السيد محمد حسن الأمين: الإصلاح الديني والسياسي واجب في مجتمعاتنا

ما زال جدل الاصلاح الديني سائدا بقوة في أوساط المجتمعات الاسلامية، غير ان المصلحين من العلماء ورجال الدين يتعرضون لحملات اعلامية منظمة من جمهور العامة الذين تحوّلوا الى حراس دين وتقاليد يتولون مهاجمة وقمع كل خارج عن سلطة الجماعة.

سماحة العلامة المفكر السيد محمد حسن الأمين يوافق على ما تقدّم ويضرب مثلا بقوله “إنني حين استمعت إلى الموضوع المثار الذي تطرّق إليه أحد أخواننا العلماء، عجبت للردود الجائزة التي تناولته وهو يقدم خطاباً إصلاحياً يقوم على وعي حكيم لقضية كربلاء، ويحوّل بطولة الحسين عليه السلام إلى نهج،  ونعرف جميعاً أن ما كان يهدف إليه الحسين هو الإصلاح في أمة جدّه بعد أن شُوّهت كثير من المفاهيم وتولّى أمور المسلمين حكام طغاة لا يعنيهم الإسلام في شيء، بحيث عادت كثير من مظاهر الحياة الجاهلية التي جاء الإسلام ليطويها، ولعل أهم ما في هذا الكلام، هو الدعوة إلى ترك الغلوّ والخرافات ووضع الفكر الإسلامي بصورة عامة موضع التأمّل الموضوعي، فما زال مع الأسف بين الجمهور من يطرب للروايات الباطلة وللكلام المغالي تجاه الأئمة وتجاه السيدة الزهراء عليها السلام، وما أريد أن أوضحه هنا أن المآثر السامية لأهل البيت ليست نوعاً من المعاجز بقدر ما هي تعبير رفيع عن مستوى كل شخصية منهم، بمن فيهم الإمام الحسين عليه السلام، ويجب أن ندرك أن الإمام الحسين أسس لحركة إصلاحية خالدة على مر الزمن، لذلك من حق الواعظ أو الخطيب أن يقوم بمواجهة الفساد الذي يشهده عصرنا، ومن حقه بل من واجبه أن يقول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر، وما أكثر الجور في مجتمعنا”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الشيوعية سقطت بسبب عدائها للحرية والغائها للفرد

ويلحظ السيد الأمين الفرق بين الطرح السامي والممارسات المتناقضة فيقول “إنها لمن المفارقة العجيبة أن كثيراً من الناس يحيون ذكرى عاشوراء ولكنهم في الوقت نفسه يدافعون عن زعمائهم حتى لو كانوا في ضلال مبين”.

وفيما يتعلق بموضوع الاصلاح يقول السيد الأمين “إن تناوله لا يجب ان يقتصر على الدين، بل لا بد من نشر الوعي الفكري والعلمي بين أفراد المجتمع، مع العلم ان موضوع الدين هو الأكثر أهمية وحساسية وخطورة لأنه أكثر تأثيرا ويتصل بالعقيدة الأساسية للمجتمع لا سيما المجتمعات الشرقية التي نحن منها، وعليه فإن الإصلاح الديني هو جزء أساسي لا يتجزّأ مع الإصلاح السياسي والاجتماعي، فالدين هو صمام الأمان للسلوك الاجتماعي وهو الذي يبني الفرد والمجتمع بناء حياً وصالحاً وممهداً لتحسين شروط الحياة في هذه الدنيا”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الديموقراطية تقتضي انبثاق وعي اسلامي جديد

وبالنهاية يخلص السيد الأمين الى الاعتراف “بأن الدول المتقدمة هي الدول التي تحترم القوانين العامة والخاصة، ويتحتم عليها احترام القوانين بمستوى رفيع من الأخلاق وأنماط السلوك ولكن ما نختلف عليه هو أننا نعتبر الدين مصدر القيم والتعاليم والأخلاق، ولذلك نجد أحياناً في المجتمع الغربي قيماً أخلاقية تتنافى مع الدين، وهذا ناجم عن فلسفة تفصل فصلاً كلياً بين الدين والقانون، ومن هنا، فإننا إذا لاحظنا مجتمعاً غربياً يتمتع الأفراد فيه بصفة الأخلاق والأمانة، فإننا نرى أن هذه الظاهرة ناتجة لا عن إيمان وجداني أو ديني بقدر ما هي ناتجة عن الحفاظ على النظام، لذلك نحن نريد أن ينطلق هذا الحفاظ على النظام من مصدرين أولهما الدين وثانيهما القانون، وبكل أسف فإن مجتمعنا ما زال مقصراً كثيراً في الحفاظ على هذه الثنائية، ولا يزال يعيش مشاكل التخلف وبؤس الاحتكار الذي يسود طبقات كثيرة في مجتمعنا وخصوصاً ما يسمى بالطبقة السياسية، التي ادخلت الفساد الى قيمنا الدينية، الإسلامية منها والمسيحية.

السابق
تكسير الشخصية الفلسطينية أو حفظها
التالي
عن العاصفة والعراء السياسي