الشيعة الأحرار.. عين تقاوم المخرز من العراق إلى لبنان

العراق لبنان
في الوقت الذي ينتفض فيه الشعبان العراقي واللبناني، تتجه الأنظار إلى المكون الشيعي في هذا الحراك الشعبي دون التقليل طبعا من همة وقوة باقي المكونات الوطنية والسياسية في كلا البلدين .

ما يميز المكون الشيعي عن غيره من المكونات، هو التشابه لحد التطابق تقريباً بين الظروف السياسية في البلدين من حيث أن السلطة فيهما هي في يد ما يمكن أن يسمى الشيعية السياسية – الدينية إذا صح التعبير وإن كان الوضع في العراق أكثر وضوحا من لبنان بسبب العامل الديموغرافي المتمثل بأكثرية سكانية شيعية نسبية، هذا من جهة، وبسبب العامل الإيراني المتواجد بقوة في البلدين من جهة أخرى.
هذان العاملان بما يمثلانه من قوة سياسية وعسكرية وأمنية إضافة إلى العامل المذهبي والطائفي الذي يستخدم في ترهيب وترغيب الناس يجعلان من أي معارضة شيعية لهذا الواقع ضرباً من الجنون والإنتحار السياسي والإجتماعي في بعض الأحيان.
فالنظام الحاكم في العراق منذ الإحتلال الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين هو نظام الإسلام السياسي الشيعي الذي نتج عن تفاهم بين أميركا وإيران لتقاسم النفوذ في هذا البلد العربي، والذي أدى إلى إضعاف المكون العربي من سنة وشيعة وسط غياب عربي رسمي.

اقرأ أيضاً: تغطية «سموات» الثورة بـ«قبوات» المقاومة!

كذلك في لبنان وبعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج القوات السورية، كان أن سيطر حزب الله على السلطة بحيث إنتقلت الوصاية على لبنان من سوريا إلى حزب الله بما يمثله من ذراع إيرانية في المنطقة مدعوما بالسلاح الذي إستعمله في الداخل ضد معارضيه ، وبمد شعبي شيعي لا يُنكر جراء دوره في تحرير الجنوب اللبناني، ساعده في ذلك ظروف إقليمية ودولية تمثلت بتولي أوباما الحكم وسعيه للخروج بأميركا من مخلفات ولاية جورج بوش الإبن وحروبه في أفغانستان والعراق، وذلك عبر سعيه لتخفيف التوترات في المنطقة ما دفعه للحوار مع إيران حول ملفها النووي الذي كان من أولوياته وكان أن دفع العرب ثمن هذه المفاوضات تنازلات منه في سوريا والعراق ولبنان وغيرها.
إستلمت الشيعية السياسية الحكم في العراق مباشرة وفي لبنان بطريقة غير مباشرة، وكانت النتيجة أن التحاصص السياسي في العراق بين مكونات الإسلام السياسي الذي هو في الحقيقة صورة عن التحاصص الأميركي – الإيراني البعيد كل البعد عن مراعاة المصلحة العراقية، نتج عنه سلطة فاسدة أكلت الأخضر واليابس وتركت الشعب العراقي يعاني أشد المعاناة من غياب الخدمات الأساسية من طبابة وتعليم وفرص عمل وخدمات الكهرباء والماء وغيرها الكثير في بلد هو من أغنى البلدان في العالم من حيث الإحتياطي النفطي وغيره من الثروات ، إلى أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم من إنتفاضة عارمة عمادها الشيعة العرب الذين ثاروا على إيران وعملائها وهو ما يبنى عليه الكثير، فقد وصلت النار إلى عباءة هذا النظام من بيئته بعد أن كان المكون السني قد إنتفض في العام 2013 وسحقت إنتفاضته عبر تهريب الإرهابيين من السجون في عهد نوري المالكي ليكونوا نواة داعش التي أستعملت كفزاعة وشماعة لإستقطاب الشيعة وتجميعهم في ما سمي الحشد الشعبي الذي بات ذراعا من أذرع إيران العسكرية ويمثل هو اليوم المخرز الذي تقاومه “العين” العراقية الشيعية في إنتفاضتها المباركة لإنتزاع حقوقها المشروعة في الحياة الكريمة.
أما في لبنان فلا يختلف الأمر كثيراً، حيث لعبت المحاصصة السياسية والأثمان السياسية التي دفعت من قبل حزب الله لحليفه المسيحي خاصة جراء تغطيته لسلاحه ما أدى إلى تعطيل الدولة لسنوات، لعبت دورا كبيرا في إنهيار البلد ووضعه على حافة الإفلاس خاصة بعد العقوبات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة ضد حزب الله، فكان أن إندلعت الإنتفاضة على السلطة الحاكمة والتي أثبتت الأيام العشرة الأوائل منها بأن الشيعة اللبنانيين الأحرار هم الأكثر عرضة للتنكيل بهم من جراء إنخراطهم في هذا الحراك، عبر ما تعرضوا له في صور وبنت جبيل والنبطية من إعتداءات وترهيب جسدي وفكري ونفسي ومعنوي، بينما كانت المناطق الأخرى تواصل تحركاتها بسلمية خاصة في طرابلس الأبية وصيدا البهية وبيروت العصية رغم بعض التحركات الترهيبية في بيروت من مصادمات و”شيطنة” للحراك وإتهامات بالعمالة للسفارات وغيرها من الوسائل التي تنم عن ضعف وخوف من هذه الإنتفاضة التي أعادت للبنان حيويته وللبنانيين وحدتهم في أبهى صورها.

اقرأ أيضاً: مقتدى الصدر يقدّم نفسه مجدّداً حلاً لمشكلة هو جزء منها

إن هذه الأحداث برهنت على أن الشيعة الأحرار في كل من العراق ولبنان هم فعلا كالعين التي تقاوم المخرز، وعليهم يقع الظلم الأكبر، من هنا المطلوب دعمهم بقوة وعلى كل المستويات، وأن لا يكونوا عرضة للمساومات السياسية وخاصة في لبنان كما حصل سابقا أيام ثورة الأرز وحركة 14 آذار لأن قوة الشيعة الأحرار هي قوة للوطن سواء في العراق أو لبنان تساهم في إستعادته من براثن النظام الإيراني الذي يريده مجرد ورقة يساوم بها على طاولة مقامراته ومغامراته المجنونة في سبيل إقامة إمبراطوريته الفارسية، بينما نريده نحن وطنا موحدا عزيزاً كريماً سيداً حراً مستقلاً. فهل نطلب الكثير؟

السابق
هكذا علّقت الخارجية الأميركية على استقالة الحريري
التالي
خامنئي يهاجم الثورة في لبنان:شغب سببه أميركا وإسرائيل