث الدولي الخاص لسوريا.

وإذا ما التفت تركيا نحو الاتحاد الأوروبي مجدداً، ظهر تصريح جديد للأسد سينشر في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم” الاثنين القادم قال فيه: إن “أوروبا تتعامل بوجهين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.

إقرأ أيضاً: اردوغان يتصل بالاسد ويحثه على وقف العنف

وأكد أن “أوروبا تخشى أردوغان وتحتاجه في آن”، معتبرا أن إرسال اللاجئين إلى أوروبا “أمر خطير”.

تلويح الأسد لا يمكن فهمه بعيداً عن تهديد أردوغان لدول الاتحاد الأوروبي قبل شهر إبان انطلاق عملية “نبع السلام” بأن تركيا قد تفتح الباب للاجئين إلى أوروبا إذا عارض الاتحاد العملية العسكرية التركية في سوريا.

اسد
صورة قديمة تجمع الزعيمين

وسط ذلك، يبدو موقف الحليف الروسي للجانبين ضعيف أقرب إلى المشاهدة، مع مواربة وزير الخارجية الأميركي حول نية الولايات المتحدة استعادة زمام الموقف في سوريا بعد فرضها بقاء القوات الأميركية في شمال شرق الفرات لحماية آبار النفط من خطر داعش على حد قولها.

في المحصلة، يبدو الأسد وأردوغان في معركة لفظية لا تحتمل صداماً مباشراً على الأرض، فلا الأول يستطيع التحرك عسكرياً على الأرض دون موافقة روسيا، ولا الثاني يعبأ ببقاء الأسد بعدما حقق جزءاً كبيراً من أهدافه الاستراتيجية في الشمال السوري.

السابق
كارثة صحية.. نقص سيولة في القطاع الاستشفائي وازمة «أمصال»!
التالي
ظروف مناخية قاهرة: النيران تشتعل في عدة مناطق.. هل عاد مسلسل الحرائق؟