داوود مكرما الفنان شربل فارس: سعيد بهذا المناخ المشبع بالإبداع

وزير الثقافة

كرم اتحاد بلديات إقليم التفاح، و”المجلس الثقافي للبنان الجنوبي”، ومشروع “تراثيوم مكنز الذاكرة”، و”بيت المصور” في لبنان وجمعية “الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت”، الفنان شربل فارس، باحتفال أقيم في “محترف الفنان شربل فارس” في بلدة صربا في النبطية، تحت عنوان “خمسون عاما من العطاء- اليوبيل الذهبي”، برعاية وزير الثقافة محمد داوود داوود وحضور شخصيات وفاعليات ومهتمين.

إقرأ أيضاً: عرضان لأوبرا عنتر وعبلة في مسقط ووزير الثقافة اللبناني نوه بنقلها صناعة ثقافية إلى العالم

من جهته، قال داوود في كلمته: “نحن هنا في “واحة الدقاق”، مرتع الفنان التشكيلي شربل فارس وخلوته الفنية – الفكرية، غني، ثري مسار فناننا المكرم، صبي كروم العنب والتين والزيتون، وبيادر البركة وعبق الطيون، المسلوخ من ظلال السنديان إلى ضجيج المدينة، المتمرد، على خطى “خليل الكافر” و”يوحنا المجنون” في كتابات جبران، الحالم بالثورة وتغيير العالم”.

أضاف: “نكرم اليوم فنانا ملتزما بالجذور والألوان، فنونا تشكيلية، رسما ونحتا، من معرضه الأول في تلك البيروت 1973 إلى الكويت، محطة فنية، إلى تتلمذه على يد الفنان ناظم إيراني، إلى قواقعه اليوم، وقبل الأمس، وتحوله إلى واقعية، أراد عبرها التعبير عن قضايا العصر وهواجسه والهموم”.

وتابع: “عرفنا أعمال شربل فارس، نحتا وتلوينا، خلال فترة احتلال العدو الإسرائيلي لجنوبنا، من خلال أعمال أدان فيها وحشية الغاصب، ومجد الروح المقاومة، دفاعا عن الكرامة والأرض ومعاني الشهادة”.

وأكمل: “نفتتح اليوم معرضا تشكيليا، خارج مألوف الأمكنة “واحة الدقاق”، نشر فيها الفنان أعماله، في هدأة الطبيعة وسكون الإيحاء، ويسعدني أن أزيح الستار عن منحوتات تمثل وجوه مبدعين من بلادي، السيدة فيروز سفيرتنا إلى المجرات، أحد أجمل رموزنا اللبنانية، بالتكامل والتناغم مع الأخوين رحباني، صاحب كتاب “النبي”، الذي طاف الأرض وترجم إلى لغات العالم، ويطبع منه بالملايين في الولايات المتحدة، إلى شوشو، حسن علاء الدين، ومن ينسى “المسرح الوطني” والثنائي حسن وشريكه المخرج والمؤلف نزار ميقاتي، وآخرين أمثال روجيه عساف وفارس يواكيم ومحمد كريم، وأعمالا كثيرة استلها شوشو من همومنا اليومية، فشاهد جمهور المسرح “آخ يا بلدنا” و”تحت الصفر” و”طربوش بالقاووش”، وحوالي ثلاثين عملا، ضجت بها الصحافة والرأي العام، من العام 1965 حتى 1970″.

وأردف: “سعيد أنا بهذا المناخ الرائع المشبع بالمخيلة الخلاقة والإبداع الفني، أحيي مبادرة الجمعيات المنظمة لهذا الحدث، أما الفنان شربل فارس، فله منا كل التقدير والثناء، أحد راياتنا التشكيلية الحديثة”.

وختم “كل التمنيات بمزيد من العطاءات، كل الافتخار بفنانينا، وهذا اللبنان الرائع، له منا كل الولاء”.

ثم قدم داوود وشحادة لفارس وسام التميز والإبداع المذهب باسم اتحاد بلديات إقليم التفاح، كما منحته “جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت” وسامها التقديري الخاص، وميدالية مذهبة باسم الجمعيات والأندية التي كرمته.

بعدها، تمت إزاحة الستار عن ثلاث منحوتات لعمالقة الأدب والفن والمسرح في لبنان: جبران خليل جبران، فيروز وحسن علاء الدين “شوشو”، من أعمال المحتفى به، وجال الحضور في المحترف.

ثم ألقى المحتفى به كلمة، استهلها بالقول: “خمسون عاما ولم ينته بعد مشواري الفني الطويل، بل وكأنه يبدأ اليوم، هناك الكثير لأقوله نحتا ورسما وكتابة، خمسون عاما وأعود إلى هذه البقعة الطيبة، حيث نحن الآن، أعود لأحط فيها رحالي، ألملم فيها أذيالي الملونة وبسماتي وآهاتي المتحجرة، أعود إلى ملجأي الأخير وملاذي الوحيد المتبقي لي، وعلى منكبي جعبة محشوة بالنحت والرسم والكتابة، أركع على ترابها أتلو صلاة الإنسانية بالإزميل والفرشاة والقلم، على كل السامعين والمشاهدين على اختلاف عقائدهم ومشاربهم الدينية وتوجهاتهم العلمانية”.

أضاف: “خمسون عاما وتعود بي الذاكرة إلى هذا الكرم العتيق، كرم “النقابة” هنا، الذي كان دنياي الوحيدة، تحده صخرة شرقا، وسنديانة غربا، وعوسجة شمالا، وقامة جدي الفلاح أبو أسعد الملقب ب”الدقاق” جنوبا، وشمس معلقة فوق جبهة سمراء وسطا”.

وتابع: “أنا في الخامسة من عمري كنت ألف وأطوف، ها هنا، أحاول تجاوز هذه الحدود إلى الأفق المستحيل، أركض في الثلم، الذي رسمه محراث جدي، وفي أديم هذه الأرض، ألملم الحجارة الرطبة وأشكل منها “بيت بيوت”…ومن الصخرة والسنديانة والعوسجة محراثا صغيرا، ومعولا أصغر منه، ومن الشمس المعلقة أحلام طفولة ملونة”.

وأكمل: “وفي السادسة من عمري، اقتلعوني من تربة هذه الأرض الربيعية، ونصبوني في أسفلت المدينة الأسود، وهناك بدأت رحلة الهجرة والتهجير، وهناك تكونت الذات المتمردة الثائرة، مشفوعة بحنين العودة إلى الجذور، وها قد عدت بعد خمسين عاما، وفي داخلي فلاح صغير لم يكبر بعد”.

وأردف: “كانت رحلتي الطويلة، بل غربتي الطويلة، سجلت فيها ثمانية عشر معرضا فرديا في لبنان والخارج، وعشرات المعارض الجماعية، وسبعة وثلاثين نصبا ومنحوتة كبيرة، توزعت في الساحات اللبنانية وفي الخارج، وفي جولات حصدت فيها الجوائز والتنويهات والميداليات المحلية والعالمية من معرض “إيقاعات” مراهق أوائل سبعينات القرن الماضي إلى معرض “وجه بلدي” في الحرب اللبنانية، إلى “نهوض” المقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي إلى حرف “النون” وتجلياته الصوفية والرمزية إلى معارض “العولمة” وأصدائها الكارثية الدموية، وصولا إلى “الراقصة والحصان” حيث يسقط الفارس والخيال وتحتل الراقصة مسرح الحياة”، مستطردا: “في كل هذه المعارض، رسما ونحتا وتركيبا وتجهيزا وأنصابا، كان الفلاح الصغير البسيط يطل برأسه متمردا موثقا المحطات الساخنة شاهدا وشهيدا”.

وختم “أعود اليوم إلى حقلي، أعتزل فيه، أكثر إصرارا على إكمال مشواري الهادئ نحتا ورسما وكتابة، لكن اسمحوا لي أن أهدي اليوبيل الذهبي، وكل الجوائز والميداليات إلى جدي وجدتي ووالدي، الذي رحل باكرا، وإلى والدتي الكادحة المكافحة في تربية أولادها اليتامى، إلى زوجتي قبلتي وملهمتي، إلى ابنتي وأحفادي، الذين في أحلامهم يغفو المستقبل”.

السابق
ليونة إيرانية: لمحادثات مباشرة مع السعودية أو عبر وسطاء
التالي
زيارة للمنتخب السعودي إلى فلسطين.. اليكم التفاصيل