صور إسرائيلية لمصانع صواريخ في الضاحية: «التبجح» على حافة الهاوية

الإعلام الاسرائيلي ينشر مواقع لقواعد صواريخ تابعة لحزب الله... فما الهدف؟ وما دلالة التوقيت؟

اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حزب الله ببناء مواقع سرية لتحويل الصواريخ غير المطورة إلى أخرى موجهة، وذلك استجابة لمطلب إيراني. وأكّد نتنياهو أمس الخميس 27 أيلول في كلمته أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة أنّ الصواريخ التي يسعى الحزب لتجهيزها قادرة على ضرب العمق الاسرائيلي بدقة لا تتجاوز الابتعاد عن الهدف عشرة أمتار، لافتاً إلى أنّ ثلاثة من هذه المواقع أقيمت قرب مطار بيروت الدولي، وأنّ حزب الله يهدف من ذلك إلى استعمال السكان كدروع بشرية.

في السياق نفسه أكّد المتحدث بلسان جيش العدو الاسرائيلي للاعلام العربي أفيخاي أدرعي أنّ قادة حزب الله اتخذوا قرارًا بتحويل مركز ثقل مشروع الصواريخ الدقيقة الذي يتعاملون معه منذ فترة إلى المنطقة المدنية في قلب مدينة بيروت، معلناً أنّ المواقع التي جرت فيها محاولات من حزب الله لإقامة بنية لتحويل الصواريخ إلى دقيقة هي:
1: ملعب رياضي تابع لفريق مرتبط بالحزب.
2: موقع مجاور لمطار بيروت.
3: موقع يقع في قلب حي سكني ويعبد ما يقارب الـ500 مترا فقط عن مسار الهبوط في المطار.

وأشار أدرعي في سلسلة تغريدات تويترية إلى أنّ كل هذه النشاطات التي يقوم بها الحزب تهدف لتعريض المجتمع المدني اللبناني لخطر، موضحاً أنّ مشروع الصواريخ الدقيقة يتم تنفيذه استنادًا إلى خبرة وتكنولوجيا وتمويل وتوجيه إيراني.
ولفت أدرعي إلى أنّ إحدى المحاولات لنقل ميكانيات مخصصة لتحويل الصواريخ إلى دقيقة من سوريا إلى لبنان استهدفت من قبل إسرائيل في 17 أيلول.

وفيما أكّد أدرعي أنّ هناك مواقعاً أخرى في بيروت وخارجها ينشط فيها عناصر حزب الله في محاولة مماثلة لإقامة بنية تحتية مخصصة في المستقبل لتخزين أو تحويل صواريخ إلى دقيقة، أوضح بالتالي أنّ إسرائيل تتابع هذه المواقع من خلال قدرات ووسائل متنوعة ولديها معلومات عديدة عن مشروع الصواريخ الدقيقة وهي تتحرك في مواجهته من خلال رد عملياتي متنوع ومن خلال طرق عمل ووسائل مختلفة، وأنّ هذه الجهود قد أدّت إلى عدم تواجد أيّ مصنع فاعل في لبنان يقوم بتحويل الأسلحة من غير دقيقة إلى دقيقة بشكل صناعي.

هذه الاتهامات التي أعلنها نتنياهو ونشر تفاصيلها إعلام العدو، رفض حزب الله التعليق عليها، وذلك بحسب ما أشارت وكالة “رويترز”، إلى ذلك اتهم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في تغريدة تويترية اسرائيل بأنّها “تختلق الذرائع لتبرّر الاعتداء. ومن على منبر الشرعية الدولية تحضر لانتهاك سيادة الدول، متناسيةً ان لبنان دحرها وهزم عدوانها وغافلةً ان غطرستها و”صداقاتها الجديدة”.

إقرأ أيضاً: مسألة نظام.. وليست مسألة صواريخ!

الكاتب والمحلل السياسي خيرالله خيرالله أكّد في حديث لـ”جنوبية” أنّه “ليس ضروريًا أن تكون الصور الجوية التي وزعتها اسرائيل حقيقية، تعود أهمية ما فعلته اسرائيل إلى توزيع الصور”، مضيفاً “هذا العمل يشير إلى وجود نيّات مبيتة لديها تجاه لبنان خصوصًا بعد إعلان الامين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله عن امتلاك الحزب صواريخ دقيقة يستطيع استخدامها في أيّ مواجهة مع اسرائيل”.
وأوضح خير الله أنّ “مطار رفيق الحريري يبدو مستهدفًا بشكل واضح مع إعلان اسرائيل أنّ أحد المواقع التي فيها صواريخ يقع قرب المطار”، معتبراً أنّ “الرسالة الإسرائيلية مباشرة وفحواها أنّ من السهل اغلاق المطار وأنّ ردها على “حزب الله”، في حال حصوله، لن يفرق بين لبنان واللبنانيين من جهة وبين ما تعتبره البنية التحتية لـ”حزب الله” وصواريخه من جهة أخرى”.

خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله

ورأى خيرالله أنّه “من الواضح أنّ عدم ردّ “حزب الله”، أقلّه الى الآن، يشير إلى أنّ الحزب يتعاطى مع التهديدات الاسرائيلية بجدّية… أمّا كلام جبران باسيل، فهو كلام سطحي يعكس العجز عن استيعاب المعطيات الإقليمية والدولية. مثل هذا الكلام يندرج في سياق استرضاء “حزب الله” لا اكثر وذلك في وقت يعتقد باسيل ان الحزب سيوصله الى موقع رئيس الجمهورية”.

وختم الكاتب والمحلل السياسي خيرالله خيرالله، مؤكداً أنّه “لابد في هذه المرحلة من النظر إلى ما هو أبعد من لبنان، أي إلى ما يدور في المنطقة. المواجهة الأميركية – الإيرانية جدّية وعلى لبنان حماية نفسه بطريقة مختلفة، أي بعيدا عن مصالح “حزب الله” التي هي مصالح إيرانية. ليس بالكلام الذي لا معنى له، وهو كلام أكل الدهر عليه وشرب، يمكن حماية لبنان”.

إقرأ أيضاً: الإعلام الاسرائيلي ينشر صوراً لمواقع صواريخ أرض-أرض تابعة لحزب الله في مدينة بيروت

من جهة أخرى رأى  العميد الركن الدكتور نزار عبد القادر أنّ ما كشفه العدو الإسرائيلي “يقع في حرب التصريح والتصريح المضاد بينهم وبين حزب الله”، متابعاً “أعتقد أنّ الأخبار الإسرائيلية عن وجود صواريخ في الضاحية قرب مطار بيروت وإلى أخره هي رد على خطاب السيد نصرالله في أخر يوم بعاشوراء عندما تحدث بكبرياء وعلياء عن نصيحة للإسرائيليين بأن لا يدعموا ويضربوا وألا يحاولوا منع حزب الله من الحصول على صواريخ عبر سوريا لأنّ الحزب لديه الأعداد اللازمة من هذه الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة، والأمر قد فات الاسرائيلي”.
وأشار عبد القادر إلى أنّ “التصريح والتعالي والتبجح بما يملكه حزب الله لن يتركه الإعلام لاسرائيلي يمر من دون رد، وما تحدث به نتنياهو وما علّق عليه الإعلام الاسرائيلي هو محاولة للرد على التعالي الذي أظهره حزب الله عندما أراد أن يقول للإسرائيليين أنتم اغبياء قد فاتكم القطار ونحن لدينا ما يكفي”.
وتساءل عبد القادر:

“ما الفائدة التي يجنيها السيد حسن نصرالله في خطاباته من التبجح بشكل علني بسلاح حزب الله وبجهوزية الحزب”. مضيفاً: “أنا أرى أنّ هذه القضية لن تزيده قوة وأنها ضارة له وللبنان إذ تخلق أجواء في الواقع غير مريحة في البلد، لاسيما وأنّ هناك فئات من اللبنانيين يعتبرون أنّ هذه التصريحات استغلال للوضع اللبناني، وتذكير لمختلف الفئات التي لا تؤيد محور المقاومة بأنّ الحزب لديه أسلحة وقدرات كبيرة لا تملكها حتى اسرائيل”.

ولفت عبد القادر إلى أنّ ما يقوله نصرالله يراه البعض استفزازاً وكأنّ هذه التصريحات تأتي كأنّها رسائل للداخل أكثر من الخارج.

 

وفيما يتعلق بحقيقة الصور التي نشرها العدو أشار الخبير العسكري إلى أنّ “الحزب قد يكون لديه بعض المخابئ والمخازن في مناطق تواجده بما في ذلك الضاحية الجنوبية، ولكن لا يعني ذلك أن يقال أنّه نصب بهذه البقعة صواريخ، فالصواريخ التي يستعملها حزب الله ليس لها قواعد ثابتة، بالتالي ما من حاجة لبناء قواعد للإستعداد لحرب قد تأتي ولا تأتي. هذه الصواريخ عادة من النوع الخفيف والمتوسط و يمكن نقلها بسهولة وتركيزها في أماكن لإطلاقها خلال أوقات قصيرة وهي لا تطلب استعدادات زمنية تدفع الحزب لإقامة مثل هذه القواعد في أكثر المناطق اكتظاظاً في لبنان وهي مناطق شيعية بالمطلق”. وتابع عبد القادر متسائلاً “لماذا قد يحمل الحزب هذا الخطر لسكانه ولمناطق حيوية يحتاج إليها كعمق استراتيجي وكقواعد لوجيستية وكمراكز قيادات على كل المستويات”.

وفي الختام أكّد العميد الركن الدكتور نزار عبد القادر أنّه “على الرغم مما يجري إلا أننا لسنا أمام حرب، وأي من الجهات سواء حزب الله أو إيران أو النظام السوري مستعدة في الظروف الراهنة أو قادرة على خوض أي حرب. فإيران ببنيتها العسكرية في سوريا ضعيفة وهشّة ولا يمكنها القيام بعملية عسكرية ذات قيمة وحزب الله نصف قواته مرهونة بحرب في سوريا وهو لا يملك الأن فائض القوة لأخذ المبادرة في الدخول في حرب، أما النظام السوري فهو هالك كما نعلم وقواته منهكة وقد تناقص عديدها عشرات الالاف وليس جاهز لأي معركة، أكثر شيء يمكن القيام به هو التصدي بالصواريخ لهجمات الطيران الإسرائيلي على سوريا كرد فعل معنوي أكتر من رد فعل يعيد التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل”.

السابق
سجن الريحانية: سجن للإصلاح والتأهيل أم سجن للموت البطيء؟!
التالي
قرار إزالة المخالفات في الطريق الجديدة: ماذا عن أكواخ «أمن المقاومة»؟