روسيا تتورط…وآلاف المدنيين ضحايا قصفها الجوي في إدلب

في ظل تعتيم إعلامي كبير على العمليات التي تشهدها بعض الأرياف السورية، كأرياف حلب وحماة وإدلب واللاذقية، يتم الحديث عن أن بعض هذه المناطق تعيش مرحلة "التصعيد الأعنف" المتواصل على مدار 3 أشهر. وأن عدد الضحايا يصل للآلاف بين مقاتلي النظام ومقاتلي الفصائل المعارضة إضافة الى المدنيين الذين يتم قصفهم من قبل القوات الروسية والنظامية.

ولا يبدو الواقع السوري اليوم مادة للتداول كما كانت سابقاً، بحيث لم يعد الكلام عن الملف السوري أولوية إقليمياً، إلا أن ذلك لا يعني أن الوضع مستقر، وأن التجاوزات غائبة، وفي قراءة للمشهد العام السوري، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد العزي، في حديث لجنوبية، بأن هذا التعتيم الإعلامي الحاصل يأتي بسبب أن روسيا تعاني من أزمة، من أول مفاوضات آستانا حتى اليوم لم يستطيعوا إسناد بما يسمى بـ”المنطقة الرابعة” من عمليات التصعيد، وبالتالي هذه المناطق كبدتهم خسائر كبيرة معنوية وعسكرية لهم وللنظام السوري.

وأشار العزي الى أن هناك توريط روسي بقصف المناطق التي كانت تستخدم للإعانات الطبية، كاستهدافهم لـ27 مدرسة وحي، لا سيما المجزرة الكبيرة التي قاموا بها وحاولوا التهرب منها، وهذا ما دفع بالأمم المتحدة للتدخل لطرح قضية تقصي الحقائق، وهذا ما قاله أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي طلب من المحامين إعداد كل الوثائق التي من الممكن أن تدخل في عملية التحقيق.

وأردف قائلأً: “أزمة روسيا اليوم هي أنها لم تخض حرب فعلية في سوريا، فكل الإنتصارات التي حصلت عليها، أتت من خلال التجارب الإستعراضية العسكرية بواسطة الطيران، وهذا ما فقده الثوار في كل مراحل الثورة، حيث أنهم لم يحصلوا من أحد على أسلحة دفاعية لا جوية ولا مضادة للطيران”. مضيفاً: “من ناحية أخرى اعتمد الروس على العنصر البشري المتمثل بالخزان الإيراني وميليشياتها، بحيث كانت كل الهجومات وكل الضحايا من الطرفين، السوري المتمثل بعناصر النظام أو من الميليشيات الإيرانية، وبالتالي كان الروس بعيدين عن المعركة”.

هل هناك تخوف روسي من فقدان سيطرتها في سوريا؟

في هذا الشأن، لفت العزي بأن روسيا لا تتخوف من ذلك، وهي قادرة على أخذ إدلب، ولكن طبيعة إدلب ستكلفها أثمان عالية جداً من الضحايا، لأن اليوم أثبت جيش رئيس النظام بشار الأسد بأنه جيش هزيل، بالرغم من الفيلق الخامس التي شكلته، إلا أنها لم تحقق انتصارات في 3 قرى، وقال: “هذه القوة التي تعتبر نفسها قوة عالمية لا تستطيع أن تدخل الى قرية ما فهذه “مصيبة”.

وأضاف: “مستوى المقاتلين في الداخل وأعلى عنصر هو برتبة رائد، بينما من يخوض المعارك من الجانب الروسي هي القوات الخاصة الروسية التي نزلت على الأرض بإسناد ودفاعات فعلية، وقاعدة حميميم التي يتواجد فيها كبار جنرالات الأركان الروسية، وهذا يعني بأن اذا الضابط السوري يسطر أروع انتصاراته على جنرال روسي فهذا فشل عسكري، وبالتالي هذا الفشل لن تستطيع روسيا بأن توظفه سياسياً بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية كما تسعى وتريد”.

مشيراً الى أنه اليوم ومع فشل منصة القدس ومحاولات روسيا لفتح منصة جديدة تستغني فيها عن منصات سوتشي ومنصات أستانا وجولاتها الـ12 التي لم تحقق شيئاً سوى عملية القضم، فهي عملياً ستذهب بعد تصعيد عسكري وإجبار السوريين وبموافقة تركية على الذهاب الى أستانا 13، وأعلنت الأسماء التي ستذهب لتتفاوض معهم، وقال: “ما هو غريب أن روسيا تريد التفاوض مع القوة العسكرية التي تعتبرها إرهابية، فهناك إنفصام سياسي في التعامل مع الآلية الدعائية التي تستخمها موسكو”.

مضيفاً: “هذا يدل على نقطة واحدة وهي أن روسيا تنفذ ما قاله سيرجي لافروف من العام 2012 ألا وهي بأن كل سوري وقف مع الثورة السورية هو إرهابي، فاليوم ومع العملية التي تنفذها في خان شيخون والمناطق الأخرى وفتح معركة في ريف حلب الجنوبي، يريدون القول للعالم بأن هذه الغارات والتفجيرات يقوم بها الإرهابيون وذلك لشن عملية عسكرية جديدة يولّدوا فيها الإيرانيين في جنوب حلب، لأن العنصر الإيراني لن يشارك في عملية اللاذقية، ولا ريف حماة، وبالتالي كان هناك انسحاب وتعزيز للعنصر الإيراني في مناطق دير الزور، كونهم يتحسبون الى معركة قادمة ضدهم من قبل أميركا قد تستهدفهم في هذه مناطق”.

رسالة ايرانية لروسيا

واستكمالاً، لفت العزي الى أن الإيرانيون يعتبرون مناطق دير الزور المنفذ البري من طهران البصرة الرمادي حتى سوريا ولبنان، وبالتالي هم كانوا يعتبرون أن إدلب بالأصل ليست لهم، وهذا بالتوافق، ولم يشاركوا بهذا التصعيد الأخير، ووجهوا رسالة الى روسيا أرادوا القول بها إذا لم تستطيعوا أن تحاربوا بدوننا فكيف تريدون عزلنا من سوريا دون تأمين مصالحنا.

وقال: “يعلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيداً بأن النظام السوري لن يستطيع الدفاع على المناطق التي حررها لخمس دقائق، لأن معركة إدلب أوضحت بأن الجيش الحر أقوى بكثير من الجيش السوري الذي ممكن أن ينهار، وبالتالي روسيا عجزت أمام ردة الفعل بأنها لم تستطيع إبعاد الإيراني، وبالوقت نفسه تتخوف من مواجهة عسكرية بينها وبين ايران”.

هل هناك بديل روسي للأسد؟

في هذا الشأن، قال العزي بأنها اليوم لا تملك البديل للأسد كونها متناغمة مع الأسد الضعيف الذي يؤمن مصالحها بسهولة، بعد ما استطاعت كسر القوة التي كرسها حافظ الأسد سابقاً بإضعاف بشار الأسد اليوم، وبالتالي روسيا ليست على عجلة من أمرها بشأن تبديل الأسد أقله لنهاية ولايته.

السابق
الطائفية أصغر الأزمات
التالي
بديل للموسوي: «أمل» جاهزة.. والاعتراض متفرّق