هل أخطأ حزب الله، كيف، وما السبب؟

التظاهرات في لبنان
إطلالة زعيم حزب الله الأخيرة، لا تشبه ما سبقها من إطلالات، ليس لأنها قوبلت بالرفض والاستياء من قبل معظم اللبنانيين، بمن فيهم لبنانيين من أنصاره وبيئته الحاضنة، بل ولأنها، صدرت عن إحساس عميق بالخوف والحذر … في ظني أن السيد حسن نصرالله، يدرك أكثر من غيره، أنه وحزبه وحلفائه، يواجهون تحدٍ غير مسبوق، أكثر خطورة من حروبه الممتدة مع إسرائيل، والتي عرف كيف يخرج منها بأعظم الأرباح.

انتفاضة الشعب اللبناني فاجأت الحزب كما داهمت الجميع، من دون انتظار أو توقع… ظن في البدء أن بعض التنازلات التي قد تقدمها السلطة كفيلة باحتوائها ومنع تطورها، وعندما اكتشف خطأ رهاناته، انتقل إلى موقع التصدي للحراك الشعبي، بدءاً من اتهامه بـ”التسييس” والابتعاد عن الشعار المطلبي – الاجتماعي، و”الاختراق” من أحزاب وسفارات وشخصيات فاسدة ومرتبطة بالخارج، وصولاً إلى التعرض الخشن مع الجماهير المحتشدة في الساحات والميادين … في البدء خسر الحزب رهاناته، ومع تطور الانتفاضة، بدأ الحزب، يخسر صورته ومكانته وصدقية أطروحاته… بعد عشرة أيام على الانتفاضة، حزب الله يراكم الخسارات.

اقرأ أيضاً: لبنان يسابق الحرب و الإنهيار!

مفهوم أن الحزب لا يريد التخلي عن مكتسبات ما بعد انتخابات 2018، ولا عن “صفقة عون – الحريري”، خصوصاً في هذا التوقيت الحساس، حيث تشتد قبضة العقوبات الأمريكية عليه وعلى لبنان، وهذا ما يفسر تمسكه بـ”العهد” ورفضه إجراء انتخابات مبكرة … ومفهوم أن يربط الحزب ما يجري في لبنان بما يحدث في العراق من هبّات شعبية، تستهدف أساساً إيران وحلفائها … لكن من غير المفهوم أبداً، أن يجعل الحزب من نفسه متراساً لحماية طبقة سياسية فاسدة، وأن يقف في مواجهة الشارع ذوداً عن حلفاء وأشقاء غارقين في الفساد والإفساد، يعرف الحزب واحداً واحداً.
لن ينفع الحزب حديثه عن “مؤامرة” أو “غرف عمليات” و”تمويل أجنبي” و”سفارات” و”أحزاب وشخصيات مشبوهة”… ما يحدث في لبنان، أكبر من هؤلاء جميعاً … بدليل أن خطاب الأمين العام زاد في تدفق المتظاهرين إلى الشارع، ولم يكبح جماح الغضب حتى في بيئته وحواضنه وقلاعه، برغم التخويف والترهيب … هذا الخطاب المنسوخ عن تجربة الطبقة السياسية العراقية في تعاملها مع الاحتجاجات الشعبية في بغداد ومدن الجنوب العراقي، سقط في بلد المنشأ، ولا يتوفر على حظوظ للنجاح في لبنان كذلك… هذا الخطاب يستلهم “الأخطاء الجوهرية” في إدارة الأزمة السورية منذ بداياتها الأولى.
لا يكفي أن يتهم الحزب أحزاباً أخرى، معروفة، بـ “ركوب موجة الانتفاضة”… كان عليه هو بالذات، أن يمتطي صهوتها، وأن يكون رديفاً لها، وأن يرفع شعاراتها التي يقول إنها شعاراته كذلك … كان عليه ألا يخلي الميادين لمن يعتقد أنهم يتآمرون عليه، ويسعون في حرف الانتفاضة عن أهدافها … الطامة الكبرى، أن الحزب لم يستنكف عن فعل ذلك فحسب، بل ووضع نفسه في الخندق المقابل، ودائماً تحت شعار “شارع مقابل شارع”.

اقرأ أيضاً: اللبنانيّون يكسرون سلسلة الدولة ويشبكون «سلسلة» الثورة!

وبدل الذهاب بعيداً في تخويف اللبنانيين من خطر “الفراغ” و”الانهيار” وشبح “الحرب الأهلية”، كان يتعين على الحزب أن يتلقف شعار “المقاومة المدنية” ضد الفساد والفاسدين … في ظني أن الحزب ضيّع فرصة ذهبية لإعادة تشكيل صورته أمام الرأي العام اللبناني بعد كل ما أصابها من تشويه جراء انخراطه في حروب الإقليم … واليوم، لا يبدو أن الخيارات والبدائل المتبقية لديه، ستسعفه في تحقيق هذا الهدف، بل ربما تزيد الطين بلّة، بما خص الحزب وصورته ومكانته، وبما خص أمن لبنان واستقراره وسلمه الأهلي.

السابق
المجلس الإسلامي الشيعي يثمّن الورقة الاصلاحية.. خطوة أولى على الطريق الصحيح
التالي
بعد كلامه عن إنهيار للإقتصاد خلال أيام.. حاكم مصرف لبنان يوضح