الولادة الوشيكة للحكومة: انتعاش اقتصادي ومخاوف سياسية

البروفيسور جاسم عجاقة:الإفراج عن الحكومة سيؤدي الى انعكسات إيجابية فورية على الاقتصاد، ومؤتمر سيدر فرصة يجب اقتناصها. المحلل السياسي نوفل ضو:حزب الله أفرج عن الحكومة لانه يريد الاستفادة من مناخات قضية جمال خاشقجي، والتوافق الفعلي الوحيد هو على المحاصصة.

سجلت تطورات إيجابية على خط التشكيل الحكومي في ضوء انطلاقة متجددة لمشاورات ‏التأليف التي شهدها “بيت الوسط” مساء أول من أمس، واستكملت في القصر الجمهوري في بعبدا بين المعنيين بالتأليف من جهة، وأطراف العقد الحكومية من جهة ثانية.
أشاعت هذه الأجواء جوا من ‏التفاؤل حول ولادة حكومية وشيكة مع تذليل العقبات التي تعرقل ولادتها، وتحديداً “العقدة الدرزية“.
ومع توالي سقوط العقدالدرزية والقواتية والسنّية، فإن ما يجري حاليا هو تفاوض حول مسألة ‏توزيع بعض الحقائب.
من جهة أخرى وعلى الرغم من أن هذه الأجواء الإيجابية و لم تترجم بعد عمليا، في انتظار إعداد الرئيس المكلّف سعد الحريري لمسودة حكومية على ضوء ما تفرزه مشاورات الربع ساعة الأخيرة، إلا أن هذا الإنتعاش الحكومي كان كافيا بتحقيق تحسن ملحوظ في الأسواق الاقتصادية والمالية.

اقرأ أيضاً: الإفراج قريبا عن الحكومة.. والعقدة الدرزية إلى الحلّ

سجلت بورصة بيروت للأسبوع الثاني على التوالي تحسنا ملحوظاَ مع حصة كبيرة من سوليدير عن الفئة (ب)، الذي ارتفع من 6.12 دولار (سعر الإغلاق يوم الإثنين) إلى 7.01 دولار (سعر الإقفال الأخير) يوم الثلاثاء ، مع ارتفاع بنسبة 14.54٪ وحجم 6،566 سهم. وكذلك ارتفعت الأسهم عن الفئة (أ) من 6.22 دولار (سعر الإغلاق يوم الإثنين) إلى 6.94 دولار يوم الإغلاق يوم الثلاثاء مع ارتفاع 11.57٪ حيث بلغ حجم الأسهم 25.284 سهم.
وقد شهدت الأسواق المالية اللبنانية يوم أمس عودةً للطلب في سوق سندات اليوروبوندز الذي انعكس تحسناً في الأسعار وتقلصاً في ‏الهوامش، كما اتجهت الأسعار في سوق الأسهم الى الارتفاع على الرغم من استمرار الانخفاض في أحجام التداول، أما سوق القطع فسجلت ‏استقراراً في سعر تداول الدولار في وقت حافظت فيه الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان على مستوى مرتفع‎.‎
وفي هذا السياق يبدو السؤال عن تأثير الانفراج الحكومي على الاقتصاد وحركة الأسواق؟ و كيف يمكن قراءة الأفق السياسي لأداء الحكومة المتوقع في ظل طبيعتها التوافقية؟ وكيف سوف ينعكس ذلك على مجمل الملفات.

الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة قال لـ “جنوبية” إنه “بمجرد أن تتألف الحكومة فإن ذلك سوف يؤدي حتما إلى انعكاسات إيجابية، وأول مكان ستترجم فيه الإيجابيات هو الأسواق الماليةلأن التمويل الأساسي للاقتصادات المفتوحة هو من خلال هذه الأسواق”.

الخبير والمحلل الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة

ورأى عجاقة أن تأليف الحكومة بات ممكناإثر الإيعازات الخارجية التي ألزمت الأطراف بالتنازل، لكن وفي حال التأليف لا يزال ثمة عقبتين أساسيتين تتعلق الأولى بالبيان الوزاري، و ترتبط الثانية بمدى جدية نوايا مختلف الأفرقاء في تسهيل عمل الحكومة أو تعطيلها”.
يشير البروفيسور عجاقة إلى أن “القرار الاقتصادي مرهون بالقرار السياسي خصوصا أن هذا القرار ووفقا لما ينص عليه الدستور هو بيد مجلس الوزارء”، لذا فإن “المتضرر الأول من الخلاف السياسي هو القرار الاقتصادي”.
وينبه عجاقة إلى ارتباط تشكيل الحكومة بالإفراج عن مشاريع “سيدر1″ التي ستؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي وثقة القطاع الخاص، ما يرجح أن يترجم بزيادة حجم استثماراته”.
يوضح فكرته مشيراً إلى أنه “يجب الاستفادة من هذه المشاريع لتحسين الوضع الاقتصادي عبر تحقيق استثمارت في الماكينة الإقتصادية”.
يلفت إلى أهمية استغلال الفرص التي يتيحها مؤتمر “سيدر في” تحقيق استثمارات جديدة تؤدّي بدورها إلى زيادة ثقة القطاع الخاص الذي سوف يتشجع بدوره للاستثمار ما يشكل نقلة نوعية،يمكن أن تترجم مباشرة من خلال إحراز نمو اقتصادي إضافي في 2019، أما حجم النمو فإنه يبقى رهينة الاستثمارات لكن بشكل عام فإن كل مليار دولار يستثمر يشكل زيادة في حجم النمو بنسبة 1%”.
وتحدث عجاقة عن عقبة أخرى ترتبط بالإصلاحات التي تعهدت بها الحكومة أمام المجتمع الدولي من قبيل التعهد بخفض العجز في موازنة الدولة بنسبة 1% سنويا، والتي تتأتى من الزيادات الضريبية المفروضة على النشاط الاقتصادي.
وختم عجاقة بالتأكيد على ربط الانفراج السياسي بالانتعاش الاقتصاديحيث يعتبر أن “أي إنفراج سياسي سيؤدي حتما إلى نوع من الارتياح في الأسواق المالية والاقتصادية لناحيةانخفاض الضغوطات على الليرة اللبنانية وسندات الخزينة والأوراق المالية التي تصدرها الدولة وحتى على أسهم سوليدير”.
يدعم الخبيرالاقتصادي وجهة نظره بالإشارة إلى “انخفاض سعر تداول الدولار ضمن الهامش المحدد لتحركه، ففي 14 ت1 تاريخ بداية الانفراج اغلق الدولار على سعر1514.25 ليرة ، واليوم في 17 ت1 أغلق على 1510 ما يشير تلقائيا إلى ترجمة هذا التفاؤل”.
الصحافي والمحلل السياسي نوفل ضوّ رأى في حديث لـ “جنوبية” أن الإفراج عن الحكومة تم نظرا لأن “حزب الله” يريد الاستفادة من قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي، وتاليا فإن الوضع الحالي بالنسبة له هو أفضل وضع يمكنه من تحقيق مكاسب حكومية”، من هنا لم يستبعد اقتراب موعد تشكيل الحكومة بشروط “حزب الله”.

نوفل ضو
وفيما يتعلّق بالأداء الحكومي المتوقع إنطلاقا من طبيعتها التوافقية قال ضوّ إنه “لا يوجد شي يسمى حكومة وحدة وطنية وحكومة توافقية، لأنه عمليا لا يوجد توافق بين القوى السياسية على أغلب الملفات سواء في الكهرباء، أوحول الاستراتيجية الدفاعية وحتى في ما يخص ملف إدارة النفايات”، مؤكدا على أن “الاختلاف على الحصص الوزارية وتوزيع الحقائب هو العنوان الأكبر، في حين تشكل المحاصصة العنوان التوافقي الوحيد”.

السابق
جهاز ذكي يساعد على الحد من الاستهلاك المرتفع للكهرباء في المنزل
التالي
قاطيشا: المفاوضات في الغرف السرية ما زالت مستمرة من اجل تأليف حكومة وحدة وطنية