«إنتاجية» الحكومة الجديدة على المحك

الحكومة اللبنانية على وشك "الولادة"..

مع تأكيد المسؤول الأول عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، الرئيس المكلف سعد الحريري، إثر لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، أن “الحكومة خلال الأيام المقبلة” وأن “لا خاسر أو رابح فيها، فالكل ضحى، وهناك من ضحى أكثر من الآخرين”، مشيراً إلى “بقاء عقبة واحدة ستُحلّ فور عودتي من الأردن”، اتجهت الأفكار مباشرة إلى ما يمكن أن يكون قد استُجدّ في ما يسمى “عقدة القوات”، تتناطح الافكار في تحليل ما ينقله الأثير من تصريحات أصحاب الشأن “القواتيين”، كقول مسؤول التفاوض الأول مع رئيس الحكومة وزير الاعلام ملحم الرياشي في عشاء حزبي في المعاملتين، عقب لقائه الحريري مساء الجمعة لبحث حصة “القوات”، إن الحكومة “على وشك ان تتشكل”. وفي حين لم يؤكد كلامُه أو ينفي مشاركة حزبه في الحكومة، بقوله: “إذا ساعد شكل الحكومة القوات ليرغب في المشاركة، سنقدم لكم وزراء يحمون الإنجازات ويمثلون القوات وكل اللبنانيين خير تمثيل، فالقوات لا تغويه مناصب ولا حقائب، وهو أينما وكيفما يكون، في مشاركته أو معارضته، يشْبِه نفسه، وموجود لتحقيق ثلاثة أهداف: سيادة الدولة وسيادة القانون ومكافحة الفساد”، طرح في الوقت ذاته لمستمعيه استراتيجية “القوات” في الوزارات التي سيشغلها قائلاً: “القوات لن يحاكم الفاشل بل سنضعه في مكان ينجح فيه ولن نرميه وعائلته على الطرقات، لان الموظف الفقير أمانة في رقبتنا، وإذا آذاه مديرٌ كيداً فلن نتساهل معه، كما فعلتُ في تلفزيون لبنان حين مسَّ مديرٌ موظفاً فقيراً، كما سيحاسَب الفاسد، والناجحُ عندنا تجب مكافأته بغض النظر عن انتمائه، وليس صاحب الواسطة”.

إقرأ أيضاً: هل ضغط نصرالله على باسيل لتشكيل الحكومة؟

فهل تكون “العقبة الوحيدة” التي أتى الحريري على ذكرها هي (كما تروج مصادر إعلامية) عرضه على الرئيس بري و”القوات” تبادل وزارتي الزراعة والعمل؟
وهل كان الحريري، بإشارته إلى “تضحية” الكل، يُلمح إلى أن مسألة تمثيل النواب السنة المستقلين التي يطالب بها “حزب الله”، وهي العقدة الأخيرة التي من الممكن أن تمنع انطلاق الحكومة، قد تُحل بتبني الرئيس ميشال عون تبني توزير أحدهم؟
وهل سيكون كافياً كي تكون الحكومة منتجةً “انطلاقُها” بنفوس مشحونة بين أطرافها، وخصوصاً بين الطرفين المسيحيين الرئيسيين، اللذين انعكس التوتر المتمادي بينهما اشتباكاً بالأيدي بين طلابهما في الجامعة اليسوعية خلال الانتخابات الطالبية، أم سينتقل الكيدُ السياسي بينهما إلى داخل أروقة مجلس الوزراء، بعد أن أثبتت تجارب الأشهر الخمسة المنصرمة أن خلافاتهما ليست إجرائيّة وشكليّة حول حصة من هنا أو حقيبة وزاريّة من هناك فحسب، بل أعمق بكثير، ما سيعطل أي محاولات لاستنهاض حقيقي للأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، ويضطر رئيسَ الحكومة إلى لعب دور “الأطفائي” بدل الالتفات إلى معالجة مشكلات البلاد وضمان انتظام عمل مجلس الوزراء وإنتاجيّته ومنع التعطيل والشلل في العمل الحكومي المتوقعَين بقوة في ظل المزاج السائد، كما للاستفادة من “سيدر” تفادياً للانهيار الكبير الذي كثُر الحديث عنه، ومحاولة التعايش مع وجود حزب داخل الحكومة متورطٍ حتى أذنيه في الحرب السورية (شيَّع السبت خمسةً من مقاتليه قضوا في مكمن بالبادية السورية منذ 10 أشهر واستعاد جثامينهم الأسبوع الماضي) وموضوعٍ على لائحة الإرهاب في الدول الكبرى وتطاوله عقوبات دولية وأميركية، وكذلك محاولة اتقاء سيف قانون العقوبات الأميركية الجديد الذي دخل حيز التنفيذ بإقرار الكونغرس وتوقيع الرئيس الأميركي، الموجه ليس فقط على “حزب الله” المضطلع بوزارة أساسية في الحكومة، بل كذلك إلى الأفراد والوكالات الحكومية والأجنبية والمؤسسات (المصرفية منها على وجه الخصوص) التي تساعده، في انتظار أن تحدد كلَّ هؤلاء القراراتُ التنفيذية للقانون في الأيام او الأسابيع المقبلة.
أسئلة مقلقة سوف تتكفل الأيام القليلة المقبلة بالإجابة عنها، وإن غداً لناظره قريب.

 

إقرأ أيضاً: الحكومة المحكومة بالفشل

السابق
انتهت «المارونية السياسية» … وانتهى لبنان
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين في 29 تشرين الأول 2018