بين طفرة القيادات في 14 آذار.. وغيابها في 17 تشرين

التظاهرات في لبنان
مشهد الساحات الذي عمّ كل لبنان، عابرا للمناطق والطوائف، متّحدا على قول واحد في لبنانيته، إجتمع على مطلب تلاقت عليه الساحات من دون توجيه حزبي او سياسي او تنسيق مسبق.

من المؤكد أننا أمام موجة جديدة أبعد في طبيعتها ومنطقها عن موجة 14 آذار في العام 2005،
14 آذار او ثورة الأرز كانت تبحث عن قائد يختزلها أما الحالية فقد استغنت عن أية مرجعية لها واتخذت شكل ارتباط أفقي لا مكان للقائد فيها.

ثورة الأرز استعانت بالعصبية الطائفية وسيلة للتعبئة، أما الحالية فقد اتخذت الشرط الإنساني أساسا لانتظامها الجديد.

ثورة الأرز نبذت الوصاية الخارجية أما الحالية فقد تمردت على الوصاية الداخلية.
ثورة الأرز كان غرضها بناء شراكة سياسية انتهت بلعبة تسويات كارثية تمت تسميتها تضليلاً بالديمقراطية التوافقية، أما الحالية فتريد تغيير كامل الجهاز السياسي في مسعى لتغيير قواعد اللعبة.

اقرأ أيضاً: مفاجأة جنوبية لبرّي.. هل من يد لـ«حزب الله»؟

‏النهاية المنطقية لـ14 آذار تضامنات طائفية حديدية وزبائنية سياسية، أما الأفق المنطقي للحالية فهو ظهور تضامنات عابرة للطوائف ومتحدات سياسية تتخذ الشرط الإنساني مرجعية محورية لخطابها.   

ما جمع المتظاهرين اليوم هو الوجع والألم والقلق على المصير والتوجس من الآتي، بات هذا هو الوحيد العابر للطوائف، ليس اللبناني السياسي أو الطبقي أو الطائفي بل الإنسان اللبناني، الباحث عن أمنه، الراغب في صنع مصيره، والممجد لكرامته وهويته.

اقرأ أيضاً: صيدا.. ثورة  لا تهدأ  لإسقاط النظام الطائفي 

تبين أن هذا الإنسان واحد في كل لبنان، وأن كل ما أضيف إليه من هويات طائفية وعرقية هي صناعة فاسدة، أمان كاذب، شعور قوة خادع. 

بعبارة أخرى، نحن أمام دينامية مجتمعية جديدة تحمل معها إمكانات وآفاق واعدة، لكنها دينامية تنتظر شروط إمكانها، أي الشروط التي توفر تحققها الموضوعي لتشكل أساساً للإنتظام السياسي الجديد.
هي شروط ما تزال هشة، وغيابها أو تغييبها المنظم والملتف عليها يهدد لا بإجهاض هذه الدينامية فحسب، بل باغتيال المجتمع اللبناني نفسه. 

السابق
محاولة فرار سجناء من سجن زحلة.. اليكم التفاصيل
التالي
إماراتي جثة في زحلة!