البطاقة الصحية: سياسة استشفائية حديثة أو شيك بلا رصيد؟!

البطاقة الصحية
يؤكد خبراء اقتصاديون لـ"جنوبية": "سيحمل المواطن اللبناني بطاقة تحمل سجله الصحي، ولكن هل ستكون أشبه ببطاقة حساب مصرفية بدون رصيد؟"

“البطاقة الصحية” لأربعة ملايين لبناني، أطلقها وزير الصحة ووضعها على طريق التنفيذ بعد أن مرّت باللجان النيابية، ليتم إقرارها أمس في لجنة المال والموازنة.

وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني قد صرّح أمس، أن إقرار اقتراح قانون البطاقة الصحية أو الرعاية الصحية الشاملة سيكمل طريقه التشريعي وفق التصميم والتصور الذي وضعناه”.

عراقيل شتى وقفت حائلا أمام هذا المشروع وإنجازه، وكثرة اللغط حول قدرة الدولة على تأمين تكلفة البطاقة أو الآلية المعتمدة لتأمينها، أثارت جدلاً خلف الأبواب المغلقة، ولا حرج في الحديث عن ذلك، حيث لا تتعدى موازنة وزارة الصحة العامة نسبة 3% من موازنة الحكومة.

وعلى الرغم من أن صحة المواطن لا تحتمل الدخول في المزايدات السياسية، فقد انشغل الرأي العام اللبناني منذ يومين بسجال بدأه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل بعد أن اعتبر خلال افتتاح مؤتمر الطاقة اللبنانية للصحة، أن”القطاع الصحي في لبنان مريض”، وكشف أن “هناك تفاوتا كبيرا بين مستشفى ومستشفى، ومنطقة ومنطقة، في الانفاق الصحي” داعيا إلى “تصحيح الخلل”، على حد تعبيره.

كلام باسيل استدعى رد الوزير حاصباني، وقال في رسالة عبر التويتر :”إلى وزير الخارجية والطاقة المعتلة “، بعد ١٠ سنوات في الوزارة التي حولتموها إلى اللاطاقة واللامياه، النتيجة: مياه ملوثة، صرف صحي في الأنهار والآبار والبحور، انبعاثات سامة من معامل الكهرباء، والسرطان يتكاثر جراء كل ذلك”، بعد ردّه هذا تابع حاصباني، “أطلقنا العمل على البطاقة الصحية منذ أكثر من سنة، وأُقر اقتراح القانون في لجان عدة في مجلس النواب بحضورنا ولم تنتبهوا لها إلا الآن؟!”.

مصدر اقتصادي مطلع أكد لـ”جنوبية” أن البطاقة الصحية التي اقترحها الوزير حاصباني ستمر كغيرها من المشاريع دون نهاية سعيدة، فالإشكالية ليست في إقرار المشاريع والقوانين بل في تمويلها بالدرجة الأولى، فمشروع الإسكان أقرته الدولة في الستينيات ولم يتم تنفيذه إلا بعد أن موّله مصرف لبنان”، مضيفا “من الصعب تمويل البطاقة في ظل سياسة اقتصادية متردية ونظام سياسي عاجز عن إيجاد ثبات وتوازن مالي في موازنته العامة”.

وتابع المصدر أنه “من شبه المستحيل تمويل هذه البطاقة الا من خلال ما يعرف بالصناديق الاستثمارية، وهذه الأخيرة تحتاج إلى تخطيط ودراسة والتزام وشفافية”، موضحا أن “البطاقة الصحية ليست إلا وسيلة، وأهميتها تكمن في تغطية تكاليفها، والسؤال هل ستتمكن الخزينة العاجزة من ذلك؟”.

اقرأ أيضاً: السرطان يجتاح لبنان وأدويته مهددة بالنفاد من وزارة الصحة

وختم المصدر قائلا “سيحمل المواطن اللبناني بطاقة تحمل سجله الصحي، ولكنها ستكون أشبه ببطاقة حساب مصرفية بدون رصيد!”

وفي النهاية فإن وزارة الصحة حرصت على تبني سياسيات استشفائية عصرية، بفضل توجه الوزير حاصباني الذي حاول رسم معالم سياسة صحية سليمة وحديثة وتصب في مصلحة تأمين التغطية الصحية لعموم اللبنانيين،ولكن التجاذبات بين التيارات السياسية حالت دون وصول الأمور إلى خواتيمها السعيدة في هذا المجال،وعليه فإن مشروع البطاقة الصحية حتى هذه اللحظة يبقى مشروعا مؤجلا، مع أنه يتسم بطابع ملح وضروري، كونه يسمح بمنح المواطن اللبناني جزءا من حقوقه الأساسية.

السابق
بعدما انتقد صوتها.. أصالة ترد على زياد الرحباني!
التالي
التطبيع الخليجي غير المفهوم مع إسرائيل