اللبنانيون يظلمون السياحة اللبنانية

السياحة
لفت نظري اليوم برنامج " رحلاتك " الذي تبثُّه قناة ال Nbn وتهدف من خلاله إلى كشف المعالم السياحية ومميزاتها في دول العالم، وهكذا تفعل أكثر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة اللبنانية في برامج مماثلة ومركَّزة في فصل الصيف.

بعض هذه الوسائل تقوم بذلك يتوجيه سياسي، والبعض الآخر بعفوية الجاهل بالأضرار الاقتصادية التي تتسبب بها هذه البرامج على القطاع السياحي والاقتصاد السياحي والواردات السياحية في لبنان، والبعض الثالث يقوم بهذا لهدف الكسب المادي من الشركات السياحية اللبنانية وغير اللبنانية، وقد يكون هذا نوع من العمالة أخطر من العمالة الأمنية السياسية التي تُهدد البلد عسكرياً وسياسياً، فلو دققنا في مخاطر ذلك على الأمن الاقتصادي الوطني لوجدنا أن ضرره لا يقل عن ضرر ما يصنعه العملاء السياسيون!

اقرأ أيضاً: الشائعات تضرب موسم السياحة في لبنان

وبغض النظر عن أهمية معرفة اللبنانيين بتطور المعالم والمراكز السياحية في دول العالم، ولكن وسائل الإعلام اللبنانية لا تقوم بجهد موازي لكشف المعالم والمراكز السياحية اللبنانية، فليس هناك برامج حول السياحة في لبنان تليق بمستوى المرافق السياحية اللبنانية، فجمال الطبيعة والمُناخ والأنهار والينابيع والشلالات والعيون المتفجرة في الجبال اللبنانية والمحميات الطبيعية الصنوبيرة وغير الصنوبرية وغابات شجر الأرز والمغارات التاريخية، والجبال الشاهقة والوديان الغائرة والسهول الخلابة والشواطئ اللبنانية الممتعة والفنادق العظمى والمطاعم الكبرى ومراكز الترفيه والأندية المختلفة ولمختلف الرغبات والأعمار والمعارض المتنوعة والمراكز الثقافية والمعالم التاريخية والمكتبات الغنية والجامعات والصروح العلمية والآثار القديمة والمتاحف الكثيرة.

 كل هذه محرومة في لبنان من برامج ثقافية وتثقيفية للسياحة فيها بالمستوى المطلوب، كما أن السياحة الدينية ولكل الطوائف أكثر محرومية ومظلومية وهي التي تمتلك من المقدسات الدينية ما ينبغي أن يعرفه أهل الأديان الإبراهيمية الثلاث في العالم، ولو أمكن تفعيلها بالشكل الصحيح لشكَّلت أكبر واردات الدولة في القطاع السياحي، فالمرافق السياحية الدينية في لبنان هي الأغنى في دول العالم، كما أن تاريخ علماء الأديان الإبراهيمية الثلاث لا يُستهان به في هذا البلد الصغير بحجمه والكبير بحضارته، فلا توجد برامج ثقافية للسياحة في لبنان في وسائل الإعلام اللبنانية بمقدار ما توجد من برامج للحديث حول السياحة ومرافقها في دول العالم في وسائل الإعلام هذه، وحتى الإعلام المقاوم لا يتحدث عن المراكز السياحية اللبنانية بمقدار ما يتحدث عن العمليات الجهادية والقتالية وعن السلاح والحروب الماضية والمقبلة، وهذا بالتالي أدَّى ويؤدي إلى نزيف السياحة مما يُهدد بإفقار البلد، فالسُيَّاح اللبنانيون بغالبيتهم يتنقلون بين دول العالم بدلاً من تعزيزهم للتواجد في مرافق بلدهم السياحية والمنافسة لأهم المراكز السياحية في العالم بجهد الطبيعة وليس بجهد الدولة والقيمين على هذه المراكز الذين لا يوصف مدى تقصيرهم في تعزيز هذه المراكز والعناية بها والحديث عنها في البرامج الثقافية والتثقيفية عبر وسائل الإعلام المختلفة الخاصة والرسمية، والسيَّاح غير اللبنانيين نادراً ما يعرفون شيئاً عن المراكز السياحية في لبنان!

اقرأ أيضاً: «رسومٌ جديدة» على المسافرين

ومما يثير الامتعاض أنك تجد زوجات وعائلات غالبية السياسيين – بل الكثير من السياسيين – يمارسون الأنشطة السياحية خارج البلد، وهذا دليل على عدم إيمانهم بنهوض لبنان وحل مشاكله الاقتصادية والمالية.

 فهل يكذب هؤلاء عندما يأكلون رؤوس الناس بالحديث عن حلول اقتصادية في الوقت الذي لا يبادرون لممارسة الحلول عملياً وميدانياً، وبهذا ينحر الإعلام اللبناني وسياسيو لبنان الاقتصاد السياحي اللبناني ويظلمون بلدهم مرة أخرى بعدما ظلموه بما صنعوه باقتصاده وماليته العامة!

فهل سيتدارك الجميع كل هذه الأزمات هذا العام وما يزال الموسم السياحي في نصفه الأول؟

السابق
يوم تذكر «نساء المتعة»: جرح تاريخي لم يلتئم بعدُ بين سول وطوكيو
التالي
حاصباني: إن لم ندخل في صميم الإصلاحات فمقبلون على وضع خطير جداً