قطر تتوسط لإنقاذ رجل إيران في العراق من العقوبات الأميركية

عادل مهدي

الدوحة ترتب لقاءات لأبو جهاد الهاشمي مع مسؤولين أميركيين من أجل عدم إدراجه في قائمة العقوبات.

علمت “العرب” من مصادر دبلوماسية رفيعة، أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، طلب من قطر التوسط لدى الولايات المتحدة لرفع اسم مدير مكتبه أبوجهاد الهاشمي، وشخصيات أخرى على صلة بإيران، من قائمة العقوبات الاقتصادية التي توقعها وزارة الخزانة الأميركية.

وقالت المصادر إن “اسم الهاشمي ورد في قائمة أميركية أولية، قبل نحو ثلاثة أسابيع، تضم شخصيات من الخط الأول في الطبقة السياسية العراقية”، مشيرة إلى أن هذه القائمة تشتمل على أسماء ثلاث شخصيات سياسية معروفة، هي خميس الخنجر زعيم المشروع العربي، وهو تجمع برلماني يضم 11 نائبا في مجلس النواب العراقي، وفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن القومي في العراق، وأبوجهاد الهاشمي مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، وهو الرجل الثاني في منظمة بدر بزعامة هادي العامري التي أسسها الإيرانيون في ثمانينات القرن الماضي لقتال الجيش العراقي خلال حرب الخليج الأولى.

اقرأ أيضاً: هكذا سيطر ابن سلمان على ثروة السعودية

وأكدت المصادر أن أبوجهاد حصل على تسهيلات خاصة لاستخدام الطيران القطري في التنقل بين عواصم عدة بينها الدوحة، خلال الأسابيع الماضية طلبا للوساطة، مشيرة إلى أن قطر رتبت لقاءات على أرضها، بين الهاشمي ومسؤولين أميركيين، لإقناعهم بالتدخل لدى وزارة المالية لرفع اسمه من قائمة العقوبات.

وحتى الساعة، تبدو الوساطة القطرية في هذا الملف ناجحة، إذ يتردد أن الولايات المتحدة تراجع قرارها في شأن شمول مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي بقائمة عقوباتها.

ونشرت “العرب” تفاصيل خاصة عن الامتيازات التي يحظى بها أبوجهاد في مكتب عبدالمهدي، فيما تؤكد مصادر مطلعة أن القيادي البارز في منظمة بدر “يسيطر على معظم الشؤون التنفيذية الحيوية في مكتب رئيس الوزراء العراقي بما في ذلك حركة الأموال والجيش”.

وذكرت المصادر أن “الهاشمي زار الدوحة خلال الأسابيع القليلة الماضية مرتين على الأقل، والتقى بمسؤولين قطريين ودبلوماسيين أميركيين”، مؤكدة أن “لقاءات مدير مكتب عبدالمهدي في الدوحة أثمرت ترتيب موعد بينه وبين مسؤول في البيت الأبيض احتضنته عاصمة أوروبية”.

وتلفت مصادر دبلوماسية خليجية إلى أن قطر حين تزج بنفسها في قضايا تحوم حولها شبهات الإرهاب إنما تؤكد التهم التي التصقت بها كونها راعية للإرهاب وهي ذات التهم التي قادتها إلى العزلة بعد أن قاطعتها دول عربية أربع.

واعتبرت أن الدوحة قد قررت الانزلاق أكثر إلى هاوية عزلتها من خلال اختيارها الاصطفاف وراء إيران، بالرغم مما تواجهه الأخيرة من عقوبات يكمن الجزء الأكبر من أسبابها في الدور الذي تلعبه في دعم وتمويل ونشر الإرهاب وتهديد السلم العالمي.

ويبدو أن الإيرانيين يتجهون نحو تعزيز قبضتهم على مكتب رئيس الوزراء العراقي، من خلال الدفع بشخصية قيادية أخرى في منظمة بدر نحو منصب عسكري، يعدّ الأهم في البلاد بعد منصب القائد العام للقوات المسلحة الذي يشغله عبدالمهدي نفسه.

ونشرت وسائل إعلام عراقية تفاصيل قرار جديد وقعه رئيس الوزراء العراقي يتعلق باستبدال سكرتيره العسكري الحالي، وهو جنرال برتبة فريق سبق له العمل في سلاح القوات الخاصة، بشخصية مجهولة، يقال إنها تعرضت للأسر خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن تنجح إيران في تجنيدها للعمل ضد النظام العراقي حينذاك.

واللافت أن الشخصية المرشحة لشغل منصب سكرتير القائد العام للقوات المسلحة في العراق، تنتمي إلى منظمة بدر، التي رشحت أبوجهاد الهاشمي لشغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء.

وفي حال نجحت هذه الخطة الإيرانية، ربما يخسر رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي جميع الخطوط التي تسمح له بالتأثير في مجال السياسة العراقية، لصالح طهران.

ويرى مراقبون أن “خطة الاستحواذ” التي تطبقها طهران في العراق حاليا تمثل آخر الترتيبات الإيرانية في سياق الاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة مع الولايات المتحدة ربما يدور الجزء الأكبر من مجرياتها على الأرض العراقية.

إلا أن الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف لا يتوقع أن تجرؤ قطر على التوسط، إذا كانت وزارة الخزانة الأميركية قد ألحقت اسم أبوجهاد الهاشمي بقوائمها الجديدة. ذلك لأن القرارات المتعلقة بالإرهاب هي قرارات سيادية لا أحد في إمكانه أن يتدخل فيها.

ولم يستبعد يوسف في تصريح لـ”العرب” أن تكون الدوحة بتأثير من إيران قد رتبت لقاءات بين الهاشمي ووسطاء من داخل العاصمة الأميركية لا صفة سياسية أو أمنية لهم. لكنه عبر عن استغرابه أن تقوم الدوحة بمحاولة إنقاذ رجل إيران في مجلس الوزراء العراقي إلا إذا كان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي خاضعا فعلا لسلطة مدير مكتبه كما تقول أطراف عراقية كثيرة.

وتملك قطر في العاصمة الأميركية شبكة من العلاقات كانت قد وظفت المليارات من الدولارات من أجل إنشائها قبل وبعد أزمتها مع الدول العربية.

وبغض النظر عن موقف الدوحة فإن القائمة الجديدة لو أخذت طريقها إلى حيز التنفيذ فإنها تشكل ضربة قوية لمواقع نفوذ إيرانية داخل النظام السياسي القائم في العراق سيستفيد عبدالمهدي وحكومته منها خلال استعادة شيء مما فقداه من السيطرة على مفاصل الدولة التي صارت نهبا بين وكلاء إيران الذين تعتمد عليهم في محاولة جرّ العراق إلى أن يكون جزءا من جبهتها وبالأخص من خلال دمج الاقتصاد العراقي باقتصادها المنهار.


السابق
الشيخ شادي مرعي عن التمديد للمجلس العلوي (2): هكذا تمت السيطرة السياسية على المجلس
التالي
نعم.. واشنطن قررت التدخل العلني في شؤون لبنان