العراق: سباق بين الإنهيار السياسي والإنهيار الاقتصادي

"الدولة تتفكك ومؤسساتها تتهاوى" هذا ما يقوله غالبية العراقيين القادمين من بغداد الى بيروت، وذلك بعد خمسة أشهر من تشكيل حكومة عادل عبد المهدي.
تستمر الخلافات السياسية بين الأحزاب والصراع على المناصب في العراق منذ أكثر من ثلاثة اشهر انحسرت فاعلية التداول السياسي وتجمدت مفاوضات استكمال الكابينة الوزارية التي لا تزال منقوصة من أربع حقائب بينها حقيبتا الدفاع والداخلية.

ويرى مراقبون ان ارتهان الوضع العراقي الداخلي لعوامل خارجية أبرزها تداعيات الصراع الأميركي الإيراني  يعيق التفاهمات الكبرى بين الفرقاء في بغداد. وتكاد جميع الملفات الرئيسية في العراق تكون مرتبطة بالصراع الأميركي الإيراني في المنطقة، واصرار طهران على جذب واشنطن الى الساحة العراقية لنسج تفاهمات بذريعة مساعدة البلد الذي انهكته الحروب على النهوض خصوصا بعد حربه ضد داعش.

غير ان الولايات المتحدة لم تستجب حتى الان للضغوطات الايرانية، فبعد تسلط ايران الفاقع على الحياة السياسية في العراق وهيمنة الحشد الشعبي المتزايدة على مفاصل الدولة، لم تعد واشنطن ترى في بغداد شريكا فاعلا قادرا على القيام بدور ايجابي للحفاظ بشكل متوازن على الامن والاستقرار.

مصدر اعلامي مقرب من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أكّد، الأربعاء، “تأجيل حسم وزارتي الداخلية والدفاع في الوقت الحالي بسبب عدم وجود توافق على الأسماء المرشّحة”، مشدّدا على أنّ جميع الأسماء المطروحة لتولي الوزارتين هي “مجرد تكهنات”.

اقرا أيضا: حيدر العبادي والخيارات الصعبة

ويبقى ارتهان الوضع العراقي الداخلي لعوامل خارجية يعيق التقدم في عدة ملفات من بينها ملف استكمال الكابينة الوزارية.

وأكد مصدر حكومي مطلع أن قرب انتهاء مهلة إدارة المناصب العليا، والدرجات الخاصة بالوكالة، التي حددت في البرنامج الحكومي بأن لا تتجاوز منتصف العام الحالي، تؤجج التنافس بين مختلف الأحزاب للظفر بها، موضحا  أن قوى سياسية تمتلك كتلا كبيرة في البرلمان تضغط على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بهذا الشأن.

ولفت المصدر إلى أن بعض الأحزاب تريد أشخاصا تكنوقراط مدعومين من قبلها، مبينا أن هذا المقترح لم يلق القبول من قبل كل القوى الفائزة في الانتخابات، التي عبر بعضها عن خشيته من تحول بعض دوائر الدولة إلى إقطاعيات للأحزاب.

يبقى انه في حال لم يتم ملأ  الوزارات الشاغره بوزرائها قبل منتصف العام الحالي، فان هذا من شأنه ان يؤشر لبداية انهيار العملية السياسية كليا في العراق، بسبب نفاد المهلة الدستورية.

الأكراد يقتنصون المغانم والعبادي يتصدى

بهذه الاثناء يحاول الأكراد الذين بدأوا يلمسون ضعف حكومة عبد المهدي بسبب الإنقسامات اغتنام الفرصة ومطالبة رئيس الوزراء بتسديد فاتورة دعمهم السياسي له، ولكن  بفواتير مالية حقيقية من أموال الخزينة،في حين بادر رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي للدفاع والوقوف بوجه الهدر غير المشروع، وقد عبّر بتصريحات ذكر فيها أن «رواتب موظفي إقليم كردستان زادت بمقدار 50 في المائة عما كان معتمدا في فترة حكومتي، دون زيادة إيرادات النفط المرسلة من قبل حكومة الإقليم».

وتساءل العبادي، عن «مصير الأموال الإضافية والجهات التي تذهب إليها، وعن جدوى الخدمة التي يقدمها السياسيون لبعضهم بهذه الطريقة». وحذر من «حرب محتملة في كركوك في حال عودة الأمور إلى الوراء»، في إشارة إلى عملية إعادة الانتشار للقوات الحكومية في المحافظة التي قادها العبادي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، وأدت إلى تراجع نفوذ الأكراد بدرجة كبيرة بعد هيمنتهم على كركوك منذ عام 2003.

اقرأ أيضاً: المرجعية أسقطت العبادي وسقطت في فخ سليماني

وذكر بيان صادر عن الائتلاف اليوم، ان سياسات الدكتور العبادي وائتلاف النصر لم تكن يوما بالضد من الشعب الكوردي المناضل والمحروم، بل هي بالضد من مافيات الاحزاب، كوردية كانت ام عربية”، حسب تعبير البيان.

واضاف البيان ان “العبادي هو من اطلق الرواتب لمواطني الاقليم العام الماضي”.

لجنة النفط والطاقة تؤكد كلام العبادي

وسألت «الشرق الأوسط» عضو لجنة النفط والطاقة النيابية النائب أمجد العقابي حول حجم صادرات الإقليم من النفط وحصة الحكومة الاتحادية منها، فأجاب: «الثابت أن الإقليم يصدّر يومياً بين 450 إلى 500 ألف برميل من النفط، حصة الحكومة الاتحادية منها 250 ألف برميل فقط ويرفض إعطاءها أكثر من ذلك».

ويعترف العقابي بأن «الكمية التي يسلمها الإقليم إلى بغداد متفق عليها في قانون الموازنة الاتحادية في مقابل حصول الإقليم على نحو 12 في المائة من حصته في الموازنة الاتحادية واستناداً إلى عدد سكانه». لكنه يرى أن «البرلمان الحالي لم يكن يعرف تفاصيل الاتفاق السابق مع الإقليم بشأن الحصة التي يتوجب تسليمها إلى بغداد، وهو اتفاق وموازنة وضعتهما حكومة العبادي السابقة، لكن الفرق بين ما يسلمه الإقليم إلى بغداد وما يصدره كبير جدا وسنقوم بمراجعته لاحقا».

هذا الاعتراف يؤكد ان العراق يتعرّض لنزيف اقتصادي مستمر، الحصة الكردية من النفط هي احدى مصادر النزف، اما ما يحدث من سرقة ونهب في الوزارات والجمارك والمعابر البرية والبحرية وفي القطاع المصرفي الذي بات على شفير الهاوية، فهو يؤشر بقوة الى قرب انهيار اقتصادي وشيك يسابق الاتهيار السياسي.

 

السابق
خسارة 100% لا محالة يا حنان
التالي
وزير إماراتي يرى ضرورة انفتاح العرب على إسرائيل