وجهة نظر العلاّمة الأمين في «المرجعية الشيعية»

السيد محمد حسن الامين
  • تاريخياً يعتمد الشّيعة على نظام المرجعيّة الدينيّة التقليديّة، لكن منذ أقل من نصف قرن لجأ شيعة لبنان لتأسيس (المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى) كما استحدث الإيرانيّون نظام ولاية الفقيه، ما هي وجهة نظركم في هذا المقام؟
    من حيث المبدأ فإنّ وجهة نظري تتجه نحو الإيمان بقيام المؤسسة سواء كانت هذه المؤسسة دينيّة أو طائفيّة أو اجتماعيّة أو ثقافيّة بما يعني أني أميل ميلاً واضحاً إلى أنّ عصرنا وربما ما قبل عصرنا، وتجربة الشعوب المتقدّمة، كلها كانت في البداية تعتمد على الفرد وكان هذا الاعتماد يؤدي بعض المنافع ولكنه كثير المضار وطالما كانت هذه الفردية سبباً في الخفوت والتراجع وانهيار المشروعات التي يتبناها الأفراد.

اقرأ أيضاً: العلامة الأمين: ضرورة توفر رجال الدين على الفلسفة

وحتى لا نطيل فأنا لا أرى أنّ المرجعيّة بوصفها أنها مؤسسة بشريّة تختلف في هذا المعيار عن غيرها، بل ربما كانت المرجعيّة الدينيّة لدى الطائفة الشيعيّة هي أحوج ما تكون أن تتحول إلى مؤسسة وهذا لا يعني إلغاء أو تهميش دور الأفراد المميّزين، فما الضّير أن يكون لدى الطائفة عدة مراجع، ولكنهم يخضعون لنظام ومؤسسة واحدة سواء في الشأن الفقهي أو الشأن المالي أو شأن القيادة الدينيّة بصورة عامّة.
إنّ تفرّد كل مرجع بمؤسسته الخاصّة الفرديّة لا يمكن أن يؤدي إلى التراكم الطبيعي الذي هو في جوهره عنصر التقدّم والتحوّلات الطبيعيّة وقدرة هذه التحوّلات على إبداع مناهج جديدة لدور المسألة الدينيّة في الاجتماع الإنساني بصورة عامّة ولاجتماعنا الشيعي بصورة خاصّة.
إنّ اختلاف الآراء والرؤى الفقهيّة لا يبرّر على الإطلاق الانفراد عن سائر الإمكانات الأخرى المتوفرة لدى فقهاء متعدّدين، علماً أنّنا نعرف أنّ الاختلاف في المسائل الفقهية أو الاجتهاد الحرّ في استنباط الأحكام الشرعيّة لا يختلف بين المجتهدين اختلافاً نوعياً، وإنما هي تفاصيل صغيرة لا تستدعي أبداً تبرير الانفراد في المرجعيّة وإمكانية تحويلها إلى ما يشبه الأحزاب المرتبطة بأشخاص وبرموز معيّنة، الأمر الذي قد يستولد بدل التعاون والتفاعل، قد يستولد الصراعات التي من شأنها أن تعزّز عناصر التراجع في بنية الطائفة، وفي تطلّعاتها نحو الإصلاح والتفاعل الإيجابي بين أفرادها ومؤسساتها.

اقرأ أيضاً: السيد الأمين: تعاطي رجال الدين في السياسة

علماً أنّ فقدان المؤسسة العامّة القويّة للمرجعيّة تشكّل عاملاً مشجّعاً لادّعاء منصب المرجعيّة، ممّن يستحقّ ولا يستحقّ هذا المنصب، فالمؤسسة هي التي تنتج المعايير الصائبة وتعزز هيبة المؤسسة المرجعيّة وتفعّل قراراتها في كلّ الشؤون التي تختصّ بها المرجعيّة.

السابق
تفاصيل العملية الأمنية التي كشف عنها المشنوق
التالي
«نقد الفكر اليومي» (الطبعة الخامسة) لـ مهدي عامل