لماذا غزتنا «نتفلكس»؟!

نتفلكس
هي غائبة عن الصين وكوريا الشمالية وشبه جزيرة القرم وسوريا. شبكة "نتفلكس" باتت مثار حديث الشارع العربي بعد توجهها إليه بالعربية وافتتاح مكتب إقليمي لها في الإمارات العربية المتحدة وإنتاج أول مسلسلاتها في الأردن "جن". بين القبول بقوانين الشبكة الحمراء ورفض اقتحامها سوق العرض التلفزيوني عربياً أسئلة كثيرة لا بد من طرحها.

قد لا يعرف كثيرون أنّ شبكة “نتفلكس” لإنتاج وعرض المسلسلات العالمية، قد انطلقت من وادي السليكون في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يضم كبرى شركات المواقع بالعالم ولا سيما الحوت الأزرق “فايسبوك”، ومن خدمة تأجير الأقراص المدمجة إلى خدمة العرض عند الطلب مسيرة طويلة مرت بها نتفلكس قبل أن تدخل نطاق إنتاج البرامج الأصلية حسب تسميتها في آذار عام 2011.

اقرأ أيضاً: السينما العربية: مصر في المقدمة ولبنان يتقدّم ولا أفق في سوريا

وبدءاً بمسلسل “بيت من ورق” انطلقت عجلة الإنتاج التي أدارتها  نتفليكس بالاشتراك مع شركات أخرى، أو امتلكت حقوق التوزيع الحصرية لها عبر خدماتها. تمول نتفليكس برامجها بصورة مختلفة عن الشركات أو القنوات الاخرى إذ تقدم الأموال مقدمًا وعادةً ما يُطلب موسمين من البرنامج، مع دبلجة وترجمة جميع البرامج بلغت حاجز الثمانية عشر لغة منذ تشرين الأول عام 2016.

المفارقة أن نتفلكس دخلت العالم العربي من بوابة شراء حقوق عرض مسلسلات عربية لتجذب الجمهور إليها، فمع النجاح الكبير لأعمال أجنبية قدمتها نتفلكس إلى الجمهور العربي، ضمت مكتبتها مسلسلات مثل “جراند أوتيل، طايع، الهيبة، غرابيب سود، تانغو والكاتب” ومؤخراً “دولار” كعمل لبناني هو الأول الذي يدخل ضمن قائمة المسلسلات الأصلية للشبكة.

وفي حين تتجه نتفلكس إلى الإنتاج، وقعت في مطب الصدام مع الجمهور العربي حين حاولت صناعة مسلسل وفق تفكير صناعها، فجاء في بداية الصيف مسلسل “جن” الذي قوبل برفض واسع من الشارع الأردني ومطالبات بإيقافه مع دعاوى قضائية وغضب في طبقات اجتماعية وسياسية ضمن المملكة، حينها قررت نتفلكس الرد بأنها ضد القمع ومنع الجمهور من الوصول لمحتواها في نبرة تحدي واضحة للسلطات العربية عن قدرة الموقع من النفاذ إلى الجمهور، خاصة مع تواجد عشرات المواقع الإلكترونية العربية التي ترفع حلقات مسلسلات نتفلكس وتوفرها للجمهور بشكل مجاني وبسيط جداً. وهو أمر تدركه نتفلكس جيداً ويحقق لها بالمقابل انتشار واسع في أوساط الجمهور العربي كونها تبحث عن قاعدة واسعة في المنطقة.

اقرأ أيضاً: وديع الشيخ: من أين لك هذا «التبجح»؟!

أما الشبح القادم، فيأتي من تأثير نتفلكس على صناعة المحتوى البصري عربياً، سواءً من ناحية إقحام فكرة مسلسلات المواسم على الصناعة الدرامية التلفزيونية العريقة في المنطقة العربية، أو من ناحية تغيير الأفكار المقدمة في النصوص وتعليبها لتصبح بنكهة ورؤية نتفلكس سواءً على صعيد البناء الدرامي أو مستوى التصوير والإخراج، وبذلك قد تصنع نتفلكس مدرسة رقمية تعمل على محو الهوية البصرية والفكرية للدراما المحلية والتي تشكل جزء من هوية البلاد وثقافتها ودرجة حضارتها.

لربما من المبكر الحكم على مستقبل نتفلكس في المنطقة العربية، لكن لا يمكن نكران طغيانها على ذهن فئات الشباب وعزلهم عن القنوات التلفزيونية العربية مع تنميط تفكيرهم بفكرة طاغية مفادها ان كل ما يعرض على “نتفلكس” مستواه راقٍ ويستحق المشاهدة!!

السابق
أصالة وابنها في موقف مؤثر داخل لندن!
التالي
المرشح الشيخ حسن عز الدين… ليس المطلوب أميركياً!