جيروزاليم بوست: ما سبب سباق التسلح بين السعودية وإيران؟

الصراع الايراني السعودي

نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” مقالا للكاتب سيث فرانتزمان، يحاول فيه فهم صفقات الأسلحة السعودية والإماراتية وعلاقة ذلك بإيران، متسائلا عن السبب في كون سباق التسلح في الشرق الأوسط أصبح من الأخبار المفاجئة.

ويقول فرانتزمان في مقاله، إن سباق التسلح كان دائما موجودا في المنطقة، مشيرا إلى أن ما يجعل منه حقيقة هو حصول إيران على السلاح النووي.

ويشير الكاتب إلى عقود السلاح التي وقعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أثناء زيارته للسعودية عام 2017، حيث تم الاتفاق على صفقات سلاح بقيمة 110 مليارات دولار، مستدركا بأن الأخبار عن إحياء الرياض طموحاتها لتوسيع قدراتها الصاروخية أدت إلى عودة الحديث عن “سباق التسلح” في المنطقة، مع أن الدول المتنافسة فيها طالما تسابقت فيما بينها، و”لا شيء جديدا في السباق الحالي”.

ويلفت فرانتزمان إلى التقرير الذي بثته شبكة أنباء “سي أن أن نيوز” في 5 حزيران/ يونيو، عن حصول الحكومة الأمريكية على معلومات استخباراتية، تظهر تصعيدا في نشاطات السعودية لبرامج الصواريخ الباليستية، وبمساعدة من الصين، بشكل أثار مخاوف أعضاء الكونغرس عن سباق تسلح جديد في المنطقة.

اقرأ أيضاً: مركز روسي: لماذا تفشل روسيا وإيران في تكوين تحالف؟

ويورد الكاتب أنه ورد في مقال آخر أن “استعداد إدارة دونالد ترامب لتجاوز القواعد لتتناسب مع تعطش السعودية الحالي للحصول على أسلحة كثيرة جيدة، في منطقة أجهدتها النزاعات، قد يقود في السنوات القادمة إلى المجهول”.

ويفيد فرانتزمان بأن الجدال مع السعودية نبع من اهتمامها بتطوير التكنولوجيا النووية، والمزاعم بأن الصواريخ التي تسعى للحصول عليها تتعارض مع السياسة الأمريكية التي تبنتها منذ عقود، التي تسعى إلى منع اقتناء الأسلحة التي قد تؤدي إلى تحميل أسلحة دمار شامل عليها، ما يعني تحول السعودية إلى نسخة جديدة من بروسيا في القرن الثامن عشر، هذا بالإضافة إلى طموحات الرياض النووية والصاروخية، مشيرا إلى أن ترامب قد صادق في أيار/ مايو على صفقات أسلحة بقيمة 8 مليارات دولار للسعودية والإمارات والأردن، متجاوزا الكونغرس، حيث جاء هذا التحرك وسط تصاعد التوتر مع إيران.

ويؤكد الكاتب أن “سباق التسلح ليس جديدا، فكان هذا السباق موجودا دائما، وجد خاصة بين الدول التي كانت تنتمي إلى الكتلة السوفييتية والمحور الأمريكي في أثناء الحرب الباردة، مثل العراق وإيران في فترة السبعينيات من القرن الماضي، وقبل ذلك كان هناك سباق سلاح بين إسرائيل ودول عربية، مثل مصر وسوريا، وفي عام 1976 أثارت صفقة صواريخ هوك للأردن دفعتها السعودية جدلا كبيرا، وفي عام 1981 أثارت صفقة أخرى لبيع السعودية نظام التحذير الجوي والتحكم (أواكس) جدلا في الولايات المتحدة”.

وينوه فرانتزمان إلى أن السيناتور إدوارد كيندي وصف الصفقة التي دفعت السعودية مقابلها مليارات الدولارات بأنها “واحدة من أسوأ وأخطر مبيعات السلاح ابدا”.

ويفيد الكاتب بأن إسرائيل احتجت في عام 1992 على بيع أمريكا مقاتلات أف-15 للسعودية، فيما كانت السعودية والإمارات وتركيا من أكبر مشتري السلاح الأمريكي في العالم في عهد باراك أوباما، مشيرا إلى أن تقريرا لشبكة “سي أن أن” لاحظ أن إسرائيل ومصر والأردن والعراق هي من أكبر خمس دول تتلقى التمويل العسكري، حيث بلغ حجم فاتورة الدعم 5 مليارات دولار.

ويورد فرانتزمان نقلا عن معهد استوكهولم لأبحاث السلام العالمي، قوله إن نسبة 70% من أسلحة السعودية جاءت من أمريكا، فيما تضاعفت مشتريات المملكة منذ عام 2015، لافتا إلى أن الزيادة جاءت بسبب توقيع الولايات المتحدة على اتفاقية نووية مع إيران، التي خففت عنها الحصار، ومنحتها أموالا يمكن استخدامها في تطوير برامجها النووية.

وتنقل الصحيفة عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قوله في السابع من حزيران/ يونيو إن الاتفاقية النووية لم تمنع إيران من تطوير برامج الصواريخ الباليستية، إنها فقط حظرت عليها القيام بنشاطات تتعلق بتصميم صواريخ باليستية قادرة على حمل أسلحة نووية.

ويقول الكاتب إن السعودية زادت من حجم مشتريات السلاح لأنها ترى نفسها حاجزا ضد التوسع الإيراني في المنطقة، ولأن طهران دعمت المتمردين الحوثيين، الذين أطلقوا صواريخ باليستية باتجاه العاصمة الرياض، مشيرا إلى أن تقريرا لشبكة “سي بي أس” كشف عن أن السعودية قدمت عام 2017 عروض سلاح جديدة، بقيمة 18 مليار دولار، فيما اشترطت الدولة الخليجية الإمارات العربية المتحدة نسبة 7% من مجمل مبيعات السلاح الأمريكي في العام ذاته.

ويبين فرانتزمان أن هذه الدول تريد السلاح الأمريكي المتقدم، مثل قنابل بيفوي، الدقيقة والذخيرة الحية والقنابل المبرمجة وصواريخ بي جي أم-7 تي أو دبليو المضادة للدبابات وغيرها، مستدركا بأن هذه الدول تسلح نفسها منذ التسعينيات من القرن الماضي؛ بسبب صدمة غزو صدام حسين للكويت.

ويشير الكاتب إلى أن “احتلال الكويت كان مهما؛ لأن هذه الدول كان تركز اهتمامها قبل ذلك على إسرائيل، وقد تغير هذا الأمر، وكان العراق الحاجز ضد الثورة الإسلامية، وضحى العراق بشكل كبير لقتال الإيرانيين في الثمانينيات من القرن الماضي، وكانت دول الخليج قادرة على المساعدة دون القتال على الجبهة الأمامية، وعندما تحول صدام ضدها اكتشفت هذه الدول ضعفها، ومع الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بصدام ضعف العراق بشكل واضح، واليوم تحاول الولايات المتحدة إعادة بناء الجيش العراقي ليعود كما كان في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما كانت لديه معدات عسكرية سوفييتية وخنادق بناها السويسريون، ونظام دفاع جوي صممه الفرنسيون، ومدفع خارق بناه الكنديون”.

ويجد فرانتزمان أنه “لهذا تحولت السعودية إلى خط المواجهة؛ لأن العراق تحول لحليف إيراني، ولديه مئة ألف من مقاتلي الحشد الشعبي، وضعف التأثير السعودي في لبنان مع بروز حزب الله وتزايد قوته، وتعلم المملكة أن حلفاءها، مثل الأردن ومصر، مضطرون للتركيز على الوضع المحلي بسبب الأوضاع الاقتصادية، ولهذا أصبحت السعودية والإمارات إلى بروسيا وإسبرطة تواجهان إيران، ولم يتم اختبار قدرتهما لاستخدام السلاح إلا في عام 2015 بعد الحملة في اليمن، لكنهما لم تحققا النصر بعد رغم الدعم الأمريكي، وعادة ما يسخر الإعلام الإيراني من عجزهما عن قتال اليمنيين الفقراء”.

ويتساءل الكاتب: “ماذا عن إيران؟ من المفترض أن السعودية والإمارات تتسابقان مع إيران، وبحسب دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فقد اشترت إيران عام 2017 أسلحة بقيمة 16 مليار دولار مقارنة مع السعودية التي أنفقت 76 مليار دولار، والإمارات 30 مليار دولار، أما قطر المرتبطة بتركيا فأنفقت 6 مليارات دولار، وبلغت مشتريات العراق 19 مليار دولار، ولاحظت الدراسة أن معظم مشتريات العرب ركزت على الأسلحة الجديدة، وليس على تلك التي تسهم في هزيمة إيران والتطرف، والمقارنة واضحة فلدى إيران أسلحة رخيصة بعضها مصنع محليا، ودول الخليج لديها أغلى الأسلحة، وتعلم طهران حدودها ولهذا تعتمد على القوارب الصغيرة أو الطائرات المسيرة صغيرة الحجم”.

ويقول فرانتزمان إن “إيران تهدد الولايات المتحدة، وحذر الرئيس حسن روحاني أمريكا من أم المعارك عام 2018، ومن المفارقة أن صدام هدد بالشيء ذاته في عام 1991، والفرق هو أن صدام كان لديه جيش تقليدي هدد جيرانه، أما إيران فالصورة لديها معقدة وتهدد النقاط الضعيفة، فقد زعمت طهران أن صواريخها هي التي منعت حاملة الطائرات من البقاء في الخليج، وكان بإمكانها الضرب مع أن سلاحها يبدو ضعيفا مقارنة مع السلاح الأمريكي المتطور، وفي السياق ذاته فإنه يمكن لإيران تهديد إسرائيل بصواريخ حزب الله، مع أن أسلحته لا تتفوق على القدرات العسكرية الإسرائيلية”.

ويلفت الكاتب إلى أن “إيران تدعم المليشيات الشيعية في العراق، وهي أضعف من القوات الأمريكية، إلا أن مهمتها هي إضعاف ملامح الدولة، وهذا هو نهج الحرس الثوري الإسلامي، القائم على خلق تنوعات أصغر في الدول، تقوم بتحييد الجيوش الأكبر منها، بحيث تصبح مجرد ديكور”.

ويختم فرانتزمان مقاله بالقول: “هذا ليس سباق تسلح، فقد ربحت السعودية والإمارات السباق من ناحية نوعية الأسلحة المشتراة، لكن في ضوء الحرب غير المتماثلة فإن التحدي لا يقتصر على الدولارات التي تنفقها، لكن على حماية بلدك من عدد من التحديات التي يجلبها العدو في أي وقت”.

السابق
شكوى فلسطينية بـ«الجنائية الدولية» ضد سفير أمريكا بإسرائيل
التالي
كيف غيرت حرب سوريا علاقة تركيا و«إسرائيل»؟