سعد الحريري .. وحيداً في طرابلس!!

ريفي الحريري ميقاتي
الدعم الذي لاقته المرشحة " ديما جمالي" هو دعم منقطع النظير، لم يسبق لأيّ مرشحٍ في تاريخ الإنتخابات اللبنانية، أن حظي به. فمن أجلها توافقت القوى السياسية الطرابلسية المتنافسة والمتنافرة ؛ ومن أجلها حصلت التسويات والمصالحات التي كانت تبدو مستحيلة ؛ ومن أجلها طُويت مؤقتاً، صفحةُ المخالفات والمنازعات على السلطة والمواقع ؛ ومن أجلها زحف آل الحريري الى طرابلس، زرافاتٍ ووِحدانا.

لكن ما الذي يمكن استنتاجه من الجهد الإستثنائي وغير المسبوق الذي بذله الرئيس الحريري لتجميع كل هذه القوى حول دعم “جمالي” ؟!
يمكننا الاستنتاج انه بات على يقين أنّ حضوره بات ضعيفاً جداً في طرابلس؛ وانّ شعبية تيار المستقبل باتت ضعيفة؛ وأنّ ثقته بحلفائه ضعيفة، ربما لأنه يعرف في قرارة نفسه، أنّ قلوبهم معه، وسيوفهم عليهم . وفي ظل كل هذه الأنواع من ” الضعف”  شعر الحريري أنّ عليه أن يخوض المعركة بنفسه ، دون الإتكال حتى على نواب تياره او على المقرّبين منه ، الذين يبدو أن كل واحدٍ منهم، قد خلق حالةً أو حيثية شعبية ضيّقة خاصة به في طرابلس، ولاؤها المباشر لهذا النائب أو ذاك، وليس لسعد الحريري الذي يبدو وحيداً دون قاعدة شعبية يكون قادراً على تحريكها أو التأثير فيها، على الرغم من أنه يشكل المرجعية والغطاء السياسي الذي يعطي الشرعية لكل “الحيثيات” الفرعية.
منذ قليل .. أُغلقت صناديق الإقتراع: إذا خسرت “ديما جمالي” ، فستكون أكبر صفعة، وأعظم إهانة يتلقاها الحريري في كل حياته السياسية، وسوف تنقص من رصيده الوطني، ومن موقعه كرئيس للحكومة، بإعتبار أنه وضع كل ثقله الوطني والحزبي في هذه المعركة . أما إذا فازت مرشحة السلطة التي ستكون ” نائبة إشتراكية” للكل نصيب فيها، فسوف يقوم أقطاب طرابلس جميعهم، في رحلة حجٍ الى “بيت الوسط”  بما يعرف شعبياً باسم ” زيارة ردّ الإِجر” وذلك للمطالبة بالثمن المستحق عن مناصرتهم الحريري في معركته الوجودية: هذا يريد منصباً، وذاك يريد موقعاً، وذلك يريد حصّة. وحينها، بدل ان تتوجه أنظار رئيس الحكومة الى البحث عن مصالح طرابلس ؛ وبدل التركيز على إقرار حقوقها إيفاءً بوعوده للناس المتعبة والمنهكة والمحبطة ، سيجد نفسه منهمكاً – من باب ردّ الجميل – في تلبية طلبات أقطاب شعار “وحدة الصف” .
ومرة جديدة سوف يتأكد أهل المدينة، أنّ “وحدة الصفّ” في منطق العقل التسووي، لا تعني سوى وحدة المصالح الشخصية للمشاركين في إجراء التسويات؛ وانّ طرابلس ليست في النهاية، اكثر من ملعب يتنافس فيه اللاعبون على الربح والفوز ، تارةً بشراسةٍ ووحشيةٍ، وطوراً بروح رياضية، أما الجمهور فتقتصر وظيفته على التطبيل والتزمير والتصفيق لفريقه المنتصر .. وفي وقت استراحته يمارس هواية النقد والندب واللطم !!!

السابق
واشنطن تعيد إحياء “مشروع كاساندرا” لاستهداف “حزب الله” وحلفائه
التالي
فرز صناديق طرابلس: تقدم جمالي بنتيجة فرز 126 قلم اقتراع من أصل 290