«80 و95».. من إسقاط «المعجل المكرر» إلى تكريس «6 و6 مكرر»!

مجلس النواب
أُرجئت الجلسة التي كانت مقررة في 17 من الجاري لتفسير مادة دستورية (95)، الى الحادية عشرة قبل ظهر اﻻربعاء 27 تشرين الثاني المقبل". بحسب بيان صادر عن مجلس النواب وصدر البيان اثر اجتماع عقد في قصر بعبدا بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب في قصر بعبدا وبناء لطلب رئيس الجمهورية كما اعلن الرئيس نبيه بري. وهو ما نتج عنه تأجيل الجلسة التي كان رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي متحمساً لعقدها، فما الذي تغير ودفع الى تأجيل الجلسة تمهيدا لالغائها على الأرجح.

من المعلوم ان المادة 80 من قانون موازنة العام 2019 التي تحفظ حق الفائزين في مجلس الخدمة المدنية في ستة قطاعات، كان تمّ تعليقها في وقت سابق بسبب اعتراض “تكتل لبنان القوي” على نتائجها واعتبارها تعارض مقتضيات العيش المشترك… لكنها أدرجت في قانون الموازنة ووقعها رئيس الجمهورية بعد امتعاض، لكنه وجه رسالة بعد ذلك لمجلس النواب لتفسير المادة 95 من الدستور، وفي ما يأتي موضوع رسالة الرئيس عون الى الرئيس بري واعضاء مجلس النواب:

 تفسير المادة 95 من الدستور، لاسيّما الفقرة “ب” منها الواردة تحت عنوان “وفي المرحلة الانتقاليّة” حيث “تُلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكريّة والأمنيّة والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني …”، معطوفةً على الفقرة “ي” من مقدّمة الدستور التي تنصّ على أن «لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”.

اقرأ أيضاً: موسم هجرة «الملائكة» من لبنان!

ما هي قصة المادة 80 في قانون والموازنة ولماذا دار الجدل حولها؟

منذ بداية “العهد القوي” تمنع وزراء تكتل لبنان القوي التوقيع على مراسيم الناجحين في امتحان مجلس الخدمة المدنية، بحجة انها لا تتأمن فيها المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وراهن هؤلاء على مرور سنتين على هذه الامتحانات ليتم الغائها، باعتبار ان القانون يلغي حق التعيين للناجحين في حال لم يجر تعيينهم خلال عامين. اما بقية الوزراء من غير تكتل لبنان القوي، الذين وقعوا مراسيم تعيين الموظفين الناجحين في الوزارات التي يتولونها، فقد تمنع رئيس الجمهورية عن توقيعها، وهذا ما سبب بوجود نحو 600 ناجح في امتحانات مجلس الخدمة، لم يتم تعيينهم اما بسبب عدم توقيع رئيس الجمهورية المراسيم أو تمنع وزرائه عن التوقيع. علما أن هؤلاء الناجحين هم من الفئات الدنيا في الإدارة، أي لا علاقة لهم بالفئة الأولى التي تتم مراعاة المناصفة في التعيين بين الطوائف، وهؤلاء الـ600 فيهم نحو 20 في المئة من المسيحيين.

الخطوة الثانية في هذا المسار تمثلت في ادراج مجلس النواب في قانون الموازنة المادة 80 والتي تحفظ حق الناجحين في امتحان مجلس الخدمة المدنية بالتوظيف، رغم انقضاء مدة السنتين على نتائج امتحاناتهم، وتحفظ حقهم الى الأبد. وعندما وصل قانون الموازنة الى رئاسة الجمهورية، تحفظ على توقيع قانونها رئيس الجمهورية بحجة المادة 80.

الخطوة الثالثة، كانت اقران رئيس الجمهورية توقيع قانون الموازنة، بتقديم مشروع قانون معجل مكرر وقعه عشرة نواب من تكتل لبنان القوي، يقضي بإلغاء المادة 80 من قانون الموازنة. كما وجه رئيس الجمهورية الرسالة الآنفة الذكر بشأن تفسير المادة 95.

في مجلس النواب تم اسقاط صفة المعجل المكرر عن مشروع قانون الغاء المادة 80 في الجلسة التشريعية نهاية أيلول المنصرم، وبقيت المادة في قانون الموازنة، وقد كانت رهانات التيار الوطني الحر في الجلسة، على ان يحققوا اصطفاف مسيحي لالغاء المادة 80 ويحرجون نواب القوات اللبنانية، ويراهنون على ان حزب الله سيقف جانباً، بما يعني ان 64 نائبا مسيحيا سيكونون في جبهة الإلغاء مع حياد حزب الله في مقابل نواب المسلمين. وبالتالي يمكن اسقاط المادة بالأكثرية النسبية. لكن ما حصل كشف ان حزب الله لا يذهب مع رئيس الجمهورية الى هذا الحدّ، واظهر الرئيس بري للرئيس الجمهورية ان أكثرية مجلس النواب ليست لصالحه، لجهة الغاء المادة 80.

ولا بد من الإشارة هنا الى ان الطلب المسيحي على الوظيفة في القطاع العام، هو أقل من 20 في المئة، وهذا يعني في حال الغيت المادة 80 انطلاقا من تفسير غير موضوعي للدستور، انها تعطي 20 في المئة من طالبي العمل 50 في المئة من فرص العمل. وهذا قمة العنصرية والتمييز.

هذه النتيجة انعكست على ما هو اصعب بالنسبة لرئيس الجمهورية أي تفسير المادة 95، الانكسار في معركة المادة 80 لرئيس الجمهورية، دفع نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الى استدراك الموقف، بمحاولة تخفيف الخسائر عن كتلة لبنان القوي ورئيس الجمهورية، فقال ان ثمة اتجاها لتأجيل مناقشة تفسير المادة 95 منعا لتسمم الأجواء السياسية، في ظل تحديات اقتصادية ومالية وفي ظل سيدر ومتطلبات إقرار الموازنة للعام 2020. موقف الفرزلي يحيل الى سؤال اذا كانت هذه الرسالة تسمم الجو السياسي فلماذا أرسلها رئيس الجمهورية أصلا الى مجلس النواب؟ واذا كان رئيس الجمهورية ضامنا لتفسيرها بما يلائم موقفه، هل كان يتراجع عنها حتى لوكانت تسمم الأجواء السياسية؟

اقرأ أيضاً: حارث سليمان يحذر من الوضع الإقتصادي: لبنان خسر وظيفته وثقة العالم

الاستطلاع بالنار في اسقاط مشروع قانون الغاء المادة 80 كشف ان رئيس الجمهورية في وضع ضعيف. فيما المادة 95 اصعب. لماذا؟ لأن تفسير الدستور هو بحسب ما خلصت الاستشارات الدستورية لرئيس مجلس النواب، هو كتعديل الدستور يحتاج الى ثلثي مجلس النواب أي 86 نائبا.

حاول الفرزلي تخريج الخسارة الرئاسية، من خلال اقتراح بيان يصدر عن رؤساء الكتل النيابية يتمنون فيه تأجيل جلسة تفسير المادة 95. سقط هذا الاقتراح واصر الرئيس بري ان يتم التأجيل بطلب من رئيس الجمهورية، اذ كان نائب رئيس المجلس قد اعلن بعد لقاء الرئيس بري في عين التينة “ان الرئيس بري مع تأجيل جلسة تفسير المادة 95 إن أراد عون ذلك”. وهذا ما حصل في لقاء الرئيسين في بعبدا مطلع هذا الأسبوع.  

السابق
إدانة عربية «للغزو التركي» لسوريا
التالي
بالفيديو.. الحرس الثوري يتجه لكربلاء والنجف