إبراهيم يونس: الواقع الزراعي في الجنوب مأساوي جداً

يبدو أن نظرة تشاؤمية تسود عقول من يتابع الوضع الزراعي في الجنوب، وهناك من لا يرى أي أمل في مستقبل الزراعة في الجنوب وإن أوضاع المزارعين تسير نحو الانهيار بشكل متسارع. فما هو رأي المهندس الزراعي إبراهيم يونس بهذا الخصوص؟

يقول يونس: إن الواقع الزراعي في الجنوب مأساوي جداً، إنه قطاع مأزوم، شأنه شأن بقية القطاعات الإنتاجية الأخرى، لكن القطاع الزراعي هو الأكثر تضرراً، إنه بحاجة إلى حماية تسويقية، بحاجة إلى تشريعات قانونية والتزام برزنامة زراعية، إنه بحاجة دعم الدولة أسوة بالدول الأخرى.

لكن للأسف كل هذه الأشياء المطلوبة غير متوفرة، لا حماية ولا دعم للزراعة، الإنتاج الزراعي في البلدان المحيطة أرخص بكثير والحدود مفتوحة أمامه، كلفة الإنتاج عندنا مرتفعة. والقطاعات الزراعية بالبلدان المحيطة مدعومة عند التصدير وكلفة الري واستثمار الأراضي أرخص بكثير.

اقرأ أيضاً: سعيد عيسى: لا ملامح جدية للتغيير ولا قوى مؤهلة لذلك!

شركات تسليف

وماذا عن المزارعين؟ يوضح يونس: في ظل غياب التشريعات اللازمة لإنشاء مصرف زراعي لدعم المزارع، تحولت الشركات الزراعية إلى بنك تسليف للمزارعين وتقدم لهم التسهيلات اللازمة لزراعاتهم وهي مؤسسات تبغي الربح طبعاً، لكنها تتحمل المزارع وإمكانية عدم تسديده لحسابه، وفي حال عدم التسديد يعود ليستلف من شركة أخرى. وهكذا دواليك وإذا استمر الوضع على هذا المنوال فلا ضمانة لاستمرار عمل هذه الشركات أيضاً، وبالتالي إغلاق باب العمل في وجه المئات من العاملين في تلك الشركات. وبالتالي إننا نعاني من غياب التخطيط، وغياب السياسات الزراعية الجديدة، وهذا ما يدفع بنا نحو الخراب.

وحول أنواع الزراعات في الجنوب، يقول يونس: لا أعتقد أن هناك تناقصاً كبيراً في المساحات المزروعة. ولكن هناك تبدل زراعي. كانت أراضي الساحل تزرع حمضيات ثم تم استبدالها بالموز والآن يتجه المزارعون نحو الأفوكادو والزراعات الاستوائية، وأيضاً نحو زراعة الكرمة المعدة للمائدة وللتصنيع. ولكن حتى هذه

الزراعات البديلة في ظل غياب التخطيط والحماية ومعرفة احتياجات السوق كل ذلك سيجعل المزارع في حال تبديل دائم من زراعة إلى أخرى.

شؤون جنوبية 169

ويعلق يونس على موضوع الأفوكادو قائلاً: الآن أسعار الأفوكادو إلى هبوط وأيضاً إن ثمرة الأفوكادو هي ثمرة غير شعبية، وعند زراعتها كان الإنتاج الأساس يصدّر إلى الأردن والآن وبعد إغلاق الطرق صار السوق الداخلي هو الأساس، فهل يستطيع السوق الداخلي استيعاب كل الإنتاج؟ الوضع صعب للغاية ولا أحد يملك حلولاً إلا إذا بادرت الدولة ووضعت سياسة وخطة للقطاع الزراعي بأكمله.

وحول الأدوية والمبيدات الزراعية يشرح يونس: صار لبنان سوقاً للمبيدات الزراعية المهربة. سابقاً كنا نرسل أدوية إلى سوريا، الآن البلد مليء بالمبيدات السورية وأسعارها رخيصة جداً ويحصل ذلك من دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الاقتصاد اللبناني.

مبيدات مدمِّرة بيولوجياً

ويضيف: وعلى الرغم من التدقيق الجدي الذي يحصل في مرفأ بيروت عند إدخال الأدوية والمبيدات الزراعية، إلا ان الحدود البرية مفتوحة لأصناف مختلفة من المبيدات الزراعية حتى تلك الممنوعة في لبنان، وأعطي مثلاً هناك دواء يرش على الكرمة لإبعاد العصافير عنها. منعته الدولة لأثره البيئي السلبي. الآن يهرب من تركية إلى لبنان عبر سورية ويبدو أن هناك غض نظر عن ذلك.

ويشير يونس إلى الاستخدام العشوائي للمبيدات الزراعية من قبل المزارعين ويعود ذلك لغياب الرقابة أو الإرشاد من قبل وزارة الزراعة، وينتج عن ذلك ما يلي: أولاً: تعرض صحة البشر للخطر بسبب الترسبات الكيميائية الناتجة عن سوء استخدام المبيدات.

اقرأ أيضاً: أكرم قيس: الناس لا تعرف حقوقها

ثانياً، نشوء خطر على البيئة والتوازن البيئي بسبب الإفراط في استخدام المبيدات ما يؤدي إلى تدمير التنوع البيولوجي في البيئة وتصير هذه المبيدات غير فعالة وتودي إلى ظهور سلالات جديدة من الحشرات.

لذلك أرى ضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورية للمحافظة على القطاع الزراعي وحماية صحة المواطنين من الاستخدام المفرط للمبيدات.

ويشير يونس إلى أن عدد المعتاشين من القطاع الزراعي كبير جداً حتى المستفيدين المباشرين وغير المباشرين.

ويختم يونس بالإشارة إلى وجود مبيدات زراعية بأسماء مختلفة بطريقة غير قانونية في الأسواق اللبنانية.

(هذه المادة نشرت في “مجلة شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
اغتيال الناشطَين رائد الفارس وحمود جنيد في إدلب
التالي
دعوات إسرائيلية لضرب لبنان، وحزب الله يستعد.. فمن يطلق الرصاصة الأولى؟