«الزمن الجميل».. لماذا يرددها السابقون من المناضلين في وجه الحاضر

الحركة الوطنية في لبنان
عندما يتحدث المناضل عن زمن جميل، إعلم ان حزب المناضل ما عاد نفسه، بل تبدلت فيه مواسم الثبات على المبادىء والتضحية بلا مقابل، وأنّ آخرين انتهازيين جاؤوا عند أول وآخر مواسم الربيع، ليحصدوا السنابل التي رواها دم وعرق المناضلين السابقين…

عندما تسأل عن مجاهد عتيق منذ بدايات الحزب الجمهوري الاسلامي، وحزب الدعوة، والكتيبة الطلابية في حركة فتح، واتحاد الطلبة المسلمين، قبل بزوغ فجر حزب الله، ويُقال لك انه يلتزم بيته وقليلا ما يراه أحد إلاّ في مناسبات العزاء لانه لا يفوّت عليه واجب، إعلم ان خيبة ما من مستجدات ما، أصابته فانكفأ وانزوى، ليعيد ذكريات زمن جميل بديلاً عن العتاب المباشر والاستنكار الجريء لثراء غريب، وبديلاً عن نقد محسوبيات مشبوهة تقدّم هذا وتبعد ذاك، كي لا يتهمه أخٌ متحمس مستجدٌ للدين، بالخيانة لعجزه عن اتهامه بالكفر…

اقرأ أيضاً: أفول‭ ‬اليسار‭ ‬التقليدي‭ ‬وأزمة‭ ‬اليمين

عندما تسأل عن يساريّ عتيق كان يبيع جريدة النداء على مفرق الطريق، والمسدس عند خاصرته، والنجمة الحمراء تزين قبعته لينعش صندوق حزبه الشيوعي بحفنة من الليرات، في سبيل ان يبقى “العلم الاحمر يرفرف من القنطاري الى الشياح” ثم يقال لك، إنّ بصره ضعُف ويداه ترتجفان، والفقر نهش رموشه، وأنّ البؤس يطارده، وأنه ما عاد باع جريدة الحزب، لا وحده ولا مع رفيقة، ولا هو قادر ان يقرأ، بل لا يغادر حتى زقاق بيته، تجده جالساً على حجر، يحدث الاطفال عن الزمن الجميل، في معتقل عتليت ومعتقل انصار، وعن بطولات “جمول” فاعلم انه محبط وغير راض عن الذين اكملوا المشوار، و”كفّوا “الطريق في اتجاه السنديانة الحمراء …
عندما تسأل عن اوّل المجاهدين في بلدتك، واوّل المتدينين في المسجد القريب من منزلك، وعن اوّل من وقف وسط الشارع حاملا صورة السيد موسى الصدر وصاح لا للحرمان، نعم للتحرير، لا للاحتلال ويُقال لك، انه جريح حرب ومعوق، يسكن سطح داره في خيمة كرتونية، سقفها عريشة عنب، موسيقاها دبيب نحل و زلاقط، معتكف لا يزوره احد، اعلم انه على شفير اليأس من كوادر ابتعدت عن خط حركة المحرومين وسكنت الابراج، تجده في صومعته يتعبد للله وفوق رأسه علم حركة امل، لايزال يرفرف، ان زرته شربت معه الشاي وحدثك عن الزمن الجميل، يوم كانت أمل حركة للمحرومين يوم كانت أمل صومعة لاخلاق المؤمنين…
الزمن الجميل يعني ان من يسكن زماننا الآن غير جدير بالقيادة، وليس على مستوى المبادىء الاصلية الاساسية الاولى، قبل التكتيك والتكتكة في السياسة والحكم والمال وعالم التجارة والنساء والسلطة.

اقرأ أيضاً: اليسار في دوامة الأزمة: ليس بهذه العدة يتم تجديد اليسار

الزمن الجميل يعني ان الذين يتكلمون اليوم ليسوا من كان عليهم ان يتحدثوا، إلّا انهم صمتوا وهُمّشوا وربما قُتلوا لانهم قالوا لقادتهم في لحظة ما انهم ينحرفون، انهم يبتعدون عن درب الله او عن هموم الناس ….

من قال لك زمن جميل اعلم انه عاتب لبِق على من يقود المرحلة بشراسة…..

ملاحظة: هذا الكلام يصح على كل الاحزاب، وعلى الفنّ، والطرب وعلى التربية، وعلى الاخلاق، وعلى الصداقات، وعلى وصال القربى، وعلى الحب، وعلى الغرام، وعلى الصحة والاطباء، وعلى رجال الدين وقد أُعذر من أَنذر….

السابق
غُلوّ باسيل سببه «النسبية»
التالي
بلدية النبطية استملكت 75% من المولدات الكهربائية.. فانخفضت الفواتير