تسريح «أبو مازن» لمستشاريه: تقشف أم ثورة على الفساد؟

جمال اشمر
دون سابق إنذار، وفي سابقة تاريخية، فصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس جميع مستشاريه بداية الاسبوع الحالي، مما خلف حالة من المفاجأة السارة التي فسرها المراقبون انها جزء من اصلاحات لمكافحة الفساد.

كان مُلفتا قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) انهاء خدمات مستشاريه. وهي سابقة في تاريخ الرئاسات العربية والأجنبية. فهل هي ثورة على الفساد أم تغيير أم لسبب ما غير مكشوف حتى الآن؟

 وعضو المجلس الثوري جمال أشمر، شرح لـ”جنوبية ما حدث فقال “يمكنني التصريح إن قرار الرئيس محمود عباس فيما يتعلق بإنهاء مهمات المستشارين لديه أنه قرار لا خلفيّات سياسيّة أو أمنية أو إنقلابية فيه، يعني لا خلفيات تحت هذه البنود التي ذكرتها، وإنما هو قرار أولا وقبل كل شيء فرضته اعتبارات ماليّة واقتصادية”.

اقرأ أيضاً: قطر تتوسط لإنقاذ رجل إيران في العراق من العقوبات الأميركية

ويضيف أشمر “الكل يعرف أن السلطة الفلسطينية تمرّ بأزمة مالية منذ أوقفت السلطات الأميركية مساعداتها، ومن ثم مصادرة الإحتلال الإسرائيلي أموال المقاصّة الفلسطينية التي تتجاوز قيمتها 125 مليون دولار شهريا، ومحاولتها اقتطاع نسبة من هذا المبلغ عقابا للسلطة الوطنية نتيجة تمّسكها بدفع الرواتب للأسرى والجرحى والشهداء. وقد رفضت السلطة استلام المبلغ منقوصا، كما أن السلطة لم تستطع الحصول فعليّا على شبكة الأمان المالية العربية الموعودة، لذلك اتجهت إلى اجراءات تقشفيّة على مستويات متعددة، كدفع نصف راتب للموظفين في السلطة أو دفع نصف موازنات للساحة اللبنانية، وايقاف الكثير من المساعدات التي كانت تُصرف من قبل”.

وبرأيه إن “قرار الرئيس عباس يعكس أيضا، إضافة إلى الموضوع المالي رغبة في اعادة هيكلة مؤسسات الرئاسة، إذ يبدو أن هناك تضخمّا في عدد المستشارين وطبيعة المهام، وهذا يستدعي إعادة الإعتبار لحجم المستشارين وأدوارهم، والأكيد أن ذلك رتّب سابقا أعباءً ماليّة على السلطة، بات من الضروري التخفيف منها أمام الأزمة المالية الحالية”.

لكن من يدير عمل الرئاسة اليوم؟ يعتبر أشمر أنه من “المؤكد أن هناك هيكيلية موجودة داخل الرئاسة، وأن هناك دوائر، وأن هؤلاء الإخوة الذين تم الاستغناء عن خدماتهم لن يذهبوا فورا إلى بيوتهم، وسيبقون إلى جانب الرئيس للإستفادة من خبراتهم في دوائر الرئاسة. وأيضا هناك من يحمل مهمتين أو أكثر، وبالتالي عليه أن يترك مهمة المستشار ليتفرّغ لعمل آخر، أو أن من هناك من عيّن كسفير في الجزائر وعليه أن يذهب إلى تسلم مهمته، وأيضا هناك الذين هم بحاجة له في مكتب الرئاسة سيبقى في عمله. وأعتقد إنه لن يبقى أحد تحت مُسمى مستشار، وربما يبقى في دوائر الرئاسة أو ضمنها، لذا لن يكون هناك فراغ مطلقا في هذه المؤسسة، وبالتالي سيبقى إلى جانب الرئيس الكثير ممن يحتاجهم في عمله، إذ لا يمكن للرئاسة أن تستمر دون أن يكون حول الرئيس من يتعاون معه أو يتواصل معه أو يستشيره”.

اقرأ أيضاً: «العالم يتغير» ونحن للأسف «نتدور»

ولكن ما حدث على صعيد القرار الذي استهدف الوزراء ورواتبهم واعادة الزيارة التي كانت صرفت لهم الا تدخل من باب مكافحة الفساد؟ 

يؤكد أشمر “أنه لا يمكن الحديث عن أزمة سياسيّة في الحكم داخل فلسطين، فالأمر ليس خلافا بين مؤسسة الرئاسة من جهة ومجلس الوزراء من جهة ثانية، أو بين مؤسسة الرئاسة والمجلس التشريعي، إنه إجراء إداري فرضته الأوضاع المالية والرغبة في الإصلاح من جهة، والمحاسبة من جهة ثانية. ثم علينا ألا ننسى أن نظام الحكم هو رئاسي. لذا نجد الرئيس قد إتخذ قرارا يطال أعضاء الحكومة السابقة الذين استفادوا من زيادة في رواتبهم كما أخذوا مفعولا رجعيّا، وهذا ليس من حقهم، فأمرَ الرئيس هؤلاء الذين استفادوا من المفعول الرجعي، إضافة إلى العلاوات وإيجار منزل أن يُعيدوا المبلغ كاملا إلى الخزينة العامة. وبالتالي، بإمكانه أن يمارس سلطته حتى على الوزراء. أنه ليس خلافا سياسيا، بل إجراء يُناسب الظروف من جهة، والرغبة في الإصلاح من جهة ثانية، مع الإشارة إلى أن قرار الرئاسة بخصوص مبالغ الوزراء جاء بناءً على توصية لجنة حققت ودققت في المبالغ وقانونيتها وأوصت للرئيس الذي أخذ قراره الذي ذكرته”.

السابق
بعد صورة الشرقية وهاشتاغ «أبانا الذي في السماوات»… «الكاثوليكي للإعلام» يتحرّك
التالي
نادين الراسي في طريقها إلى باب الحارة