فنانون سوريون مستاؤون… من «البرد»

فنانون سوريون
هل يمتلك المشاهير حرية التعبير على صفحاتهم كما يريدون، قد يحدث ذلك في هوليوود مثلاً، فتعترف إحداهن بأنها تعرضت للتحرش من قبل منتج أفلام وتصنع ضجة عالمية بسبب ذلك الاعتراف.

لكن في ظل الأنظمة العربية ما زالت جدران صفحات التواصل الاجتماعي محكومة بعنصر الأمن القابع داخل كل فنان، ولو ان البعض كسر هذا الحاجز وتمرد على السلطات الأمنية بانتقاد رأس الهرم وتسمية الفاسدين بأسمائهم.

في الحالة السورية، تبدو الأمور مرتبطة بشكل أكبر بقلق مسبق من تجاوز الخطوط الحمر على مبدأ “ما متنا بس شفنا مين مات”. فخلال سنوات الثورة غابت أرقام الضحايا والمدن المدمرة عن يوميات المشاهير فعزلوا أنفسهم عن الوضع الملتهب، خاصة أن جزءاً كبيراً منهم يعمل داخل دمشق ومع شركات ممولة ومرخصة من قبل النظام. لكن ذلك لم يمنع البعض من التوازن ومحاولة الوقوف في المنتصف أو على الأقل دون تصدر المشهد السياسي والحديث عن انتصارات ميليشات النظام.

إلا أن العواصف المطرية التي تغزو منطقة الشرق الأوسط وحالة التجمد التي تصيب المواطنين دفعت ببعض المشاهير لفتح صفحاتهم على الفايسبوك بكل “عفوية” ومناشدة رئيس النظام لإنقاذ “الشعب” من الوضع الراهن.

اقرأ أيضاً: بالأرقام الصادمة: كيف استثمر السوريون في دول اللجوء؟!

أولى المبادرات كانت من الفنانة الفلسطينية السورية شكران مرتجى، إذ وصفت الشعب السوري بالتعبان، بعد غياب مقومات الحياة الأساسية من كهرباء وغاز ومازوت للتدفئة. شكران أسهبت في الحديث عن “البطاقة الذكية” التي أطلقها نظام الأسد لتقديم البنزين المدعوم للمواطنين من خلالها. ولم تخلُ عبارات البوست من التذكير بصبر الجيش السوري على البرد خلال السنوات الماضية، وأنه من العيب حصول المواطنين على الدفء والجيش بردان!!

سهام نجمة “الواق واق” بدت وكانها تعرّي الوطن أمام متابعيها وتشرح لهم من باب التنظير نظرية العدو الداخلي وأنّها المواطنة التي لم تترك البلد في أصعب ظروفه، فهل من لم يمت من الحرب مات من البرد؟! هكذا ختمت سهام رسالتها التي تداولتها المواقع الفنية بكثرة كصوت فني من الداخل السوري يرفع سقف الكلام ويخاطب رئيس النظام مباشرة.

ولطالما سعى النظام إلى تجنيب رئيس السلطة من التهم وكأنه يعيش في قصره العاجي، وتصوير ان البطانة المحيطة هي الفاسدة حكومة ووزراء ونواب. وهذا ما أعاد تكراره الفنان أيمن زيدان بعد أيام من منشور شكران، بنشره بوست خاطب فيها الأسد أيضاً واصفاً أن لا قيمة للنصر طالما الأوضاع المعيشية بائسة لهذا الحد. زيدان طالب رئيس النظام بإعادة دمشق كما كانت في الحكايا على حد وصفه. مندداً بدور الحكومة الذي يراه متغاضياً عن الإحساس بالشعب وحضّها على إيجاد الحلول بدل التبرير.

اقرأ أيضاً: أيمن زيدان: أعيدوا لنا دمشق كما نعرفها…

وتابع الفنانون النشر، فتصدر المشهد الفنان بشار اسماعيل المعروف بولائه المطلق ومنشوره الطائفي الشهير أثناء اقتراب فصائل المعارضة من منطقة الحفة في اللاذقية. اسماعيل وصف البرد بالضيف الثقيل الذي دق عليه الباب في الليل، وشكى معاناته عبر حوارية مفترضة نقلها اسماعيل للأسد عبر صفحات الفايسبوك.

آخر من انضم لقائمة المنتقدين كانت الفنانة إمارات رزق والتي علقت على صورة الطفلة المتوفية في حلب من جراء البرد، وعبرت عن تذمرها من الواقع الاقتصادي في سوريا متذرعة بذات الحجة التي استخدمتها شكران، بأن العقاب شديد على من فضل البقاء في سوريا رغم الحرب ولم يغادرها.

هل فعلاً يمتلك الفنانون السوريون الجرأة للتعبير والعشرات من زملائهم بين معقتل ومهجّر في الخارج؟ وهل تخدر إحساسهم أمام قوافل الموت فجاءت العاصفة القطبية لتحرك قلوبهم من جديد؟ فبين تدخل في السياسة من باب الظروف الاقتصادية، والانعزال عنها أمام القتل والتدمير، يتم إيقاع الفنان السوري في دائرة الاتهام مجدداً كي لا يكون رأيه مؤثراً وفاعلا في الرأي العام السوري!!

 

السابق
بيان كبير آل خازم حول بيانات علماء الدين في بلاد جزين
التالي
ضجة حول دورة تدريب «توقعات فلكية» في سوريا!