الخائفون على المسيح أنا أخاف منهم على المسيح

أكتب هذه التأمّلات من وحي حملة الهذيان الرائجة حاليًّا في الأوساط والمناطق المسيحيّة، التي تروّع المؤمنين البسطاء وتستثير الغرائز الدينيّة من خلال تأجيج مشاعر الخوف على المسيح والإيمان المسيحيّ وكنيسة المسيح.

إنّي أسوق تأمّلاتي هذه من دون تعميم (أكرّر: من دون تعميم)، حفظًا لكرامة كلّ مَن لا تعنيه هذه التأمّلات أو تمسّه من قريبٍ أو من بعيد.

الخائفون على المسيح نوعان: 1- أهل سلطةٍ يخافون على سلطاتهم، أكانت سلطاتٍ أرضيّة أم أخرويّة، 2- أهل ورعٍ بسطاء يوهمهم أمراؤهم الدينيّون والمدنيّون، كما يوهمهم تبسيطهم للمسيح، بأنّ كنيسته في خطرٍ محدقٍ وعميم.

أنا الذي هو صديق المسيح، أقول لهؤلاء وأولئك: لا خوف على المسيح، لا في الماضي ولا في هذا الحاضر ولا في المستقبل.

فالمسيح لم يكن داعيةَ ملْكٍ في الأرض خلال إقامته في هذه الأرض، ولم يدعُ إلى مملكةٍ له ها هنا، لأنّ مملكته ليست في هذا العالم، ولا هي منه.

كلُّ خوفٍ على المسيح، من هذه الجهة أو تلك، لا موضوع له، بل هو خروجٌ على المسيح، على لاهوته وناسوته.

الخوف على المسيح ضربٌ موتورٌ، بل ماكرٌ، من ضروب الرياء والشطط والهذيان، غايتُهُ استجداء المزيد من أسباب السلطة (المدنيّة والدينيّة) على حساب المسيح بالذات.

ثمّة فئةٌ ثالثةٌ تخاف على المسيح من الفئتَين الآنفتَي الذكر. لماذا؟ لأنَ أهل السلطتَين الأرضيّة (المدنيّة) والأخروية (الدينيّة) الذي يزعمون الخوف على المسيح، يتوسّلون بالمسيح، لا تكريمًا له، وضنًّا به، بل تثبيتًا وترسيخًا لما يربحونه من مجدٍ باطلٍ في الأرض، في الأرض هنا فحسب وفقط ولا غير، من جرّاء استخدامهم لهذا المسيح، استخدامًا يأباه كلُّ مؤمنٍ بجوهر المسيح.

المسيح لم يكن صاحب سلطة، ولا صاحب جاه، ولا من أهل الاستعراض، ولا من دعاة الترف والبذخ والتفريط، ولا من سارقي فلس اليتيم والأرملة، ولا من المتنعّمين بخيرات الدنيا، ولا من جامعي الأموال، ولا من عاقدي الصفقات، ولا من لابسي الأرجوان، ولا من فارشي الموائد العامرة.

صليبُهُ كان من خشب، ويليق به أن يبقى من خشب.

وليتذكّر كلّ مَن يريد أن يكفّر الناس، ويقمعهم، ويحاكمهم، ويرذلهم، ويحدّ من حقّهم في الوجود والتعبير، بأنّ المسيح هو القائل مَن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، وأنا أيضًا (المسيح) لا أرجمها بحجر.

وليتذكّر هؤلاء المكفِّرون القامعون الحاكمون والمحاكِمون والراذلون والمتدثّرون بالبرفير، بأنّ فرنسيس، خليفة بطرس الجالس على كرسيّ أسقفيّة روما، يعرف تمامًا ماذا يقول وماذا يفعل عندما يقول مَن أنا لأدين هؤلاء (أيًّا كانوا)، رافضًا وصم الناس بالخطأة أو بالخارجين على المسيح. لماذا؟ لأنّه لا يخاف على المسيح من الشرور والمغريات أيًّا كانت، ولأنّه يؤمن في الأساس بأنّ “على هذه الصخرة أبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها”.

الخائفون على المسيح من الفئة الأولى الآنف ذكرها (أهل السلطتَين الدينيّة الكنسيّة والمدنيّة السياسيّة والحزبيّة)، يخرجون على تعاليم المسيح، لأنّهم يحملون ذهبًا وفضّةً، ولأنّهم يكنزون في الأرض، خلافًا لدعوة المسيح وتبشيره. ولأنّهم يعادون المسيح عندما يكفّرون ويقمعون ويرذلون ويحاكمون ويرجمون.

المسيح ليس من هؤلاء، وهم ليسوا من المسيح. باطلٌ هو إيمانُهم. وباطلٌ هو تعليمُهُم. وباطلةٌ هي سلطاتُهم وأحكامُهم.

أما الخائفون على المسيح من أهل الورع المبسّط، فليكفّوا عن إغماض عقولهم وبصائرهم وعيونهم. يجب على هؤلاء ألّا يكونوا قطيعًا يُساق إلى الذبح على طريقة “اصلبْه اصلبْه”، وليروا أمامهم المسيح الذي لن تقوى عليه أبواب الجحيم.

الخائفون على المسيح، هؤلاء وأولئك، أنا أخاف منهم على صديقي المسيح.

أمّي، التي، هذا اليوم، هو ذكرى غيابها الخامس، وأبي الذي سبقها بعام إلى الغياب، علّما عائلتهما التي أنا منها، أنْ تنشر المسيح على حقيقته. حيث لا خوف على المسيح.

وإنّي أنا الذي هو صديق المسيح بالذات – أكرّر – أسوق تأمّلاتي هذه من دون تعميم (أكرّر: من دون تعميم)، حفظًا لكرامة كلّ مَن لا تعنيه هذه التأمّلات أو تمسّه من قريبٍ أو من بعيد.

أذكّر الخائفين على المسيح، الذين أنا أخاف منهم على المسيح، أذكّر هؤلاء العديمي الإيمان بمسيحهم القائل: لا تخافوا، أنا غلبتُ العالم!

… أمّا لبنان الدولة، بسلطاته وقادته وزعمائه وأحزابه وتيّاراته؛ هذا اللبنان الذي تترك حكومتُهُ دستورَها وقانونَها يُغتصَبان ويُنتهكان على أيدي رعاع الطوائف والمذاهب، والتي تقبل بأنْ تكون تابعةً لهؤلاء وملحقةً بها، فلتكنْ هذه الحكومة ملعونةً. ولتحترقْ في جحيم التاريخ.

اقرأ أيضاً: بالصور: فيض النور من قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة

السابق
بالصور كهف «علي صدر» في محافظة همدان الإيرانية
التالي
رحيل النجم المصري فاروق الفيشاوي