إسمع يا دولة الرئيس(55): مع تجارب المعارضة الشيعية

الشيخ محمد علي الحاج
عقب الإنتقادات التي أسلفنا استعراضها للثنائي الشيعي؛ ينبغي أن لا نتجاهل تقييم واقع حال (حركة الاعتراض الشيعي)، كي لا يفهم من كلامنا أننا نتبنى ونؤيد بالكامل أداء حركة المعترضين الشيعة.

ولا شك بأن تقييم أداء المعارضة الشيعية يحتاج لمجال أوسع من المجال الذي نحن بصدده، لكن هذا لا يمنع من الاختصار بالقدر الذي نشير لأبرز ما نود إثارته.

أستاذ نبيه؛
يتسامح المجتمع اللبناني في إطلاق صفة المعارضة على كل من يختلف بالرأي مع حزبي الشيعة الحاكمَين، في حين أن هذه المعارضة متنوّعة جداً، ولا يمكن اختزالها وحصرها على غرار ما يمكن فعله مع الثنائي الشيعي، حيث الأحادية، وعدم وجود أدنى تنوع..
لذا ينبغي الإلتفات لهذا الفارق، كي نتمكّن من الشروع بتبيين رأينا، فالمعارضة أقسام عديدة، ولا يجمعها جامع، وهذا مصدر ضعف من ناحية، لكنه مكمن قوة من ناحية أخرى، وما يعنيني من جهة كلامنا هو أن أُقسّم المعارضة لقسمين، الأول من كان له وجهة نظر حرة وصادقة اتجاه الثنائي الشيعي، أو الحزبين الشيعيين. في مرحلة ما قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهذا القسم فيه نخبة منوّعة، وإن لم يكونوا مجموعة ذات رؤية موحّدة، لكن فيهم أصحاب مناقبية وحس وطني مرهف.

اقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس(53): هل إسرائيل أسوأ شيء؟

وأما القسم الثاني فهم الذين شرعوا بإبداء رأي سلبي تجاه الحزب وأمل عقب وفاة الحريري، وهذا الصنف معظم أبنائه هم من التجار والمرتزقة، وليسوا أصحاب مبادئ ومواقف.

الأستاذ الحبيب؛
ينبغي أن نكون موضوعيين، بتوصيف حالة المعارضة، والتي أخفقت اخفاقا ذريعا حينما سمحت لجملة من المرتزقة ليعبروا عن مواقفها، وكان ينبغي أن لا يتسرعوا باستيعاب كل (مُنْخَنِقَةُ وَمَوْقُوذَةُ وْمُتَرَدِّيَةُ وَنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُع)ُ بل كان يجب عليهم أن يعتدّوا بأنفسهم، ولا يسمحوا للمرتزقة ليكون لهم موطئ قدم بينهم..؛ فضلا عن تصَدُّر بعضهم لبعض محافل الشيعة المعترضين، وقد صدق علي حينما قال: “هلك امرؤ لم يعرف قدره”.

اقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (52): في الوفاء لداود داود

دولة الرئيس؛
أكثر ضرر بالغ لحق بالمعارضة الشيعية هو دخول المأجورين على هذا الجو، ما ضرب المصداقية أمام عموم وعوام الناس، وحد من تفاعل الجماهير مع الاعتراض، هذا ولا نغفل مصادر القوة الهائلة للثنائي، لكننا اليوم صرنا نرى بشكل جلي الدور السلبي لبعض الدخلاء..

تحوّل الأمر – لدى البعض – من معارضة سياسية صادقة لوظيفة مأجورة هدفها الكسب المالي والسياسي، بعيدا عن المبادئ السامية.
وهذا الفصيل المسموم، من تجار المواقف المرتزقة، سمم حالة الاعتراض العامة، وصار الكثيرون لا يميّزون بين أصحاب القضية وبين المرتزقة.. وبتقديري أوجب واجبات المعارضة الصادقة راهنا اعتماد قاعدة “المكسب الحقيقي خسارة أصدقاء المصالح” كما يقول ويل سميث.

السابق
دمشق تنجرف بعيداً نحو طهران
التالي
طائرة تنجو من الانقلاب بالجو