ماذا لو دخلت الباخرة الموبوءة إلى لبنان؟!

ماذا كان ينتظر اللبنانيون؟! ومن يتحمل المسؤولية.. الباخرة البرازيلية التي كانت قادمة إلى لبنان من تركيا تطرح العديد من التساؤلات!

فجأة شعروا بالغثيان وأصيبوا بحالات قيء غريبة. أمعاؤهم تتمزق، ويترافق ذلك مع صداع لا يحتمل، حمى، إسهال، التهاب، تورم في الرقبة. الصليب الأحمر حضر فور اتصالهم على عجل ونقلهم إلى المستشفى، غير أنّ اللافت أنّ الحالة لم تكن فردية وغير محصورة بعائلة محددة.

عدة مستشفيات أبلغت الجهات المعنية عن استقبالها لحالات مصابة بجرثومة “غريبة”، وأنّ الأعراض وإن كانت تشبه التسمم إلا أنّها أكثر خطراً وفتاكة!
عشرات الإصابات في ساعات قليلة، سجّل عدد من الوفيات، الأجهزة الأمنية هرعت على الفور وفتحت تحقيقاً في هذا الملف، فيما تساءلت وسائل الإعلام عن مسببات هذه الحالة الصحية!

التحقيقات السريعة التي أجريت مع الحالات، كشفت رابطاً واحداً بينها جميعها ألا وهو تناول “لحم البقر” في وقت زمني متشابه! وبعد التحرّي والبحث، اكتُشِفَ أول اللغز، فاللحوم التي تناولها المصابون مصدرها “الأبقار المستوردة” التي أفرغتها مؤخراً باخرة برازيلية في مرفأ بيروت.
بيد أنّ المفاجأة ليست هنا، فالمختبر الذي فحص اللحوم المتبقية أكّد أنّها تحمل جرثومة “الجمرة الخبيثة”، مما يعني أنّ الأبقار التي أتت بها الباخرة “رحمة” هي أبقار موبوءة!
يبقى أنّ الكارثة الحقيقية هي كيفية التحرك لمعالجة الأشخاص الذين حملوا هذا الفيروس ولم تظهر عليهم أعراض الإصابة بعد، لاسيما وأنّ هذه الجرثومة لا تظهر اضطراباتها الصحية إلا خلال 7 أيام الإصابة بها!

سيناريو “الجمرة الخبيثة” الذي بدأنا فيه، ليس خيالياً ولا افتراضياً وإنما هو صورة واقعية لما كان سيحصل لولا أنّ بعض الإعلام قد أضاء بمهنية وجدية على هذه الكارثة وعلى نتائجها!
فالباخرة “رحمة” التي كانت من المتوقع لها أن تحط في مرفأ بيروت عند الساعة السادسة من مساء يوم أمس الأحد، كانت محملة بأبقار موبوءة مصابة بجرثومة الجمرة الخبيثة.
الصحافي والمتخصص بالشؤون التركية في “سكاي نيوز عربية” يوسف الشريف كان أوّل من كشف هذه “الكارثة”، وذلك في تغريدة تويترية مرفقة بتفاصيل الخبر الوارد في الموقع التركي، ليستلم مهمة البحث والتقصي زميله في سكاي نيوز  عربية” مكتب بيروت الصحافي سلمان العنداري!
على مدى يومين وفي سلسلة من التغريدات كشف العنداري تفاصيل الباخرة، وحركتها، فأوضح أنّ الوجهة الأولى للباخرة البرازيلية كانت ميناء تركيا غير أنّ السلطات في اسطنبول أعادتها ورفضت إفراغ حمولتها نظراً لاحتوائها أبقاراً مصابة بمرض “الجمرة الخبيثة”.
وحذّر العنداري من وصول هذه الباخرة إلى بيروت لاسيما وأنّ موعد وصولها مدرج على جدول السفن القادمة الى المرفأ.

إقرأ أيضاً: الباخرة التركية «إسراء سلطان» تخيّب امال أهالي كسروان

ما كشفه العنداري فرض تحركاً جدياً من النائبة عناية عز الدين، ووزير الزراعة غازي زعيتر، فيما استغل النائب زياد أسود هذا الملف في السجال السياسي معتمداً كعادته على سياسة الردح “التويتري” التي لا تؤدي إلاّ إلى الفتنة!

فضيحة الباخرة كشفت كذلك التناقض الكبير الذي ارتبط بتصريحات المسؤولين في لبنان، ففيما أكد البعض أنّها فارغة من أيّة حمولة، شدد البعض الآخر على أنّه لن يسمح لهذه الباخرة بأن ترسو في المرفأ، وأنّ لبنان “مش ناقصه أمراض”!

الحراك الإعلامي منع الباخرة من الوصول، وتوقفت بالتالي في عرض البحر بانتظار تحديد وجهتها المقبلة. ليبقى السؤال: من وراء هذه الباخرة؟؟ وما هي الصفقة أو بالأحرى أين هي القطبة المخفية؟ وماذا كان ليحصل لولا تغريدة “تويترية” إعلامية!
فيما السؤال الأهم: إن كانت حقاً الباخرة محملة بأبقار موبوءة؟ فهل هي الأولى؟ وهل دخل قبلها إلى بيروت!

إقرأ أيضاً: بين عائشة واسراء: باخرة الوزير سيزار لإنتاج فتنة سنية-شيعية

كذلك لا بد من الوقوف عند السجال السياسي، وتضارب التصريحات، وتحويل المعركة من إطارها “الصحّي”، إلى تراشق المسؤوليات وتبادل الاتهامات، في أجواء من المراهقة السياسية التي أصابت لبنان بشلل سلطوي!

وفي الختام، ومهما كانت الحقيقة التي تخفيها هذه الباخرة، فإنّ الدولة التي توافق على “محرقة” لا دور فعلي لها إلا قتل نصف أهل بيروت، لن تراعي الشعب في “جمرة خبيثة”!

السابق
روكز: الثورة الحسينية خالدة
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين في 17 ايلول 2018