الطائفة السنية في لبنان بحاجة الى قيادة حقيقية وليس لقيادة رمزية..

يواجه لبنان اليوم ازمة وجودية مع استفحال غطرسة وممارسات التيار الوطني الحر مستنداً الى سلاح حزب الله وميليشياته… وما جمع الفريقين عقب رفضهما لاتفاق الطائف عقب توقيعه في 30 أيلول/ سبتمبر 1989، اعاد جمعهما في 6 شباط/فبراير من عام 2006.. فيما تمت تسميته حينذاك تفاهم كنيسة مار مخايل… ومن بعدها فتنة السابع من آيار/مايو 2008… التي يجب ان تحال جرائمها على المجلس العدلي لفداحة خسائرها ولوقاحتها وخطورتها على السلم الاهلي والعيش المشترك…

اذاً المعركة في لبنان اليوم هي على توزيع مغانم السلطة ومواقعها على فريقين اساسيين في المعادلة المعادية لاتفاق الطائف ومهما اطلقا من مواقف وتصريحات وبيانات تؤكد على ايمانهما بهذا الاتفاق ومضمونه والحرص عليه وتنفيذ بنوده فإنما يكون هذا نفاقاً وشراءً للوقت ريثما يتم الاجهاز عليه والغاؤه تدريجياً… الخطوة الاولى كانت برعاية سورية هي تم عدم تنفيذ الغاء ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية فبقي سلاح الثنائي الشيعي… وكان تجاوز الدستور بالتمديد للرئاسة الاولى مرتين متتاليتين.. وبعد الانسحاب السوري… جاء الدور القطري مكملاً مع اتفاق الدوحة الذي اطاح بالمناصفة وكرس المثالثة..؟ الثلث المعطل في مجلس الوزراء.. واتم الرئيس بري المعادلة بالتمسك بوزارة المال ليكون توقيع الوزير الشيعي الى جانب الرئيس الماروني ورئيس الحكومة السني…؟

اقرأ أيضاً: جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية

والان جاء الدور على القوى التي وافقت وايدت اتفاق الطائف بل التزمت به وقامت بتسليم سلاحها… والمقصود هنا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط..الذي يتم استهدافه من قبل محور ايران لاسباب عقائدية… ومن التيار الوطني لخلفيات تاريخية… ولكن هل يستقر لبنان في ظل هذا الصراع المفتعل لتحقيق مكاسب او لممارسة سياسة كيدية وثأرية..؟

طوال هذ الفترة كان الهدف والضحية هو الطائفة السنية الى جانب استقرار لبنان ومستقبله ووحدة مكوناته وتطلعاتهم…

اذاً مواجهة هذا المشروع العميق في جذوره والشرس في مواجهته والوقح في مصطلحاته وممارساته يتطلب قيادة ذات رؤية وحنكة وتحمل مشروع حماية الوطن والكيان اللبناني.. نحن جميعاً نعيش في مركبٍ واحد وليس صحيحاً ان الضغط او الاستعلاء على المكونات الاخرى قد يؤدي الى خضوعها واستسلامها .. بل ان الضغوطات قد تؤدي الى الانفجار في لحظة مناسبة قد يسميها البعض لحظة تخلي والبعض الآخر الذي يستعلي ويستكبر قد يسميها لحظة تجلي..؟

منذ انجاز الاحتلال السوري البغيض للبنان بالكامل عام 1990، والوطن يعيش حالة من الرعاية السياسية الاقليمية والدولية.. نظراً لما عاناه لبنان من ويلات الحرب الاهلية والاحتلال الاسرائيلي للبنان…والممارسات السورية على كافة الاصعدة ومختلف المستويات..

لا يمكن انكار او تجاهل حضور ودور وفعالية الطائفة السنية على الساحة اللبنانية وهي تشكل الامتداد الطبيعي للامة العربية والاسلامية من المحيط الى الخليج…كما لا يمكن تجاهل ان دور هذا المكون الاسلامي لم يكن الا ايجابياً وفاعلاً في تامين استقرار لبنان ونهوضه.. الى جانب سائر المكونات اللبنانية..

ولكن بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري…من قبل الفريق الذي سوف تسميه المحكمة الدولية قريباً… وانتقال القيادة الى نجله الرئيس سعد الحريري لاسباب رمزية وليس لمميزات قيادية…غاب عن البعض ان مرحلة الرعاية السياسية والمالية قد انتهت وان المطلوب من القيادة السياسية داخل الطائفة السنية ان تكون على مستوى المسؤولية في تحديد واجباتها وحقوقها، ورسم تحالفاتها مع المكونات الاخرى ووضع خارطة طريق لمواجهة مشروع تهميش الطائفة ودورها والغاء حضورها بالكامل…. وعندما وقف رئيس التيار الوطني الحر عام 2010 وقال (وان واي تيكيت) “اي بطاقة سفر باتجاه واحد اي المغادرة” كان يقصد دور هذه الطائفة وليس شخص المغادر…وهو الرئيس الحريري,.. ومن ينشر كتاب الابراء المستحيل لا يمكن ان يبرم معه تسوية لا رئاسية ولا نيابية ولا حتى على مستوى نقابي…وفي نفس الوقت لا يمكن ان ترضى الطائفة ان تبقى مكسر عصا وموضع اتهام من الآخرين او ان تقبل بان تبقى موضع اتهام بان من يقودها مجموعة من الفاسدين والوصوليين..!.. وسط غياب كامل لحضورها السياسي والاداري .. وفي خضم استهداف كافة حلفائها السياسيين والاقليميين في محاولة لعزلها وتحجيمها الى ان وصل استخفاف احد الادوات بالاشارة الى تسمية شاكر البرجاوي رئيساً للوزراء..؟ ولم يصدر اي رد فعل على هذه الاهانة البالغة..؟

فالرئيس السنيورة يكتفي بلعب دور العراب محاولاً الحفاظ على صورة ايجابية للرئيس الحريري ولكن دون نتيجة… وسماحة المفتي دريان، قبل بوراثة ادارة المؤسسة الدينية على ما هي عليه بل دون بذل اية محاولة لاصلاح الخلل او تطوير عملها وتحديد دورها…

اذ حين تكون القيادة السياسية في حال ضعف يجب على القيادة الدينية ان تاخذ دورها في حماية الوجود والحضور….ودعم القيادة السياسية وتصويبها.. وهذا ما لا يحصل ولا تتم ممارسته..؟

الطائفة السنية اليوم تعيش غياب القيادتين السياسية والدينية …والشارع السني يغلي نتيجة مواصلة الاستهداف من قبل محور ايران وادواته ومن قبل التيار الوطني الحر وممارساته… والحريري في اجازات متواصلة وغياب سياسي شبه كامل .. ليس المطلوب اعلان حرب او اشعال فتيل فتنة بل المطلوب مواجهة هذا المشروع بمزيد من الالتفاف حول مشروع الدولة مع القوى الرافضة والمعترضة..؟

حسن نصرالله لا يغيب عن شاشة التلفزيون مخاطباً جمهوره محرضاً وشارحاً ومفسراً ومبرراً…؟

والوزير جبران باسيل لا يتوقف عن زيارة كافة المناطق واعداً ومتوعداً ومخاطباً ويقدم رؤيته ومشروعه لجمهوره….؟

اين زيارات ولقاءات واطلالات الحريري… تلفزيون مغلق وجريدة اغلقت واذاعة غاب نجمها.. وطلب موعد امر يتطلب شجاعة وعلاقات سواء معه او مع الرئيس السنيورة وباقي القيادة الرمزية..؟

القوى السيادية موجودة وقوية بحضورها ومواقفها وجمهورها.. والتفاف القوى المناهضة لمشروع الهيمنة الايرانية على لبنان مع بعضها البعض ضرورة..

لا يمكن ان تنهض القوى السيادية دون قيادة حقيقية فاعلة ووازنة .. متنوعة في انتمائها والتزامها وحضورها.. تؤمن بضرورة بناء وطن حقيقي ومواطنة متساوية في الحقوق والواجبات…

ولا يمكن ان تلتفت قوى المجتمع الدولي الى الشأن اللبناني اذا كنا لا نملك رؤية نقدمها ومشروع نطرحه ومواقف رافض نطلقه..؟؟

المطلوب قيادة حقيقية تملك رؤية ومشروع وشجاعة القيادة واتخاذ القرار وجمع شمل المعارضة لما فيه مصلحة لبنان والامة العربية ومواجهة ادوات التآمر والفتنة…

السابق
مروان حمادة: العهد يعيدنا إلى زمن الوصاية السورية
التالي
جنبلاط يُواجه خطّة «التحجيم والكسر»