أصحاب «المولدات الكهربائية»: لسنا «قرطة حراميّة» ولا مافيا استغلاليّة!

نظمت شؤون جنوبية حلقة نقاش حول أزمة الكهرباء المستفحلة في لبنان تحت عنوان: "المولدات الكهربائية حل مؤقت أم سياسة مستدامة. شارك فيها المهندس بلال شعبان وهو ناشط ترأس لائحة صوت الناس في الإنتخابات البلدية الأخيرة عام 2016 في مدينة صيدا، والمهندس محمد السيد وهو مستشار رئيس البلدية وكان يتابع العلاقة ما بين بلدية صيدا و أصحاب المولدات الكهربائية في منطقة صيدا، ومنسق أصحاب المولدات الكهربائية في منطقة صيدا علي بوجي، وذلك عند الساعة السادسة بعد ظهر السبت 27 نيسان 2019 في قاعة اشبيليا في صيدا. ادار النقاش الزميل وفيق الهواري.

علي بوجي ومنسق أصحاب المولدات الكهربائية في منطقة صيدا قال: في البداية، لا بد لي من أن أشكر مجلة “شؤون جنوبية” على الدعوة إلى المشاركة في هذه الحلقة النقاشية من أجل أن تُتيح لي، كواحد من أصحاب المولدات الكهربائية، أن أقدم وجهة نظر تعبِّر عنا، نحن الذين – دائماً – نرى وكأصحاب مولدات – أننا تقريباً مغبونون على صعيد الإعلام والصحافة، في مجال عدم الإفساح لنا، في المجال، من أجل تقديم وجهة نظرنا التي نراها صحيحة، عن خدماتنا للمواطنين، من هنا نحن أصحاب المولدات الكهربائية الناس يعتبروننا بأننا أناس، لا هم لنا – على صعيد عملنا هذا – سوى جني المال. ليس إلاّ، أي أننا لسنا شعبويين، إذ يُنظر إلى الأموال التي نستوفيها من المشتركين، هي أكثر مما تستحقها الخدمات التي نقدمها لهم. هذا أولاً؛ وثانياً إن الدافع الذي أدّى، بنا إلى أن ندخل مجال تأمين الكهرباء للمواطنين، من خلال المولدات الكهربائية، هو العجز الكبير لشركة كهرباء لبنان، عن تقديم خدماتها الضرورية لهم. وهذا يعني أننا نحن “نتيجة” ولسنا سبباً، في ذلك وإني أريد أن أوضّح، أننا نحن “تجمُّع أصحاب المولدات في لبنان”، هو تجمُّع يضم حوالى (4000) شخص تقريباً، من كل التيارات والمذاهب والطوائف والأحزاب، وكل الاتجاهات السياسية في لبنان ومن ليس مُنتمٍ إلى هذه الأطراف، بشكل مباشر، فهو مؤيّد حتماً لأي طرف من هذه الأطراف التي ذكرتها، وبرأيي، هنا، أننا نحن جماعة أصحاب المولدات، نشكل رمزاً من أهم رموز الوحدة الوطنية القليلة في هذا البلد. وهذه مسألة أعتبرها، شخصياً، أنها قيمة مضافة للمجال الذي نشتغل فيه. وبالنسبة لـ”قطاع المولدات” نريد لحديثنا عنه، أن يكون حديثاً للتاريخ فإن قطاع المولدات بدأ نشاطه، بشكل فعلي، في بداية التسعينيات، وقبل ذلك، كان هناك انقطاع للتيار الكهربائي في لبنان، وكان هناك أناس لديهم مولدات كهربائية خاصة، والناس العاديون كانوا يستخدمون للإضاءة: الشموع وقناديل الكاز، ولوكسات الغاز وصولاً إلى استخدام بطاريات السيارات، ومن ثم استخدام الـ(بو بي إس)، وهناك من لجأ إلى مدّ خطّ كهرباء لإضاءة “لمبة” أو أكثر، ثم لجأ من استطاع إلى امتلاك “مولّد” كهرباء وضعه على شرفة منزله، فشكّل ذلك مصدر إزعاج ما تسبّب بأن يدخل في مشاكل كثيرة مع جيرانه، وذلك بسبب من صوت المولّد المزعج، إلى أن وصلت الأمور إلى وجود أصحاب المولدات الكهربائية، الذي شكّل وجودهم الخيار الأفضل للمواطنين، فبعد أن جرّب المواطن كل الوسائل المتاحة له في الإضاءة على الصعيد الشخصي، ووجد أن لكل وسيلة من هذه الوسائل مشكلاتها الخاصة، كان لا بد له من أن يلجأ إلينا، لأنه وجد أننا نشكل الخيار الأفضل له، على صعيد الكهرباء. نعم، لم نكن له الخيار الأرخص لكن الأفضل، على كل حال.

اقرأ أيضاً: ندوة «شؤون جنوبية» عن قطاع المولدات الكهربائية… شعبان: لا للحلول المؤقتة والعشوائية!

ومن هنا بدأ عملنا كأصحاب مولدات كهربائية، كمصلحة من المصالح، أو كمهنة من المهن الخدماتية، وتنامى قطاع المولدات الكهربائية في لبنان، وتطوّر، إلى أن أصبح يؤمِّن، حالياً حوالى 2000 ميغاواط في لبنان، فنحن نستطيع أن نؤمّن الإضاءة في لبنان، على مدى أربعة وعشرين ساعة. فشركة الكهرباء اللبنانية، هي دائماً ما تعجز عن تأمين ذلك، بينما نحن نستطيع. وهذه مسألة حصلت، سابقاً، وتبيَّن الفرق، فيما بيننا، نحن أصحاب المولدات وبين شركة الكهرباء، في وقت من الأوقات، وأقول: هي “تنذكر ما تنعاد” تلك المسألة المتمثلة باعتصامنا لمدة ساعة واحدة عن تأمين الكهرباء عبر المولدات، بحيث ظهرت للدولة اللبنانية قيمتنا الخدماتية ومدى أهميتها، فعرفت الدولة، من نحن ومن نمثّل، على هذا الصعيد. فبدأت الدولة تتعاطى معنا، بشكل أفضل، مما كانت تتعاطى معنا، من قبل ذلك، في هذا المجال. ما يعني أننا نحن “يا جماعة” كنا تلبية لحاجة، ولم نكن مستغلين (بكسر الغاء) لحاجة، يعني المواطن لديه حاجة، وثمة من يستغل هذه الحاجة، وثمة في المقابل من يعمل على تلبية هذه الحاجة، ونحن من عمل على تلبيتها، فنحن لم نضغط على أحد، ولم نُجبر أحداً على الحصول على الكهرباء عن طريق المولدات بل على العكس لم نكن إلا تلبية لحاجة المواطنين على هذا الصعيد. فلقد لبّينا “كهربائياً” حاجة البيوت والمعامل، إلخ… لكن لا نستطيع القول: أنه لولا وجودنا، من أجل أإيصال الكهرباء إلى الناس، لم يستطيعوا أن يتنعموا بالكهرباء، لكننا نقول أنهم كانوا سيجدون صعوبة في تأمينها، فحسب.

شؤون جنوبية171

وبالرغم من أننا كنا تلبية لحاجة ولم نكن استغلاليين لها، فقد وصل الأمر بالناس إلى حدّ أنهم اتهموننا بالجشع وبالسرقة، أي أننا جماعة حرامية ومافيا استغلالية بينما نحن، وبالعكس من ذلك تماماً لسنا هكذا، في أي يوم من الأيام. وهنا يجب أن نقول: “لا إله إلا الله” حتى نكون مؤمنين، فلقد قالوا: إن أصحاب الاشتراكات هم جميعاً “قرطة حرامية”، ذلك لأن قيمة الاشتراك قد وصلت، في وقت معيّن إلى 225 ألف ليرة لبنانية، لكن الإعلان عن هذه القيمة، وبشكل مجرّد، فهذا هو قول: “لا إله” فحسب. لكن عندما نريد قول: “لا إله إلا الله”، يجب أن نذكر أيضاً أن المواطن عندما دفع 225 ألف ل.ل. لقاء الـ”5 أمبير”، كان عدد ساعات قطع التيار الكهربائي 480 ساعة قطع، من أصل 720 ساعة في الشهر، وأن سعر تنكة المازوت كان 30 ألف ليرة، وهنا نوضح هذا الأمر، إذ إننا نحن أخذنا مبلغ الـ225 ألف ليرة لقاء الـ5 أمبير، تبعاً لهذه الأسباب. فنحن، في النهاية، قطاع يشتغل بالكهرباء، وما من أحد يشتغل من أجل أن يخسر. ونحن لا نقول إننا “جئنا لنشتغل ببلاش”، و”ببقلك الواحد أنت بتضوّي بس بتاخذ مصاري، طبعاً بدّي آخذ مصاري”،. وأما بالنسبة للذي قاله الأستاذ شعبان، في مداخلته، إننا نحن قمنا بالتعدي أو قمنا باستخدام خطوط الدولة، والتعدي على الأملاك المدنية، في مجال الكهرباء، نحن نقول إن هذا هو أمر صحيح، “طيّب إذا أردت إيصال كهرباء للمواطن كيف يتم ذلك”؟ “أكيد أريد استخدام المعدات الموجودة، التي هي أساساً ليست ملك مؤسسة الكهرباء ولا ملك البلدية، هي ملك المواطن، لأن كل شي هو ملك المواطن في النهاية، متل كل شيء بالبلد”. وأقول إن هذا المواطن والذي هو بحاجة للكهرباء فأنا – كصاحب مولّد – أمّنتها له عن طريق التوصيل، بحكم أنها موجودة، أصلاً، ولو لم تكن موجودة لما كان في استطاعتي أن أخدمه، وفي هذا المجال هناك مفهوم خاطئ لدى الناس، متمثل بقولهم في أننا نحن –كأصحاب مولدات – استخدمنا أعمدة الكهرباء أو استخدمنا أملاك البلديات؟ كلا إن ذلك ليس صحيحاً على الإطلاق، فلسنا نحن الذين قمنا باستخدامها، بل إن المواطن هو الذي استخدمها، لأن الكهرباء هي له – في الأساس، وهو الذي فعل ذلك، ونحن لم نستخدم شيئاً من هذا القبيل، لأن الأمر الأكيد، أن الكهرباء لا تصل إلى المواطن عبر “اللاّسلكي” مثلاً، فأنا – كصاحب مولّد كهرباء – يتعيّن عليّ ونسبة لذلك، توصيل الكهرباء عبر المولِّد الذي أملكه. وهنا أود أن أشير، إلى خطة الكهرباء الجديدة التي أقرّها مجلس الوزراء منذ أسبوع أو عشرة أيام، فهو يتغنّى (أي مجلس الوزراء) بهذا الأمر، فلقد سمعتُ وزير الكهرباء يقول: “زفيّنا بُشرى”؟!

اقرأ أيضاً: ندوة لـ«شؤون جنوبية» حول المولدات الكهربائية حل مؤقت أم سياسة مستدامة

فوضْع خطة للكهرباء، هي مسألة صارت “بشرى”؟! ومن ضمن خطة الكهرباء هذه، هو الطلب من القطاع الخاص إنشاء معامل مؤقتة، واستعمالها خلال فترة انتقالية، بانتظار حلّ المعامل الدائمة، على البرِّ، والخطة الدائمة “صح”؟، نحن إذاً هكذا، فنحن جماعة قطاع خاصّ، لدينا معامل كهرباء صغيرة تلبّي الحاجة في فترة مؤقّتة، انتقالية، بانتظار إنجاز الحلّ الشامل. فإذا ما قامت الآن، شركة الكهرباء، بتأمين الكهرباء على مدى 24 ساعة متواصلة للمواطن، فنحن عندئذ لم يعد لنا أي دور، فدورنا ينتهي هنا. وأقول: نحن الآن نؤدي دورنا، في تمثيلنا للفترة الانتقالية، التي هي تقع ما بين العجز الموجود (الشركة الكهرباء)، وبين إنشاء المعامل الجديدة، وهذا الأمر حصل في العام 2000، حيث في ذلك العام، أمّنت تغذية الكهرباء لأكثر من عشرين ساعة أو إحدى وعشرين ساعة تغذية، لذلك فإن الكثير من مشتركينا، أوقفوا اشتراكاتهم لدينا، لكن عندما عاد “التقنين” إلى التصاعد، بعد ذلك، قمنا نحن بتسديد العجز الحاصل. ونحن اليوم، وأعود لأؤكد، نعتبر أنفسنا أننا في فترة انتقالية مرحلية، إلى أن يتم إنجاز الخطة الكبيرة، لكن، في نهاية الأمر، فإن ما يعنيني أنا، حقاً، كصاحب “مولّد” كهرباء، هو أننا من نحن فعلاً كأصحاب مولدات كهرباء؟ وهذا يدفعني إلى التأكيد مجدداً وأخيراً على أننا نحن جماعة لبَّينا حاجة مواطن، كان بأمسّ الحاجة لها، في كل الأوقات، أي على مدار الساعة، من أجل الاستعمالين: المنزلي والتجاري، وحتى الثقافي والتربوي، إذ نحن نؤمّن الكهرباء للمدارس أيضاً إلخ… وفي الختام أجدّد شكري لـ”شؤون جنوبية” كما أقدّم شكري للحضور أيضاً.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 171 ربيع 2019)

السابق
عن قصة صحافية مشتراة
التالي
«الصواريخ الدقيقة» كلمة السرّ للحرب المقبلة مع «إسرائيل»