لهذه الاسباب ولدت الحكومة: «لبنان كازبلانكا الشرق لا ضاحية طهران!»

احمد عياش

ولادة الحكومة التي صارت على قاب قوسين او ادنى ،كما ظهر في الاتصالات الاخيرة ،ستتأكد نهائيا إذا ما رأينا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في الساعات المقبلة او الايام القليلة القادمة يعلن النبأ من قصر بعبدا.وتأتي هذه الولادة المرتقبة ، بعد مسار حاسم على المستوى الخارجي إمتدت مفاعيله الى الداخل قبل ايام.فهل من معطيات تشرح هذا التبدل الذي نقل لبنان من أزمة تأليف بدأت قبل تسعة اشهر الى إنفراج تشكيل ، وكأن الامر حصل بسحر ساحر؟

في معلومات ل”النهار” من مصادر وزارية في حكومة تصريف الاعمال واكبت عن كثب تطورات التأليف منذ الاسبوع الماضي ،ان المعطيات التي رافقت سفر الرئيس الحريري الى باريس في عطلة نهاية الاسبوع الماضي أشارت الى ان الظروف صارت ناضجة لكي تعلن الحكومة يوم الخميس في 31 كانون الثاني أو الاثنين 4شباط على ابعد تقدير. فهل كانت العاصمة الفرنسية محطة أساسية لكي تذلل فيها العقبات التي إعترضت تأليف الحكومة كل هذا الوقت الطويل؟

إقرأ أيضاً: الحريري التقى جعجع في باريس وبحثا ملف تشكيل الحكومة

قبل الدخول في شرح التأثير الخارجي على جهود التأليف ، أبلغت مصادر ديبلوماسية “النهار” ان الاحتضان الدولي للبنان ، كان الاساس في دفع المعنيين بتشكيل الحكومة نحو إنجاز هذه المهمة ،لدرجة قالت المصادر” ان اللبنانيين لو أحبوا لبنان كما يحبه الاخرون وتحديدا في الغرب لإنتهت أزمتهم من زمن طويل”.وكادت الامور ان تصل الى خواتيمها الايجابية في تشرين الثاني الماضي عندما إنتهى فريق عمل الرئيس الحريري من وضع مسودة البيان الوزاري للحكومة العتيدة لو لم يخرج الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله من “قبعته” ورقة تمثيل “اللقاء التشاوري” من خارج سياق التأليف ما اعاد الجهود الى المربع الاول في ايار الماضي.وفي موازاة هذا التدخل من الحزب ،إتجه فريق العهد الى التصعيد عبّر عنه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الذي وصفه متابعون بإنه “لعب دورا منتفخا تجاوز حجمه الى حد بعيد”. في موازاة هذا التعقيد الذي أنزله نصرالله-باسيل على مسرح التأليف،لفتت المصادر الديبلوماسية الى ان هناك في لبنان وإيران من كان يسير عكس السير لما هو جاريا في المنطقة والتي عرفت في الاشهر القليلة الماضية “مناخا من التفاهمات ” تجلى بقرار الانسحاب الاميركي من سوريا بالتفاهم مع تركيا، بالتزامن مع الرياح التي هبت لعودة العلاقات الديبلوماسية بين النظام السوري وبين عدد من دول الخليج بالتوازي مع قرب التوصل الى حل في اليمن .أما الاميركيون ،فيما خصّ لبنان ، فكانوا يقنعون الخليج بارسال ودائع مالية الى مصرف لبنان المركزي.

لكن هذا المناخ تبدّل فجأة في أكثر من مكان في المنطقة .ومن الاسباب التي لم تخف عن الخبراء هو ان إيران الغارقة في إزماتها التي تضعها في أسفل سلم العالم الثالث إقتصاديا تجد نفسها قبالة خصمها اللدود المملكة العربية السعودية التي أقرت مشروع موازنة بلغت 300 مليار ريال للسنة الحالية مخصصة للاعمار وليس للحرب.وكأن الاحداث مضت من خلال السلوك الايراني في لبنان على طريقة شمشمون “عليّ وعلى أعدائي يا رب”.

في اوساط شيعية بارزة تحدثت “النهار” اليها “عتب” على الرئيس الحريري الذي “مضى الى الوزير باسيل لتدوير الزوايا بدلا من وضع النقاط على الحروف في تشكيلة يطرحها على رئيس الجمهورية ميشال عون”. ورأت هذه الاوساط ان التمهل الذي طرأ على حركة التشكيل “أراح حزب الله الذي نقل موضوع التشكيل من عنده ووضعه عند باسيل.” فهل المديح الذي كاله نصرالله في حديثه التلفزيوني الاخير للرئيس عون ولباسيل هو بمثابة “رد التحية بأحسن منها؟”

كي تكتمل صورة تأليف الحكومة لا بد من رؤية جزئها الخارجي.وفي معطيات المصادر الديبلوماسية ان التناقضات الدولية التي تعصف بالعلاقات بين عواصم القرار في أكثر من ساحة لا تبدو على هذا النحو في لبنان.واوردت مثالا ما قامت به موسكو ولا تزال من جهد لحث الاطراف التي لها صلة بها لاسيما طهران كيّ تمارس جهدا إيجابيا في الطلب من “حزب الله” لكي يسهل مهمة الرئيس الحريري .أضافت المصادر ان باريس نزلت في الايام الاخيرة بقوة الى ساحة الضغوط لكي تولد الحكومة في بيروت موجهة ثقل هذه الضغوط نحو طهران.

إقرأ أيضاً: ترتيب اغراض وتوضيب.. فهل الحكومة قريبة؟

من الحقائق الكبرى التي تحكم المعادلات القوة في الشرق الاوسط ،وفق المصادر الديبلوماسية، ان الانتصار النهائي لن يتحقق لطرف معيّن على طرف آخر.وإذا ما جرى إسقاط هذه الحقيقة على الوقائع اللبنانية لتبيّن ان لا قدرة ل”حزب الله” منفردا ان يحكم لبنان بل عليه ان يتعاون مع الاخرين ،ولو كان الحريري ، كي يرتب احواله في منطقة مضطربة لا توفر الامان لإي طرف .ودعت المصادر الى اعتماد نموذج )كازبلانكا (Casablanca) ،الفيلم الشهير الذي صدر عام 1942 خلال الحرب العالمية الثانية ، في الدار البيضاء بالمغرب .وتتناول احداث الفيلم الذي أخرجه مايكل كورتيز وقام بادوار البطولة فيه همفري بوغارت وأنغريد بيرغمان ، المدينة المغربية التي أصبحت محطة للاجئين الذين يفرون من جحيم الحرب في اوروبا كي ينتقلوا عبرها الى إسبانيا ومنها الى الولايات المتحدة الاميركية.

لا مبالغة في القول ، ان لبنان في احواله الراهنة نافذة خلاص لإيران المحاصرة أمريكيا من كل حدب وصوب.انه “كازبلانكا” الشرق التي لا بد لضاحية طهران ان تطل منها على العالم .ولعلها النافذة الحقيقية التي تهب منها رياح تأليف الحكومة الجديدة؟

السابق
لازاريني: الحدود اللبنانية مع إسرائيل هي من أكثر المواقع استقرارا!
التالي
بالفيديو: كاظم الساهر يغادر المسرح منزعجاً!