العراق ينزف.. ويسأل: أين المرجعية؟

الاحتجاجات في العراق
قالت مصادر من الشرطة ومصادر طبية يوم الخميس إن 11 شخصا بينهم شرطي قتلوا في احتجاجات خلال الليل في مدينتين بجنوب العراق ليرتفع بذلك عدد القتلى إلى 18 منذ شابت أعمال العنف احتجاجات مناوئة للحكومة قبل يومين.

وأضافت المصادر أن سبعة محتجين وشرطيا قتلوا في الناصرية خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن بينما لقى أربعة مصرعهم في مدينة العمارة.

وذكر شهود من رويترز أن القوات جابت مناطق في وسط بغداد في وقت مبكر يوم الخميس لفرض حظر التجول الذي أعلنه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لكن احتجاجات متفرقة استمرت في بعض مناطق العاصمة.

عبد المهدي يتشبّث ويناور

وفيما تناقلت أوساط المحتجين منذ مساء الامس أنباءً عن احتمالية تقديم رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي استقالته بعد اتساع رقعة الاحتجاج وارتفاع حصيلة الضحايا برصاص القوات الحكومية، بدا عبدالمهدي أكثر تشبثاً بالسلطة، وظهرت قدرته على المناورة في بيان الرئاسات الثلاث الذي نُشر في وقت مبكر من فجر اليوم دعا الى اطلاق حوار والى تشكيل لجان للتفاوض مع المتظاهرين، ولم يلق هذا تفاعلاً من المحتجين الذين واصلوا مواجهة رصاص وغاز القوات الحكومية التي حاولت حتى وقت متأخر من فجر اليوم تفريقهم في ساحة التحرير.

بالمقابل التقطت عدسات الناشطين امس السكرتير العسكري لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي ويدعى تحسين عبد مطر العبودي، المعروف بـ”أبو منتظر الحسيني”، وهو ينكل بالمتظاهرين شخصيا، وهو كان يشغل منصب رئيس الاركان في قوات بدر احدى فصائل الحشد الشعبي المدعومة من ايران.

عادل عبد المهدي وعلي الخامنئي
عادل عبد المهدي والسيد علي الخامنئي

في هذا الوقت نشر موقع “المونيتور” الأميركي تقريراً للمحلل العراقي علي المعموري أنّ عبد المهدي اتهم المحتجين بممارسة أعمال الشغب ودعا الأفرقاء جميعاً إلى الهدوء، في وقت طالب فيه الرئيس العراقي برهم صالح بتلبية مطالب المحتجين. في السياق نفسه، تابع المعموي بأنّ زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر وزعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم أيّدا مطالب المحتجين وانتقدا عبد المهدى لفشله في تلبيتها والتعاطي بشكل سليم مع الاحتجاجات؛ يعمل الصدر والحكيم على تشكيل جبهة معارضة قوية لحكومة عبد المهدي. كما لفت المعموري إلى أنّ جبهة المعارضة النيابية، وهي تضم أعضاء كتلة “تيار الحكمة” وتحالف “سائرون” وتحالف “النصر” الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي وغيرهم، أصدرت بياناً أعربت فيه عن تأييدها الاحتجاجات، إذ طالبت الحكومة بتعويض ضحايا التظاهرات ودعت المتظاهرين الى انتهاج الطرق السلمية.

أين المرجعية الشيعية؟

ونقل الموقع عن مصدر رفيع المستوى مقرّب من آية الله السيستاني قوله إنّ نجل الأخير (محمد رضا السيستاني) حذّر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، من أنّه إذا واصلت إيران تعاطيها بهذه الطريقة مع العراق، فإنّ الشوارع ستنتفض. وبناء على هذه المعطيات، حذّر المعموري من أنّ عبد المهدي سيعجز عن إنهاء عهده، إذا ما تواصلت الاحتجاجات، موضحاً أنّه سيُضطر إلى الاستقالة لاسترضاء المحتجين وتهدئة الشارع.

هذا وقد علم موقع “جنوبية” من مصدر في العراق على علاقة بالمرجعية، ان اللقاء الآنف الذكر قد حصل فعلا بين نجل المرجع السيستاني وبين قاسم سليماني، وان سليماني تلقى رسالة رسمية شفوية مفادها ان المرجعية لن تقف على الحياد في حال اندلعت الاحتجاجات وسوف تكون مع الناس الذين يطالبون بتحصيل حقوقهم من الدولة والقضاء على الفساد، وبحسب المصدر فان سليماني خرج غاضبا من الاجتماع وهو كان يأمل ان يستحصل على دعم مطلق من السيد السيستاني لحليفه المطواع رئيس الوزراء عبد المهدي.

اقرأ أيضاً: إيران تهيمن على الجيش العراقي.. و«الشرطة الاتحادية» في قبضة «الحشد»

واذ ترنو أنظار العراقيين نحو كربلاء غدا من أجل سماع خطبة الجمعة السياسية للمرجعية العليا اللمثلة بالسيد السيستاني، للوقوف على حقيقة موقفه مما جرى يجري في البلاد، تبدو المواجهة في العراق أقرب ان تكون الى مواجهة شيعية – شيعية، فالمظاهرات اندلعت في المناطق الشيعية في بغداد، وبقيت محافظة الانبار السنية هادئة، وكذلك كردستان، وهو بحسب محللين سببه الضغط الايراني الذي اشتدّ على العراق خصوصا بعد تصريحات السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي التي قال فيها إنّ إيران ستستهدف الولايات المتحدة في العراق، فاعتبر العراقيون ذلك تدخلاً إيرانياً سافراً في الشؤون العراقية، وكذلك اقالة بطل الحرب ضد داعش الفريق عبد الوهاب الساعدي من منصبه في قوة مكافحة الارهاب، فأثار استياء عامة الشيعة الذين وجدوا في قرار عبد المهدي بأقالته اجحافا بحقه، ورضوخا للباب العالي الايراني الذي أصبح نفوذه مستشرٍ ويهيمن على القرار السياسي والعسكري في العراق.

السابق
بالشكر «لا تدوم النعم».. في صيدا!
التالي
التهويل يدفع اللبنانيين لتكديس 2.5 مليار دولار في منازلهم!